قال الوكيل السابق لوزارة الكهرباء والماء جميل العلوي إن التقرير الذي نشرته الحكومة عن الانقطاع الكلي للكهرباء تجاهل الاسباب الحقيقية التي أدت إلى وقوع الكارثة في 23 أغسطس/آب الماضي والمتمثلة في تفشي الفساد في وزارة الكهرباء والذي كان من اثاره تهميش الكفاءات والتمييز الطائفي والاعتماد على أشخاص غير مؤهلين لشغل مناصب مهمة في وزارة ترتبط مباشرة بمصالح الناس ماعرض المملكة إلى كارثة يتوقع حدوثها مجدداً ان لم يتم استئصال الفساد الموجود في الوزارة بجميع اشكالة. وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير الكهرباء والماء الشيخ عبدالله بن سلمان الثلثاء الماضي أمام مجلس النواب انه لا يضمن عدم تكرار الكارثة في الصيف المقبل دعا العلوي إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من دون اعتبارات طائفية أو فئوية.كما دعا إلى إعادة هيكلة الوزارة معلقا في هذا الجانب أن المال والمعدات لا يمكنهما وحدهما حل المشكلة الكهربائية في المملكة ما لم يتم اولا تصحيح أوضاع الوزارة والاستعانة بالخبرات ذات الكفاءة العالية الموجودة داخلها وخارجها.والقادرة على إدارة جهاز مهم وحساس كقطاع الكهرباء.
وتطرق العلوي إلى السياسة المتبعة في الوزارة قــائلاً إنهــا أدت وستؤدي مستقبلا إلى حدوث إخفاقات كثيرة كنتيجة طبيعية لغياب الانضباط والمهنية في العمل وخصوصاً ان الكفاءات وصلت إلى حال من التدمر جراء السلوكيات الغير مهنية.
وعرى العلوي في لقاء مع «الوسط» التقرير الذي نشرته الحكومة حول اسباب الكارثة حينما اشار انه ركز على الجانب الفني للانقطاع، لكنه تحاشى الدخول في مسبباته الاخرى ولم يتطرق بصورة واضحة إلى الفترة الزمنية التي استغرقها إرجاع التيار الكهربائي، وقال في جانب آخر إنه توقع أن يخلو التقرير من توصيات تدعو إلى محاسبة المسئولين في الحكومة وشركة «ألبا» عن الأسباب التي أدت إلى وقوع الكارثة وجاء التقرير ليؤكد هذه التوقعات فضلا عن أنه لم يتطرق إلى حلول جذرية للمشكلة بكل أبعادها.
المتحدث ذكمر أيضاً أن اللجنة الوزارية التي شُكلت للتحقيق لا يمكن اعتبارها محايدة كونها اقتصرت على وزراء في الحكومة
رغم أن الاخيرة طرف أساسي في القضية متسائلا عن إمكانية حيادية اللجنة بتشكيلها الحكومي، وأضاف أن اللجنة افتقرت إلى أطراف تمثل مختلف الفعاليات في البلد سواء من تضرر بسبب الانقطاع الكلي للتيار من مؤسسات وجمعيات اهلية ذات صلة فضلاً عن افتقارها لافراد يملكون خلفية فنية في هذا الشأن.
وأكد في ذات الموضوع أنه كان يتوجب تكليف المؤسسة الاستشارية على أساس حيادي من دون أن تكون لها أية مصلحة في عملها وهو ما لم يحدث إذ قامت اللجنة الوزارية باختيار المؤسسة لتتولى التحقيق على رغم ارتباطها بعلاقة عمل في الوزارة إذ فرضتها الوزارة ووافقت عليها اللجنة ما اثر على الحيادية والموضوعية بشكل مباشر.
كما تطرق الى معلومات تؤكد ان الوزارة كلفت حينها أيضاً استشارياً آخر يعمل لديها لإعداد تقرير عن الانقطاع الكلي لكنه لم يقدم إلى اللجنة واصفا التقرير المعتمد أنه يفتقد إلى الحيادية والتغطية الشاملة لأسباب الانقطاع وخصوصاً أن الوزارة قيدت أعمال المؤسسة الاستشارية المكلفة بالتحقيق ان تبحث في نقاط معينة حول الحادث من دون تجاوزها، وطلبت الاجابة عليها ما جعل المؤسسة فاقدة لحرية التحرك بسبب التقييد المفروض عليها والذي على أساسه تم التكليف. في حين كان المفترض من الجهة الاستشارية أن ترفض تقييدها بنقاط مرجعية غير شاملة كي يتسنى لها العمل بحرية وحيادية كاملة ليخرج تقريرها شاملا.
