العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ

ويسدل الستار على عام «تقييد الحريات» و»عهدان» ينتظران

بالأمس أسدل الستار على عام اكتظ بالمفاجآت، فثمة من أطلق عليه «2004 عام تقييد الحريات وتدهور الحقوق الاقتصادية» وثمة من أسماه «بعام القوانين القديمة»، ووجد حقوقيون آخرون إعلان المملكة الانضمام إلى العهدين الدوليين «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية» - وهو أبرز ما ميز العام الماضي على الصعيد الحقوقي - خطوة إيجابية ستظل تراوح مكانها ما لم تتبع بخطوات أخرى أكثر جدية ودلالة على الرغبة في التغيير، فلا معنى لإعلان الانضمام والتصديق على المعاهدات الدولية مادامت الحكومة مصرة على استصدار قوانين جديدة سيئة والعودة لتطبيق القوانين القديمة متى ما تعكر مزاجها السياسي.

بدأ هذا العام بشد وجذب ما بين الحكومة والمعارضة على المؤتمر الدستوري، ومنعت الشخصيات القانونية المستضافة من دخول البحرين، ودخلت الجهات المنظمة للمؤتمر في ردود مع وزارة الاعلام ووزارة العمل، ومن ثم جاءت «العريضة الدستورية» لرفع مطالبها لجلالة الملك، وفي تصعيد لافت اعتقل جامعو توقيعاتها في مراكز التوقيع، وذلك استنادا إلى قانون العقوبات الصادر العام 1976 وأهم تعديلاته في العام 1982 وقانون الاجتماعات العامة الصادر العام ،1973 إذ وجهت إلى الموقوفين تهم من صلب القانونين تتلخص أهمها في «التحريض بإحدى طرق العلانية على كراهية نظام الحكم والازدراء به عن طريق المنشورات، وإذاعة بيانات كاذبة، وبث شائعات مثيرة من شأنها إلحاق الضرر بالصالح العام»، إضافة إلى قانون الاجتماعات العامة، الذي يلزم «الأشخاص المقدمين على التنظيم، بالإبلاغ كتابة إلى مدير عام الشرطة قبل ثلاثة أيام من الموعد للحصول على إذن بذلك».

وفي هذه المرحلة تمادى وزير العمل مجيد العلوي، وأخذ يهدد الجمعيات السياسية بالاغلاق بالشمع الأحمر، مستندا إلى ما يتيحه له قانون الجمعيات الصادر العام 1989 من صلاحيات. وحذر مركز البحرين لحقوق الإنسان، من مغبة الاغلاق، كما فجر جدلية «الخلط ما بين العمل السياسي والحقوقي».

تميز هذا العام باعلان الحكومة الانضمام للعهدين الدوليين في 17 مايو/ايار الماضي، ومازالا رازحين في دائرة الشئون القانونية في وزارة الخارجية، ولم ينتقلا بعد الى مجلس الوزراء، على رغم استكمال دراستهما بين الطرفين كما صرح أخيرا مدير دائرة الشئون القانونية يوسف عبدالكريم لـ «الوسط» أخيرا، مبينا أن العهدين سيعرضان قريبا على المجلس النيابي، إلا أن مجلس النواب بحسب استطلاع اجرته «الوسط» تبين أنه غير مدرك لاهمية العهدين بل لا يعلم ماهيتهما!

شهد هذا العام تعيين وزير جديد لوزارة الداخلية، وتسربت معلومات من داخل السجون، عن تحسن أوضاع السجناء، الأمر الذي خفف من حدة الاضرابات المتعاقبة في العام ،2003 وخصوصا داخل سجن جو، إلا أن الجمعيات الحقوقية مازالت ممنوعة من زيارة السجون، ومازالت الأقاويل عن سوء السجون وغياب التأهيل والتعليم والمرشدين الاجتماعيين، كما أن ما يتسرب لـ «الوسط» من السجناء أنفسهم المطلق سراحهم اخيرا، يدل على أن المؤسسات العقابية لا تطبق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

وفي 24 سبتمبر / ايلول الماضي عقد مركز حقوق الانسان ندوة عن الفقر وجه فيها انتقادا مباشرا للسلطة التنفيذية، وعلى اثر ذلك اعتقل الناشط عبدالهادي الخواجة بتهمة مخالفة المادة «165» من قانون العقوبات، والتي تعاقب بالحبس أو بالغرامة أو بكليهما كل من «حرض بإحدى طرق العلانية على كراهية نظام الحكم أو الازدراء به» وهي المادة نفسها التي نسبت إلى موقوفي العريضة.

وبعد اعتقال الخواجة، اعتقل عدد من المتضامنين معه، بعد انطلاق مسيرة السيارات، واصدر مجلس الوزراء قانونا جديدا للتجمعات العامة ورفع بصفة مستعجلة الى البرلمان - ومن الاهمية التنبيه إلى أن من الخطأ رفع هكذا قوانين بصفة مستعجلة قانونيا - والمفاجئ أن رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني بدلا من أن يقف مع الحريات وعدم تقييدها، أمر بقمع المتظاهرين بالبلدوزرات!

وفي نهاية هذا العام احتفل الحقوقيون بذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان، رافعين شعار «2004 عام تقييد الحريات وتدهور الحقوق الاقتصادية»، مطالبين بجبر ضحايا التعذيب، وتعويضهم، وإلغاء قانون 56 الذي يساوي بين الضحية والجلاد.

هموم كثيرة تخللت العام الماضي، وقضايا شائكة عصفت بأيامه، الساخنة والباردة، أهمها وأبرزها الاعتقالات المفاجئة، التي اعادتنا أميالا إلى الوراء!

ثمة من يريد للحريات أن تقيد ولسياسة البلدوزرات المقيتة أن تعود، فعسى أن يكون العام الجديد، جديدا بسياساته، ومفعما بالحقوق الأصيلة

العدد 848 - الجمعة 31 ديسمبر 2004م الموافق 19 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً