العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ

الذكرى الثانية لرحيل الزوجة الغالية الأستاذة نجية سلمان

ها هي مرة أخرى تعود ذكرى وفاة زوجتي الغالية أم خالد، سنتان أخريان من البعد والفراق والحسرة على كل الأوقات الجميلة التي عشناها إلفين متحابين، أحيانا حين يمر شريط الذكريات على خاطري ألمح كل الصور النابضة بمعاني الوفاء والإخلاص وأظل أتأمل ما عساني أفعل بعد ذلك وكيف ستكون المسيرة بدونها.

سنتان يا أم خالد وحيدا من غير إلف يرافقني، ألتفت فلا أجد إلا خيالك العالق في مخيلتي أتخذه إلفا وحبيبا، يصعب لمحب مثلي -أيتها العزيزة- أن يخلف وراءه حياة ملأناها عطاء وبناء ليبني على قمتها حياة أخرى قد لا تصنع شجرا وارفا تمتد ظلاله أو عشا جميلا حالما كالذي بنيناه.

ماذا عساني أقول لك يا أم خالد إلا التسليم بقضاء الباري الذي أراد أن يمتحنني لفراقك المرير، وليرى قوة إيماني وصمودي وليعطيني عبرة بالمؤمنين الذين سبقونا بالبلاء فيقول جل شأنه «ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشّر الصابرين» فها أنا أصبر على قضائه حتى يوفيني أجر الصابرين المحتسبين كما وعدنا سبحانه.

لقد عشنا معا مؤمنين بالله راضين بقضائه و قدره ، وسأظل على هذا الإيمان بعدك ، فكما آمنتِ و احتسبتِ ورضيتِ بما كتبه الله لكِ من البلاء والمرض، وأردتِ أن يحتسب لك الله ذلك في ميزان حسناتك، فكذلك أنا أحتسب إلى الله صبري وفقدي لامرأة مؤمنة ملأت حياتي نورا، ورحم الله الشاعر ابن الرومي إذ يقول:

يقولون تنساه إذا طال عهده

وما زادني إلا اشتغالا به فقدي

لقد وطنت نفسي على رعاية الأولاد بعدك أتابع احتياجاتهم، وأتلمس ما فقدوه من حنانك فأعطف عليهم عطف الأب الرحيم، فلا أبخل عليهم بالنصيحة ولا أتوانى في إرشادهم للطريق الصحيح عند حاجتهم لمشورتي ونصيحتي، لقد بلغوا مبلغ الرجال والنساء، ولكن ذلك لم يمنعني أن أبصرهم مزالق الحياة وأوجههم لما ينبغي للإنسان أن يأخذ به للوصول إلى جادة الطريق التي يرضى الله عنها.

يا أم خالد لا أنسى في هذه الكلمة أن أطمئنك أن درب التعليم وتربية الأجيال التي تخدم الوطن هي نصب عيني، وأن ما بدأناه من جهود لخدمة أبنائنا الطلاب والطالبات لن تتوقف، بل زادني ذلك عزيمة أن أكمل المسيرة، وأسعى لبلوغ الأهداف التي سعينا من أجل تحقيقها ، لقد جمعني معك الفكر والمشاعر معا لقد استطعنا أن نمزج من الأمرين فنصهرهما في بوتقة واحدة أخرجت علاقة مثالية أفخر أمام زملائي أن أذكرها وأستعيدها وأثني عليها، بل وأنصح زملائي صغار السن أن يوثقوا علاقاتهم بزوجاتهم في إطار من الحب والفكر معا حتى تدوم هذه العلاقة المقدسة بين الزوجين بما أراد الله لها أن تكون يقول جلَّ شأنه: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» صدق الله العظيم.

أختم كلمتي يا سيدتي في ذكراكِ الثانية بهذه الأبيات للشاعر علي الجارم أرى أنك أهلا لها.

لك عند ربِّ العرش أجر مجاهد

فانعم برحمته وعدن جنانه

كم من شهيد مات فوق فراشه

جمد الدم السيَّال في جثمانه

إن المجاهد من أغار بفكره

لا من أغار بسيفه وسنانه

زوجك إبراهيم جاسم محمد

العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً