في حملة احتجاجات عارمة تحت شعار «لن نرضخ لهذا الطراز الرأسمالي المتحكم في السلطة والثروة»، احتلت آلاف الريفيات والمزارعات البرازيليات وزارة الزراعة، ومصانع الورق والسكر، والمزارع، ومنشآت شركات عالمية، بل والشوارع في مختلف أرجاء البرازيل.
وتزامنت «حملة المزارعات ضد الصناعات الزراعية» التي دامت أسبوعا وتتواصل في شهر أبريل/ نيسان المقبل، مع تزايد تعرض كبرى المنظمات الريفية البرازيلية «حركة العاملين الريفيين المحرومين من الأرض» لمهاجمات من قبل المسئولين عن العدالة والسلطات المحلية وتنظميات كبار ملاك الأراضي والشركات العالمية.
فقد طعن رئيس المحكمة الفيدرالية العليا جيلمار مينديز، في صلاحية تمويل الحكومة لبعض أنشطة ومستوطنات حركة العاملين الريفيين، التي اتهمها بارتكاب ممارسات غير قانونية باقتحامها المزارع والضغط لمصادرتها في خدمة الإصلاح الزراعي.
وبدورها، قررت حكومة ولاية ريو غرندي دو سول، جنوبي البرازيل، إغلاق المدارس المتجولة التي تستعين بها حركة الريفيين المحرومين من الأرض لنشر التعليم بين مئات الأطفال المقيمين في معسكرات ومخيمات ريفية في انتظار تسليم الأراضي التي وُعدوا بها.
وللعلم، تقدر الحركة الريفية أن هذه المعسكرات والمخيمات تأوي 130,000 عائلة فقط من إجمالي 4 ملايين عائلة محرومة من الأرض في مختلف أنحاء البرازيل.
كما أصدر عدد من القضاة أحكاما تحظر تخصيص الحكومة أموالا لمشروعات منظمات غير حكومية ذات صلة بالحركة الريفية، ومنها الرابطة الوطنية للجمعيات التعاونية الزراعية، بتهمة تحييدها لصالح ممارسات غير قانونية كاقتحام المزارع.
وفوق هذا وذاك، هددت كونفدرالية الزراعة وتربية الماشية في البرازيل التي تمثل الصناعات الزراعية، بإجراءات قضائية ضد حاكمة ولاية بارا الشمالية آنا كاريبا، لعدم تنفيذها العديد من الأوامر القضائية بإعادة مزارع احتلها الريفيون المحرومون من الأرض، إلى ملاكها.
حتى الرئيس البرازيلي لويز إناثيو لولا دا سلفا تدخل في القضية. فقد علق على مقتل أربعة حراس خاصين في مزرعة بولاية بيامبوكو الشمالية الشرقية منذ أسبوعين - الذي أكدت حركة الريفيين المحرومين من الأرض أنه «دفاع عن النفس» - قائلا إن هذا «غير مقبول».
ويشار إلى أن الحركة قد ابتعدت عن الرئيس لولا في الأعوام الأخيرة، لاعتبارها أن حكومته قد تخلت عن الإصلاح الزراعي الذي وعدت به، وأنها تواتي مصالح كبرى الصناعات الزراعية، حتى وإن كانت قد وزعت قطعا من الأراضي على مئات الآلاف من الأسر الريفية المعدمة، ودعمت الزراعية العائلية بتقديم قروض وشراء إنتاجها الغذائي.
هذا، وقد أكدت المنسقة بحركة الريفيين المحرومين من الأرض والمشرفة على احتجاجات الريفيات، مارينا دوس سانتوي، لوكالة «إنتر بريس سيرفس» أن الحملة تستهدف قطاع الصناعات الزراعية باعتباره محورا «لنموذج زراعي متأزم بالفعل».
وشرحت أن الريفيات والمزارعات البرازيليات قد حشدن صفوفهن لمدة أسبوع من الآن، لكن الاحتجاجات ستستمر في أبريل المقبل أيضا، علما بأن دور المرأة في هذا الشأن ليس بجديد وإنما بدأ منذ بضع سنوات. وذكرت بقضية حرق المزارعات والريفيات لأراضٍ مزروعة ببذر الصويا المعدلة في جنوب البرازيل منذ ستة أعوام.
وعن اتهامات الجهات المختلفة للحركة باتباع أسلوب المواجهة والتحريض عليها، قالت إن «عملية القمع» التي تمارسها «السلطات القضائية، والحكومة، ووسائل الإعلام ضد الحركة، تسعي إلى كبح التعبئة الشعبية»، الآن وقد أدركت أن نموذج التنمية السائد «قد فشل ويتسبب فقط في التدهور الاجتماعي والبيئي».
ثم أكدت مارينا دوس سانتوي أن الإصلاح الزراعي يعتبر حلا للأزمة العالمية لأنه يقوي الأسواق الداخلية ويعزز السيادة الوطنية والغذائية.
العدد 2391 - الإثنين 23 مارس 2009م الموافق 26 ربيع الاول 1430هـ