العدد 2867 - الإثنين 12 يوليو 2010م الموافق 29 رجب 1431هـ

عندما تعيد كرة القدم إليك بعض الأشياء

كان ذلك حلم إنيستا الكبير

أعادت كرة القدم أمس الأول (الأحد) إلى أندريس إنيستا بعضا مما كانت تدين به إليه بعد موسم صعب مليء بالإصابات والتعاسة.

فهدفه الذي جاء في الدقيقة 116 من الوقت الإضافي لم يمنح إسبانيا لقبها الأول في كأس العالم فحسب، بل حول عاما لابد أن ينسى إلى «لحظة لا تنسى».

فقد بدأ الموسم سيئا بالنسبة لإنيستا قبل حتى أن يبدأ. في أغسطس/ آب العام 2009، توفي داني خاركي الصديق المقرب للاعب الوسط صغير الحجم بشكل مفاجئ بينما كان يستريح في حجرة فندقه، خلال استعدادات ناديه إسبانيول لانطلاق الموسم الجديد.

كان خاركي وإنييستا صديقين منذ الطفولة. كانا قد لعبا معا في مراحل الناشئين بالمنتخب وكان كل منهما يشعر تجاه الآخر بتقدير جم، على رغم أنهما يدافعان عن فريقين يخوضان صراعا دائما وبلا هوادة ضد بعضهما بعضا هما جارا كاتالونيا: إسبانيول وبرشلونة. ولدى إنيستا أكثر من 20 قميصا لخاركي في منزله من جميع المباريات التي تواجها فيها منذ كانا طفلين.

وكان أول من تذكره بعد هدف الفوز هو صديقه، إذ خلع قميص إسبانيا ليظهر تحته آخر أبيض من دون أكمام كتب عليه إنيستا: «داني خاركي، معنا دائما».

لكن كانت هناك المزيد من الذكريات. إذ قال أفضل لاعبي المباراة الذي طاردته الميكروفونات وهو يحمل جائزته الشخصية على ملعب «سوكر سيتي»: «بمجرد انتهاء المباراة، توالت على عقلي الكثير من اللحظات الصعبة، لكن أحيانا تعيد إليك كرة القدم هذا الأشياء».

وخلف إنيستا وراء ظهره العديد من الإصابات العضلية الواحدة تلو الأخرى خلال الموسم الأخير، وهي الإصابات التي منعته من تقديم أفضل مستوى لديه مع برشلونة وألقت بظلالها حول أدائه البدني مع بداية المونديال.

وقال حارس برشلونة فيكتور فالديس: «كان عاما صعبا عليه وهو يستحق ذلك الهدف»، معترفا بأن دموعه غلبته عندما عانق زميله في النادي.

ولم يكن هناك وقت للمزيد. فالمباراة كانت توشك على الانتهاء ولم يكن أحد قد تمكن من التسجيل. لكن إنيستا لا يفقد عزيمته أبدا. فقد توغل داخل منطقة الجزاء، وانتظر كي لا يسقط في مصيدة التسلل، وفتح ثغرة وسيطر على تمريرة سيسك فابريغاس.

حبس ملعب سوكر سيتي أنفاسه. وسدد إنيستا بالقدم اليمنى والكرة مرت إلى داخل الشباك. لمسها الحارس مارتين ستيكلنبرغ، لكنه لم يتمكن من إيقافها. أصبحت النتيجة 1/ صفر ولم تكن تتبقى سوى 4 دقائق على نهاية الوقت الإضافي واللقب بات إسبانيا.

وانفجر إنيستا وهو الجاد دوما، الصامت دوما، المتزن دوما. نظر إلى الخلف فوجد الحكم المساعد لم يرفع الراية، لينطلق يعدو تجاه زاوية الملعب وهو يخلع قميصه.

كان المشهد شبيها لما فعله قبل موسمين في إياب قبل نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب «ستامفورد بريدج» أمام تشلسي. في ذلك الحين أدخل هدفه برشلونة إلى المباراة النهائية موسم 2008 وفتح الطريق نحو موسم مزدان بستة ألقاب.

واعترف اللاعب (26 عاما) «سواء في ذلك الهدف أو في هدف اليوم شعرت بسعادة طاغية».

في ذلك الحين كان أول ما فعله إنيستا بعدما دفن تحت زملائه هو تذكره زميله بويان كركيتش الذي كان قد وعده بتذكرتين في المباراة النهائية إذا ما أحرز هدفا في لندن.

وأمس الأول بعدما أحرز الهدف الأغلى في حياته، ارتفعت رأسه أكثر إلى أعلى.

وأعرب انيستا عن فرحته العارمة لقيادة بلاده إلى لقبها الأول في كأس العالم بتسجيله هدف الفوز.

«انه شعور لا يوصف»، هذا ما قاله انيستا، مضيفا «يا لها من فرحة خصوصا عندما نرى الطريقة التي ربحنا فيها. لا توجد كلمات تصف ما أشعر به. بعد الهدف الذي سجلته، فكرت بعائلتي وكل الأشخاص الذين أحبهم. لكن الانتصار هو ثمرة الكثير من العمل».

ومن المؤكد أن الاسبان لن ينسوا أبدا اسم انيستا الذي قاد بلده للتربع على العرش العالمي بالهدف الذي سجله في الدقيقة 116، كما كانت حال فرناندو توريس قبل عامين عندما قاد «لا فوريا روخا» إلى لقب كأس أوروبا للمرة الأولى منذ 1964.

«انيستا يستحق جائزة الكرة الذهبية (لأفضل لاعب في النهائيات)»، هذا ما قاله عنه زميله تشابي ألونسو، مضيفا «ما حصل هائلا. اشعر بالنشوة. ما يهم هو الفوز في المباريات النهائية، كان ذلك معقدا لكننا فزنا».

وأوضح البطل أندريس إنيستا أنه وجميع زملائه بالفريق لا يصدقون حتى الآن أنهم أصبحوا أبطال العالم.

وقال اللاعب الذي أحرز هدف التتويج الوحيد أمام هولندا في نهائي مونديال جنوب افريقيا 2010، في تصريحات لقناة (قنال بلوس): «ما أنجزناه أمر في غاية الروعة ولا يصدقه عقل، حتى الآن نكاد لا نصدق أننا أصبحنا أبطال العالم».

وعن هدف التتويج أجاب «رأيت أن سيسك فابريغاس سيمرر لي الكرة وقد كان وأحرزت الهدف وتحول الأمر بعدها لجنون».

ووصف لاعب برشلونة لحظة تتويجه بالكأس بأنه «الأفضل في كل الأوقات التي مر بها، أنها حقا لحظة لا توصف».

وبالنسبة لتكريمه الشخصي لقائد فريق إسبانيول الراحل داني خاركي الذي توفي عن عمر يناهز 26 عاما إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة قبل بداية الموسم الماضي، أجاب «لم تكن هناك فرصة لتكريمه وأعتقد أن لحظة الهدف كانت أفضل توقيت لتكريم خاركي».

العدد 2867 - الإثنين 12 يوليو 2010م الموافق 29 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً