انتهت مساء أمس (الأربعاء)، في جامعة كامبريدج البريطانية العريقة، فعاليات اجتماع الخبراء الذي نظمته الجمعية العربية بكامبريدج، والذي جمع عددا من كبار الخبراء في العلوم والتكنولوجيا، لرسم خطوط مستقبل التنمية في الدول العربية، وتأسيس شبكة من العلماء والخبراء العرب في بلاد المهجر، تكون حلقة الوصل بين المؤسسات العلمية والتكنولوجية والقطاع الخاص، بغرض التخفيف من تحديات الأزمة المالية العالمية.
صرح بهذا رئيس الجمعية العربية بجامعة كامبريدج طلال الميحاني، مؤكدا أن جهود العلماء والتكنولوجيين العرب مشتتة، ولذلك فإن من الضروري تأسيس شبكة عربية تجمع هؤلاء الخبراء على مستوى الأفراد والمؤسسات خارج الوطن العربي، لربطها بالدول العربية، مشددا على أنه تمت دراسة تجربة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، والتي تعد نموذجا، لبحث إمكانية تعميمه، فيما يتعلق بآليات بناء مجتمع المعرفة العربي. ولهذا تم اختيار المؤسسة لتكون أحد الأطراف الرئيسية لرعاية هذه الشبكة.
هذا، وناقش الخبراء العرب، تحديات الأزمة المالية العالمية، وسبل التخفيف من آثارها عبر توظيف العلوم والتكنولوجيا لتحقيق التنمية الاقتصادية، بعيدا عن الأموال الساخنة في أسواق المال.
في سياق متصل، شدد رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا عبدالله النجار، على أهمية بناء مجتمع واقتصاد المعرفة العربي، وخاصة أن «عقدة الأجنبي» لاتزال تسيطر على البعض، حيث تتم الاستعانة بخبراء أجانب، بدلا من الكفاءات العربية. وإن كان هذا الأمر ليس مرفوضا في مجالات، إلا أنه لا يجب أن يكون على حساب الكفاءات العربية.
وأوضح النجار أن التطلع إلى المستقبل بالنسبة إلى الدول العربية، يجب أن يعتمد على التنمية البشرية، القائمة على الابتكار والمبادرة، لتحقيق النمو الدائم، واستكشاف ما لديها من إمكانات هائلة، وأعضاء هذه الشبكة من علماء ومؤسسات علمية قادرون على تحقيق هذه الأهداف.
وشدد على صياغة وتطبيق نموذج عربي أصيل للابتكار والإبداع، يناسب خصوصية مجتمعاتنا العربية، ويساعدها على مواجهة التحديات، والمتمثلة في بناء مجتمع المعرفة، ومواجهة المعدلات المرتفعة للبطالة وخلق جيل جديد من الكوادر الريادية القادرة على إدارة مؤسسات مجتمع المعرفة، وتأسيس وإدارة مشاريع تكنولوجية صغيرة ومتوسطة تقود قاطرة التنمية العربية. وقال إنه «هنا تشعر المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا بالمسئولية الكبيرة، نظرا إلى اعتبارها من المؤسسات العربية الرائدة في هذا المجال، وترحب القيام بدور نقطة المركز بالنسبة لهذه الشبكة».
ومن ناحيته، أكد الخبير والعضو السابق بلجنة الخبراء للعلوم والتكنولوجيا بالأمم المتحدة، ومدير المكتب الإقليمي للعلوم والتكنولوجيا باليونيسكو عدنان شهاب الدين، ضرورة توفير البيئة المناسبة لمنع هجرة الكفاءات العربية للخارج، واستخراج الابتكار من الباحثين والمخترعين العرب من مختلف الأجيال. وتحدث رئيس الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية عبداللطيف الحمد، عن أهمية توفير الاستثمارات اللازمة لتحويل جهود العلماء والمؤسسات العربية إلى منتجات تسد احتياجات التنمية العربية، مؤكدا أهمية التحالف بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص برعاية من الحكومات العربية لدعم خطط التنمية، وخاصة أن هذه الصياغة ثبت نجاحها في العديد من التجارب الدولية مثل كوريا الجنوبية وماليزيا.
وفي سياق متصل، أكد أستاذ هندسة المياه والبيئة بجامعة جون موريس في ليفربول ومدير كرسي دراسات البناء والهندسة المدنية رافيد الخدار، أن «كل عناصر التنمية متوافرة في الدول العربية، من حيث الموارد الطبيعية والبشرية، والعقول العربية، إلا أننا في حاجة إلى مزيد من الثقة من جانب صانع القرار والرأي العام العربي، وخاصة أن هذه الثقة ستمنحنا مزيدا من الحرية والمسئولية لتقديم نموذج عربي للتنمية، وخصوصا أن الأزمة المالية العالمية كشفت عن مثالب عميقة في النظام الإداري الغربي».
أما المدير العام للجنة البحث العلمي بسورية آصف دياب، فأكد «أهمية صياغة خطط تنمية عربية، تناسب الخصوصيات القطرية لكل دولة، مع الاستفادة من تجارب الاتحاد الأوروبي والنمور الآسيوية، والتي تجمع كل منها ملامح تحقيق التكامل والاعتماد المتبادل، بعيدا عن النعرات المحلية التي جعلتنا لا نتمتع بقوة تفاوضية كبيرة في النظام الاقتصادي الدولي».
العدد 2387 - الخميس 19 مارس 2009م الموافق 22 ربيع الاول 1430هـ