العدد 2814 - الخميس 20 مايو 2010م الموافق 06 جمادى الآخرة 1431هـ

تحديات العمالة في الخليج... والحاجة إلى استراتيجية شاملة

ريتشارد شدياق
ريتشارد شدياق

تُعتبَر البطالة من أكبر التحديات التي يواجهها مجلس التعاون الخليجي، فمن شأن هذه المشكلة أن تنعكس سلبا على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتهدّد معايير المستوى المعيشي، وتولّد تفاوتاً اقتصادياً. وبحسب دراسة جديدة لمركز الفكر (Ideation Center) في بوز أند كومباني، وهو يضم مجموعة خبراء في شئون الشرق الأوسط، تشكّل البطالة المقنعة (العمالة الفائضة والعمالة الناقصة التي لا تتلاءم مع المهارات المطلوبة) بدورها مشكلة، كون الحكومات في دول المجلس هي المستخدِم الأوّل للمواطنين الذين غالباً ما يفتقدون إلى المؤهلات التي تمكّنهم من التنافس مع أقرانهم من القطاع الخاص، فلا يبقى للأخير سوى الاعتماد على العمالة الأجنبية.

تتعدّد أسباب البطالة في مجلس التعاون الخليجي، نظام تربوي لم يتلاءم مع حاجات الصناعة الحديثة، مواطنون تعودوا على توقّع الدعم الدائم من الحكومات، وسياسات، مثل الهجرة والتقاعد، لم تثبت فعاليتها في سوق العمل. وتزداد حدّة المشكلة بفعل الضغط على المنطقة لاستحداث مئات آلاف فرص العمل سنوياً، وفق توقعات البنك الدولي الأخيرة، ستتخطى القوة العاملة في مجلس التعاون الخليجي 20.5 مليوناً بحلول العام 2020 ما يمثّل زيادة بحوالي 30 % من التقديرات الحالية للقوة العاملة التي تبلغ 15.6 مليوناً.

وبحسب ريتشارد شدياق، الشريك في بوز أند كومباني: « إذا أرادت المنطقة إيجاد حلّ للمشاكل المتعلقة بالبطالة، عليها أن تحدِث تغييرات في القطاع العام و الخاص كما في الثقافة».


تحديات العمالة

في العام 2008، تمّ تقدير البطالة الوطنية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بحوالي 13 و14 في المئة، و15 في المئة في البحرين وعمان، على الرغم من النمو السريع في اقتصادات تلك الدول منذ العام 2003. أمّا قطر، فعانت من بطالة بنسبة 3.2 في العام 2007 (بعدما انخفضت من 11.6 في العام 2001). ويفيد مدير مركز الفكر وخبير اقتصادي رائد في بوز أند كومباني حاتم سمّان: «قد يشير هذا الانخفاض في مستويات البطالة في قطر إلى مشكلة كامنة بمجلس التعاون الخليجي، حيث عادة ما تمثّل الحكومات في المنطقة الملاذ الأوّل والأخير بالنسبة لتوظيف المواطنين». وتكمن هذه المشكلة في عوامل أخرى عديدة مثل حالة التوظيف (كالبطالة المقنعة) وغياب النشاط الاقتصادي وفعالية الخطط الاستراتيجية.


حال التوظيف في مجلس التعاون الخليجي

يتبلور حال التوظيف أكثر عندما يتم تجزئته والنظر إليه في إطار فئتَين اجتماعيّتين: الفئة الناشطة اقتصادياً، التي تشمل العاملين والعاطلين عن العمل في سنّ العمل، والفئة غير الناشطة اقتصادياً التي تشمل الفئة من المجتمع التي لا تبحث بشكل ناشط عن وظيفة.


نشاط اقتصادي مع بطالة - التحدي الواضح

تظهر الخصائص التالية لدى الناشطين اقتصادياً من بين العاطلين عن العمل في مجلس التعاون الخليجي:

غالبيتهم ما دون الـ 30: 48 في المئة من السعوديين بين الـ 20 والـ 24 من العمر يعانون من البطالة، بالإضافة إلى 31 في المئة ممّن تتراوح أعمارهم بين25 و29 عاماً. وفي البحرين، 32 في المئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً يعانون من البطالة، ناهيك عن 33 في المئة من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 25 والـ 29.

يتميّز هؤلاء بمستويات تعليمية متدنية، عدد كبير من العاطلين عن العمل في دول مجلس التعاون الخليجي لا يحملون شهادات جامعية.

غالبية العاطلين عن العمل من النساء، تعاني النساء من البطالة أكثر من قرنائهن الرجال. ففي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال، بلغت معدلات البطالة بين النساء في المرحلة الأولى من التعليم الثلاثي 30 و24 في المئة على التوالي في العام 2008.

تمتدّ فترة البطالة طويلاً: على الرغم من ندرة البيانات، تشير الأرقام البحرينية إلى أنّ 13 % من المواطنين العاطلين عن العمل لم يعملوا لمدة بلغت 8 سنوات.


نشاط اقتصادي مع بطالة مقنعة

يمثّل الموظفون الجزء الثاني من المجتمع الناشط، ويعمل معظمهم في القطاعات الحكومية، ما يمثّل أكثر من 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في معظم دول المجلس، فيما يعمل جزء صغير منهم في القطاع الخاص. وفي حالات عدة، يعاني الموظفون من المواطنين من العمالة الزائدة والناقصة، الأمر الذي يتميّز بالانعكاسات الاقتصادية نفسها التي تؤدي إليها البطالة، مثل التأثير السلبي على الإنتاجية الاقتصادية في المنطقة.

فالعمالة الزائدة عن الحاجة جزء من المشكلة، حيث يشكل عدد الموظفين في القطاع العام فائضا كبيرا ما يؤدي إلى غياب الفعالية على مستوى خدمات حكومية عدة. وفي القطاع الخاص أيضاً أدى فرض الحصص إلى إدخال المواطنين في جداول الرواتب بدون الاستفادة منهم على مستوى الإنتاجية.

أما العمالة الناقصة فهي متفشية وخاصة في القطاع العام فقد أدى الاعتماد الكبير لاقتصاد المنطقة على النفط إلى استخدام إيراداته الوافرة لتوظيف المواطنين في القطاعات العامة التي باتت تمثل جزءاً كبيراً من اقتصاديات دول المنطقة. وأدى ذلك بالتالي إلى ثغرة كبيرة بين المهارات المطلوبة من القطاع الخاص والمهارات المتوافرة في القوة العاملة، حيث اعتمد سوق العمل في القطاع العام بصورة كبيرة على توظيف المواطنين الذين غالبا لا يتطلبون دراسات علمية أو تقنية بينما اعتمد القطاع الخاص على العمالة الأجنبية الأكثر تقنية. وقد انعكس ذلك حتى يومنا هذا في التحديات التي يطرحها استبدال الوافدين الأجانب بالمواطنين - وغيرها من التعقيدات ذات الصلة مثل المعدلات المرتفعة للتحويلات المالية التي تؤثر سلبا على اقتصاديات المنطقة، كما تجسّدت هذه الظواهر في تحديات اقتصادية أخرى مثل إنتاجية العمل المنخفضة.

العدد 2814 - الخميس 20 مايو 2010م الموافق 06 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:51 ص

      موظف

      انا موظف في إحدى الشركات الخاصه بي 40 % من العماله الاجنبيه التي تجلب الي البحرين على اساس الخبره و لكن للاسف يتم تدريب هذه العماله ويترك المواطن بلا تدريب و لا وظيفة والأجنبي معزز مكرّم بوظيفة وراتب وسكن مجاني والمواطن يعاني.
      هذا حال ديرتنا...

    • زائر 1 | 4:42 ص

      جامعيين

      60 % من العاطلين في البحرين هم جامعيين يحملون شهادات البكرليوس و الماجستير

اقرأ ايضاً