العدد 2867 - الإثنين 12 يوليو 2010م الموافق 29 رجب 1431هـ

قوات اليونيفيل في جنوب لبنان بين فكي كماشة طرفي النزاع والأهالي

قلق الأهالي يزداد من قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قلق الأهالي يزداد من قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وجدت القوة الدولية (اليونيفيل) المؤقتة في جنوب لبنان نفسها بين فكي كماشة طرفي النزاع من جهة، وفي مواجهة إشارات عدائية هي الأكثر جدية منذ بدء تفويضها مصدرها السكان المحليون من جهة أخرى.

ويقول مدير معهد كارنيغي للشرق الأوسط، بول سالم لوكالة «فرانس برس» إن «اليونيفيل عالقة اليوم بين طرفين مسلحين يستعدان لنزاع جديد محتمل، وتشعر إلى حد ما بأنها في مأزق. يضاف إلى ذلك تعرضها لمضايقات من أهالي الجنوب، ما دفع البعض إلى طرح أسئلة بشأن وجودها».

ومنذ تشكيلها العام 1978 في خضم الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان، نسجت اليونيفيل علاقات جيدة مع سكان الجنوب اللبناني، لا سيما عبر تقديم خدمات في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية، إلى جانب مهمة حفظ السلام.

إلا أن الأمم المتحدة أحصت في الأيام الأولى من شهر يوليو/ تموز أكثر من عشرين حادثاً بين اليونيفيل ومدنيين أقدموا على قطع طرق لمنع الجنود الدوليين من دخول قراهم، ورشقوهم بالحجارة وتسببوا بجرح بعضهم وكسر زجاج عدد من الآليات.

وفي قرية تولين، هاجم سكان دورية فرنسية بالعصي والحجارة، وصادروا أسلحتها لوقت قصير، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني لتهدئة الوضع.

وكان الأهالي يحتجون على تدريب للقوة الدولية انتشر بموجبه عدد كبير من الجنود لمدة 36 ساعة بين القرى.

ويشير سالم إلى «مصطلحات كبيرة استخدمت للتعامل مع هذه الاحداث، ما أثار قلق الدول المساهمة في اليونيفيل، وخصوصاً فرنسا»، ثاني أكبر المساهمين في القوات الدولية (1500 عنصر من 13 ألفاً).

ويضيف أن الحوادث لأخيرة «أعطت الانطباع أن الجنود الدوليين هم رهائن إلى حد ما».

ويلخص أبو عماد (40 عاماً) من قرية الصوانة المجاورة لتولين موقف السكان المحتجين بالقول «نحن لسنا ضد اليونيفيل لكنهم بدأوا يستعملون معنا اللغة الأمنية بدخولهم منازلنا ليلاً والتفتيش والتصوير واستخدام الكلاب البوليسية».

وتناقل مسئولون في حزب الله الذي يتمتع بنفوذ واسع في جنوب لبنان هذه الاتهامات أيضاً.

وتساءل وزير الزراعة اللبناني المنتمي إلى حزب الله حسين الحاج حسن في حديث تلفزيوني الخميس عن هدف اليونيفيل «أو بعض وحدات دول معينة فيها من تصوير مواطنين بالفيديو أو فوتوغرافياً على الطرق»، معتبراً أن «تصرفاتهم غير مفهومة».

وأضاف «إن وظيفة اليونيفيل مؤازرة الجيش وليس التقدم عليه، ولم يكن الانتشار الأخير في القرى بطريقة غير سليمة منسقاً مع الجيش».

وكان نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم دعا اليونيفيل إلى «أن تنتبه إلى ما تقوم به»، مشيراً إلى أن بعض سلوكها «لا يبني عناصر ثقة بينها وبين الأهالي».

في المقابل، نفى متحدث باسم اليونيفيل في اتصال مع وكالة «فرانس برس» أن يكون الجنود الدوليون قد دخلوا المنازل.

وانعقد مجلس الأمن الدولي ليل الجمعة السبت لمناقشة الموضوع وأصدر بياناً دعا فيه «جميع الأطراف إلى السهر على احترام حرية تحرك اليونيفيل بموجب التفويض المعطى لها وقواعد الاشتباك» في جنوب لبنان.

وشدد أعضاء مجلس الأمن على أهمية زيادة عديد القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب تنفيذاً للقرار 1701، مؤكدين «دعمهم الكامل لليونيفيل».

وتزامنت هذه التطورات مع ادعاءات إسرائيلية جديدة حيال تسلح حزب الله، ما يزيد من نسبة التوتر.

فقد اتهم الجيش الإسرائيلي حزب الله بتخزين صواريخ وأسلحة داخل القرى الجنوبية، وذلك بعد بضعة أشهر من تقارير إسرائيلية عن تلقي الحزب صواريخ سكود عبر سورية.

ويتوجب على اليونيفيل أن تتأكد من عدم تهريب السلاح في المنطقة التي تعمل فيها، وذلك عملاً بالقرار الدولي 1701 الذي وضع حداً للعمليات الحربية بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006 بعد نزاع استمر 33 يوماً وأدى إلى مقتل 1200 شخص في الجانب اللبناني و160 في الجانب الإسرائيلي.

ونص القرار على تعزيز القوات الدولية التي كانت موجودة أصلاً في الجنوب منذ العام 1978 وعلى نشر الجيش اللبناني للمرة الأولى في المنطقة الحدودية منذ عقود.

ويقول سالم إن ما حصل أخيراً «تسبب باهتزاز صورة اليونيفيل بعض الشيء».

ولعل هذا ما دفع قائد اليونيفيل، الميجور جنرال البرتو آسارتا كويباس إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى الجنوبيين تحدث فيها عن «ظلال» ألقتها الأحداث الأخيرة على «الجو الإيجابي» الذي تعمل فيه اليونيفيل.

وتلى ذلك اجتماع مصالحة بينه وبين عدد من رؤساء البلديات في المنطقة الحدودية.

في الوقت نفسه، أكدت الحكومة اللبنانية حرصها «على سلامة قوات الأمم المتحدة وعلى العلاقة الطيبة والوثيقة القائمة بينها وبين المواطنين اللبنانيين طيلة عقود».

وختم سالم «من المؤكد أن أحداً لا يريد رؤيتهم يرحلون، إن وجود هذه القوات هو الذي يحول حالياً دون قيام نزاع جديد».

العدد 2867 - الإثنين 12 يوليو 2010م الموافق 29 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً