ذكر تقرير لوكالة أنباء البحرين (بنا) أن قطاع السياحة يعد أحد القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تعول عليها أهمية كبيرة في تنشيط الاقتصاد الوطني بمملكة البحرين من خلال ما يوفره من عائدات مالية تسهم في زيادة حصيلة المملكة من النقد الأجنبي، وتنويع مصادر الدخل القومي فضلاً عن اضطلاعه بدور مهم في تشغيل العمالة الوطنية. وتأتي هذه الأهمية المتزايدة لقطاع السياحة في البحرين في ظل تنوع وتميز مكونات الثروة السياحية للمملكة، والمتمثلة في السياحة التاريخية والأثرية والدينية والعلاجية والبحرية وسياحة المؤتمرات وغيرها، الأمر الذي أسهم في تدعيم وضع المملكة على خريطة السياحة الإقليمية والعالمية.
وأشار التقرير إلى أن البحرين تبذل جهوداً كبيرة لدعم وتطوير القطاع السياحي فيها وتنميته على مختلف الأصعدة ليواكب التنمية الشاملة في جميع القطاعات الحيوية الأخرى من خلال الاهتمام بتهيئة البنية الأساسية للقطاع السياحي وتقديم جميع الإجراءات والتسهيلات المشجعة لنمو هذا القطاع الاقتصادي المهم.
وأشار التقرير إلى أن قطاع السياحة شهد انتعاشاً كبيراً في ظل توافر الكثير من المقومات المميزة للمملكة بتاريخها العريق، وتوافر مناطق الجذب السياحي الجديدة فيها، إذ تتمتع البحرين بموقع استراتيجي متميز على الخليج العربي يتمتع بالهدوء وجمال الطبيعة التي ازدادت جمالاً في ظل ما تشهده البحرين من استقرار سياسي وانفتاح ديمقراطي واقتصادي أشادت به المنظمات الدولية، وتفاعل معه الشعب بصورة إيجابية، ما كان له بالغ الأثر في جعل البحرين بؤرة استقطاب اقتصادي وسياحي تتوافر فيها جميع مقومات الأمان والحرية والاستقرار. وذكر التقرير أن المملكة تتميز ببنية تحتية متقدمة من شبكات كهرباء واتصالات تتميز بتعدد خدماتها وتطورها، فضلاً عن ازدهار النشاط التجاري والمالي في البلاد، إلى جانب وجود شبكة واسعة ومتكاملة من وسائل النقل البري والبحري والجوي، ويشار في هذا الصدد إلى الدور المحوري الذي لعبه جسر الملك فهد منذ افتتاحه في العام 1986 للربط بين البحرين والسعودية في جعل المملكة وجهة ممتازة لغالبية الزوار وخصوصاً الخليجيين في ظل كونه معبراً استراتيجياً لدخول 94 في المئة من زائري البحرين، إضافة إلى تقدم خدمات النقل البري بعد خصخصتها، ووجود 20 مكتباً للنقل البري، فضلا عن تطور خدمات النقل الجوي في ظل التطورات التي شهدها مطار البحرين الدولي ومسايرته لأحدث تكنولوجيا صناعة المطارات في العالم، واهتمام شركة طيران الخليج بتوفير أسعار تنافسية والسعي نحو استقطاب طيران التشارترد وذلك لجذب الأفواج السياحية.
وبين التقرير أنه تتوافر في المملكة الكثير من التسهيلات لتطوير الحركة السياحية في البلاد، في إطار سياسة الانفتاح، كتسهيل إجراءات الدخول إلى البلاد من خلال العمل بالتأشيرات الموحدة لدول مجلس التعاون ومنح التأشيرات للعرب المقيمين في دول الخليج وللعرب من الدول الأخرى، فضلاً عن إعادة النظر في القوانين المنظمة للنشاط السياحي من أجل تسهيل عمل المستثمرين في هذا القطاع، وتشجيع القطاع الخاص على المبادرة إلى تنفيذ المشروعات السياحية الضخمة التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة.
ولعل ما يساعد على تطور وتقدم القطاع السياحي في مملكة البحرين ما تتمتع به المملكة من موروث طبيعي واجتماعي وحضاري متميز جعلها مقصداً للسياحة الراقية في المنطقة بمختلف أنواعها العائلية وسياحة رجال الأعمال والسياحة الرياضية والثقافية، وسياحة المعارض والمؤتمرات، وغيرها بما يعود عليها بمردود اقتصادي واجتماعي كبير.
ففيما يتعلق بالسياحة الثقافية، تتميز المملكة بوجود الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية مثل قلعة البحرين «أهم معلم أثري في الخليج العربي»، وقلعة عراد وقلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح، وغيرها من المواقع السياحية والتاريخية التي تعود لحضارات دلمون، تايلوس، أوال، والحضارة الإسلامية، كما يوجد بها متحف البحرين الوطني الذي يعد من أبرز المتاحف في المنطقة.
وتعتبر السياحة البينية من أنماط السياحة المهمة في البحرين إذ تحظى البحرين بوجود أماكن التنوع البيولوجي والبيئة الطبيعية الجميلة والمحميات الطبيعية كمحمية العرين وغيرها من المحميات التي توجد بها أنواع نادرة ومهددة بالانقراض من الطيور والحيوانات البرية والبحرية والشعب المرجانية، ويتم حالياً تشجيع السياح وزوار البحرين على زيارة هذه الأماكن بما يعمل على دعم وتشجيع السياحة البيئية. كما تتميز البحرين بسياحة المؤتمرات والمعارض، إذ تحرص الكثير من الشركات العالمية الكبرى المتخصصة على إقامة المؤتمرات والمعارض المختلفة في البحرين، وذلك لما يتمتع به مركز المؤتمرات الدولية ومركز البحرين الدولي للمعارض من سمعة دولية مشهودة، وتميز المملكة كمركز تجاري ومالي رئيسي في المنطقة، الأمر الذي جعلها مركزاً جاذباً للكثير من رجال الأعمال العرب والأجانب، بالإضافة إلى الزائرين ورجال الإعلام من مختلف أنحاء العالم. وبالنسبة إلى السياحة الرياضية، فإن البحرين تتمتع بإمكانات متميزة في هذا المجال، في ظل وجود ملاعب للغولف، وتشجيع رياضة الفروسية وسباقات القدرة، وقيام الشركات السياحية والمستثمرين بتنظيم بطولات رياضية عالمية مختلفة، وفي هذا الإطار جاءت استضافة البحرين لسباقات الفورمولا 1 العالمية في شهر ابريل/ نيسان الماضي. كما أصبح هناك اهتمام متزايد بالسياحة البحرية، في ظل تشجيع الرياضات المائية في المملكة من خلال عرض أسعار تشجيعية تنافسية للرحلات البحرية وتدعيم السياحة البحرية بشتى أنواعها لجذب السياح الشغوفين للتمتع بالمناظر الرائعة والخلابة للمياه في الخليج. وتوقع التقرير أن يكون للسياحة العلاجية أحد أهم أنماط السياحة في البحرين مستقبل في ظل تميز الخدمات الصحية والعلاجية بالمملكة، والتي تجعل السائح حريصاً على الإقامة لفترة طويلة مقارنة بأنواع السياحة الأخرى. وتعمل المملكة على إنشاء فنادق بيولوجية تعتمد بالدرجة الأولى على إعادة بناء الجسم روحا وعقلا. أما بالنسبة إلى الخدمات الفندقية، فإن عدد الفنادق العاملة في البحرين ارتفع من 71 فندقاً العام 1998 إلى أكثر من 90 فندقاً خلال العام الجاري من جميع الدرجات من بينها فنادق عالمية تقدم خدمات راقية مثل: الشيراتون والهيلتون، ريتزكارلتون البحرين، الريجنسي انتركونتننتال، كراون بلازا، إلى جانب فندق الخليج، والدبلومات، وغيرها. وقد شهد عدد الغرف الفندقية ارتفاعاً من 5307 غرف العام 1998 إلى 12500 غرفة في ابريل الماضي كما بلغ عدد الأجنحة أكثر من 1100 جناح سياحي العام 2004 ارتفاعاً من 793 جناحاً العام 1998 الأمر الذي وفر الأرضية الملائمة لتنشيط الحركة السياحية. ويبلغ عدد المرافق السياحية في البلاد حاليا ثلاثة منتجعات سياحية بالإضافة إلى النادي البحري، و34 مكتب سياحة، و36 مكتب سفر، و79 مكتب سياحة وسفر، كما يوجد 84 مطعما مخصصا للخدمات السياحية، و31 محلا لبيع التحف والهدايا، وثلاث سفن للرحلات البحرية و12 مكتبا لتقديم خدمات سياحية، و7 مكاتب لإدارة الفنادق. ووسط كل هذه المقومات السياحية، فإن مملكة البحرين تحرص على تعزيز مكانتها كمركز للسياحة العائلية النظيفة من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات السياحية إلى المستوى الحضاري للبلاد، وبما يجعل البحرين نموذجاً للسياحة الراقية التي تتماشى مع القيم والتعاليم الإسلامية.
ومن هذا المنطلق، أخذت أعداد السياح القادمين إلى المملكة في الارتفاع من 64 ألف سائح العام 1985 إلى 2,6 مليون العام 1998 قبل أن تقفز بدرجة كبيرة إلى أكثر من 4 ملايين سائح العام الجاري «عبر مطار البحرين الدولي»، أي بنسبة نمو كبيرة بلغت 360 في المئة سنوياً خلال السنوات الـ 19 الماضية. إن القطاع السياحي يلعب دوراً مهماً في تنشيط الاقتصاد الوطني، ولاسيما في ضوء ارتفاع الإنفاق السياحي من 780 مليون دينار العام 1995 إلى مليار دولار العام 1998 ثم إلى أكثر من ملياري دولار العام 2002 لترتفع مساهمة القطاع في إجمالي الناتج المحلي إلى أكثر من 10,8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وبالإضافة إلى ذلك يعد قطاع السياحة أحد القطاعات المهمة التي تسهم في إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين، إذ ساهم في توفير فرص عمل في الخدمات السياحية بنسبة 17 في المئة من إجمالي قوة العمل في المملكة، إلى جانب إيجاده وظائف تخدم صناعة السياحة كشركات السياحة والسفر. وتعمل مملكة البحرين حاليا على رفع مساهمة القطاع السياحي إلى 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، في إطار استراتيجية تهدف إلى تطوير البنية التحتية السياحية بشتى أنواعها وتوفير مناخ ملائم للاستثمار وجذب السياح إلى المملكة في آن واحد، من خلال عدة خطوات أهمها زيادة الموارد المالية المخصصة لقطاع شئون السياحة، إذ بلغ نصيبه من الموازنة الإجمالية 1,302 مليون دينار العام 2003، ونحو 1,198 مليون دينار العام الجاري
العدد 833 - الخميس 16 ديسمبر 2004م الموافق 04 ذي القعدة 1425هـ