لا مجال للشك، فمونديال 2010 كشف لنا أن الذي حدث في العام 2006 وتحديداً في مدينة فرانكفورت الألمانية لم يكن مجرد صدفة، وأعني هنا بخروج البرازيل بطلة العالم على يد فرنسا في المباراة الأخيرة لمنافسات ربع النهائي لمونديال 2006، فحينها صاحت الديوك الفرنسية بأن كأس العالم سيكون وفيا للقارة التي وجد فيها، لأن جميع المنتخبات التي سبقتها بالتأهل كانت من نفس القارة الأوروبية.
وهذه المرة تكرر المشهد في نصف النهائي أيضا ولكن بنسبة أقل، حينما تفوق الأوروبيون بثلاثة مقاعد مقابل مقعد وحيد للقارة الأميركية الجنوبية وأعني بذلك منتخب الأوروغواي الذي كان بمثابة الحصان الأسود للبطولة.
وبالعودة للتاريخ والذي يضعنا أولا على مونديال كوريا واليابان 2002، فإن منتخبان أوروبيان من أصل 4 وصلا لنصف النهائي وهما تركيا وألمانيا، أما في مونديال فرنسا 1998، فتكرر السيناريو الذي حدث في 2010 بتأهل 3 منتخبات أوروبية وهي هولندا، فرنسا وكرواتيا.
إذاً، هذه المعلومات التاريخية تقودنا لعدة استفسارات، والاستفسار الأهم سيبقى في عقول كل من يتابع كرة القدم وهو:متى سنرى تفوقا أميركيا جنوبيا في الدور نصف النهائي لبطولة كأس العالم.
ويقول الخبراء أن الدوري المحلي القوي ينتج عنه منتخب قوي كذلك، وبالفعل استطعنا أن نرى هذه المقولة تنطبق على بعض وليس معظم المنتخبات الأوروبية، ومن بعضهم نذكر إسبانيا أو حتى ألمانيا، فالأولى يوجد بها لاعب واحد فقط من خارج الدور الأسباني وهو لاعب ليفربول الإنجليزي توريس، في مقابل تشكيلة الألمان الأساسية التي لا تحتوي على أي لاعب يلعب خارج الدوري الألماني، مما يساعد هؤلاء اللاعبين على سرعة التكيف مع بعضهم البعض، لأن الدوري واحد والأسلوب واحد، فإذاً كل احتمالات النجاح مفتوحة أمامهم.
وعندما نأتي لمونديال 2010 فمنتخبات هولندا، ألمانيا وإسبانيا عندما تكفلت بإزاحة البرازيل، الأرجنتين والباراغواي كشف لنا سر التألق الأوروبي وسط المهارة الأميركية الجنوبية التي باتت تعول في نظري على القوة البدنية والاستعراض أكثر من اللعب الجدي والبسيط الذي يمتع المشاهد.
فكل ما ذكرته في الفقرة السابقة يعطي القارئ انطباع على أن منتخبات أوروبا يوجد بها اللاعب الفنان، اللاعب المنضبط بالإضافة إلى الفرقة الجماعية التي تعمل بمنظومة تكتيكية وتكنيكية بشكل أكثر من رائع وبقيادة مدرب محنك يجيد التصرف مع هكذا بطولات عالمية.
ولنا في البرازيل عبرة، فقد كانت مرشحة للتأهل للدور نصف النهائي أمام هولندا باعتبار وجود كاكا وروبينهو وهم نجوم لهم وزنهم في كرة القدم، إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث وتحول الحلم إلى كابوس، بل الأكثر من ذلك بأن صاحبة الخمس بطولات في كأس العالم ودعت المونديال من الباب الضيق بعد عرض باهت أمام نجوم هولندا خصوصا في الشوط الثاني.
ونذكر منتخب الأرجنتين التي دخل كأس العالم دون أدنى حظوظ للتقدم في منافسات البطولة بعد المشوار المتواضع في التصفيات وخصوصا الهزيمة القاسية من بوليفيا (1/6)، حتى وجدناه ينتظر للجولة الأخيرة لكي يعرف مصير تأهله، وفعلاً حسم تأهله بصعوبة إلا أنه سرعان ما كسب من خلاله على إعجاب النقاد من خلال نتائجه الإيجابية في الدور الأول، ولكن في دور ربع النهائي صحت المقولة التي تقول بأن «اللاعب الكبير ليس بالضرورة أن يكون مدربا كبيرا»، بدليل اختيارات مارادونا التكتيكية التي كانت سببا في الخزي الذي لحق بمنتخب الأرجنتين أمام منتخب ألمانيا.
إذاً، أن يكون بحوزتك مدربا كبيرا، محنكا وقادرا على التصرف في أصعب الأمور، بالإضافة إلى وجود مجموعة حديدية من اللاعبين الذين يشكلون المنتخب كفريق في منظومة جماعية تعمل بانتظام، يكون حينها ولا محالة النجاح حليفك في مشوارك الكروي.
أحمد مهدي
العدد 2867 - الإثنين 12 يوليو 2010م الموافق 29 رجب 1431هـ