عشرون شهرا أكملها دييغو مارادونا في قيادة المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم، لم يستطع خلالها البلد اللاتيني متابعة الأحداث المتلاحقة. هزائم تاريخية وتأهل مونديالي عسير وإيقاف من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بسبب تصريحاته البذيئة وأمل شعب في معشوقيه الكبيرين، مارادونا وليونيل ميسي، والنهاية خروج من دور الثمانية لمونديال جنوب إفريقيا على يد ألمانيا مرة أخرى.
منذ البداية كان اللاعب الأفضل في العالم طوع أمره لكن دون بريق، لكنه قرب النهاية استفاد من عبقريته في بطولات كأس العالم ليدفع مهاجم برشلونة أخيرا إلى تقديم أفضل أداء له بقميص الأرجنتين، حتى لو لم يحرز أهدافا ولو لم يتحقق الهدف.
وكان اختيار أسطورة الكرة لمنصب المدير الفني للأرجنتين في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2008 ضربة مدوية من جانب رئيس اتحاد الكرة المحلي خوليو جروندونا. وعلى رغم أن نجل سلفه ألفيو باسيلي أطلق اتهامات حول وجود مؤامرة نفذها مارادونا للحصول على منصب والده، تمكن مارادونا من تحاشي الاتهامات وأخرس الجدل القائم.
وبخبرة شبه منعدمة في مجال التدريب، بدأ مارادونا المدير الفني مشواره في نوفمبر/ تشرين الثاني العام 2008 بقيادة المنتخب الأرجنتيني نحو فوز ودي على أسكتلندا 1/ صفر في مباراة استدعت صحافة العالم كله إلى غلاسكو.
بعد ذلك كان عليه الانتظار حتى مارس/ آذار العام 2009 ليبدأ مشواره الرسمي في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة إلى المونديال، التي ترك باسيلي الفريق في وضع حرج بها. وجاء الموعد الأول للأسطورة مع الأرجنتين ليقدم الفريق وجها قويا يبشر بفترة واعدة. وأمام منافس لم يبد مقاومة، فازت الأرجنتين على فنزويلا 4/ صفر. لكنها بعد ستة أيام فقط سقطت في لاباز 6/1 أمام بوليفيا في نتيجة عادلت الهزيمة الأسوأ للأرجنتين في تاريخها مع المونديال أمام تشيكوسلوفاكيا العام 1958.
وغرق الأرجنتينيون في بحر من الشكوك، وتركتهم الهزائم الثلاث المتتالية أمام الإكوادور والبرازيل وباراغواي في وضع حرج. ومع الظهور المتألق للمهاجم المخضرم مارتين باليرمو بهدف تحت الأمطار الغزيرة وفي الوقت بدل الضائع أمام بيرو، لاح نور الأمل في مشاركة مونديالية جديدة بحضور مارادونا مديرا فنيا هذه المرة.
وكان قائد المنتخب الأرجنتيني المتوج في مونديال المكسيك العام 1986 يحلم بإضافة لقب جديد إلى سجله كمدرب ولم يكن يضمن فرصة ذلك حتى تنفس الصعداء في مباراة «دربي» نهر لابلاتا.
فقد فازت الأرجنتين على أوروغواي 1/ صفر في مونتفيديو لتقتنص آخر تذاكر التأهل المباشر إلى جنوب افريقيا عن قارة أميركا الجنوبية واحتفل مارادونا بالأمر بسب الصحافة بعبارات طافت العالم.
وقرر الفيفا إيقافه لشهرين، وأكمل هو العقوبة بحذافيرها. ثم عاد في يناير/ كانون الثاني شخصا آخر، حذر، صموت وعازم على مواصلة استدعاء لاعبين جدد للفريق من أجل صنع هوية له.
استدعى أكثر من 100 لاعب منذ تولى المسئولية، وكون منتخبا بديلا جعله يلعب أمام منافسين أقل مستوى، كي يدفع في النهاية بفريق متألق على مستوى الهجوم يضم عددا من أفضل مهاجمي العالم ودفاع لا يقنع وخط وسط يفتقد إلى التوازن. وجاء الفوز على ألمانيا وديا في مارس الماضي في قلب ميونيخ ليستعيد معه الثقة سواء في الفريق أو في الجماهير الأرجنتينية، ويخوض مونديال جنوب افريقيا بآمال عريضة.
أغلق الباب على منتخبه في معسكر بمدينة بريتوريا ومنح الفريق شكلا ظهر بوضوح في الدور الأول، في مجموعة كان من المؤكد أن فرقها لن تسبب الكثير من المتاعب، ضمت نيجيريا وكوريا الجنوبية واليونان.
ووصل الفريق إلى دور الستة عشر بمعدل تهديفي يفوق باقي المنتخبات، إذ تغلب على المكسيك 1/3، بينها هدف احتسب لكارلوس تيفيز المتسلل. وجاء التحدي الحقيقي أمام ألمانيا، التي كشفت الفريق بفوز عريض 4/ صفر. فريق ضم مجموعة من أفضل لاعبي العالم وأعلاهم مهارات، في مقدمتهم ميسي، إلا أن مارادونا لم يتمكن من دفعهم للتألق.
العدد 2859 - الأحد 04 يوليو 2010م الموافق 21 رجب 1431هـ