وأضاف «طريقة نشر التقرير خالف توجيهات رئيس الوزراء الذي اكد في وقت سابق على نشر ما ستتوصل إليه اللجنة بكل شفافية لاظهار نتائج التحقيق للرأي العام في حين أن ما نشر لا يتجاوز كونه تقريرا مقتضبا و تسأل عما إذا كان التقرير الذي نشرته الحكومة خاصا باللجنة الوزارية أو صادرا عن المؤسسة الاستشارية مطالبا الوزارة وشركة «ألبا» التوضيح في هذا الشأن».
وفيما أكد أن الكارثة التي تعرضت لها البحرين - كما جاء في التقرير - يمكن أن تقع في أية دولة تحت أحسن الاحوال قال إن أمورا رئيسية عادة ما تؤخذ في الاعتبار لتفادي وقوع ما حدث منها رفع مستوى الصيانة الدورية للمعدات والالات في محطات الانتاج وشبكات النقل والتوزيع الاعتمادية لتحقيق الاستقرار الكامل.
وتطرق العلوي إلى عدم اهتمام وزارة الكهرباء بتدريب الموظفين وتأهيلهم إضافة إلى تهميش الكفاءات و اعتماد التمييز الطائفي معياراً لتسلم المناصب والمواقع المهمة وهو ما انعكس سلبا على أداء الوزارة بعد تعيين أشخاص غير مؤهلين لشغل هذه المناصب و خصوصا أنهم لا يملكون لادارتها أدنى قدرة إدارية أو معرفية في مجال عملهم.
إلى ذلك قال المتحدث إن ما جاء في التقرير لا يتجاوز الاستعراض التفصيلي الفني للحوادث التي أدت إلى الانقطاع الشامل فما تناوله التقرير المنشور حول موظفي وزارة الكهرباء «أنهم تصرفوا بشكل جيد تحت هذه الضغوط وكان بامكانهم التصرف بطريقة افضل لو ازداد تدريبهم باستخدام أنظمة المحاكاة الموجودة في مركز التحكم» يؤكد عدم كفاءة المهندسين والفنيين في مركز التحكم بسبب عدم الاستفادة من أجهزة التدريب المتوافرة لدى الوزارة وخصوصا فيما يتعلق باستخدام أنظمة المحاكاة. SIMULATOR
وانتقد العلوي في الوقت ذاته خلو التقرير بشكل تفصيلي الاسباب التي أدت إلى تأخير إعادة التيار الكهربائي إلى المواطنين إذ استغرقت نحو 16 ساعة لارجاع الكهرباء بشكل كامل.وقال إن هذه الفترة الزمنية غير مقبولة بحسب المعايير العالمية التي تعزى إلى التخبط في إرجاع التيار بطريقة سلسة ضمن خطط طوارئ. موضوعه مسبقا يتم تدريب المهندسين عليها وتحديثها بشكل دوري وأضاف «من بين الأسباب التي أدت إلى هذا التأخير عدم جاهزية المفاعلات المعطوبة وتوافر وحدة لتوليد الكهرباء في محطة الحد في حالات الانقطاع الكامل مع الاخذ في الاعتبار أن محطة الحد الأولى والثانية تمثل نحو 50 في المئة من القدرة الانتاجية في البحرين.
وفيما أكد أهمية تحديث وتعيين أجهزة الحماية التي تشمل جميع المعدات والشبكات في المنظومة الكهربائية والتأكد من فعاليتها باستمرار، إلا أنه كما ذكر التقرير فإن الوزارة وشركة البا لم يكونا مهيئتين للتعامل مع مثل هذه الحوادث الطارئة
العدد 830 - الإثنين 13 ديسمبر 2004م الموافق 01 ذي القعدة 1425هـ