لم تكن المواطنة "ص، ف" تعلم ما تخبئه لها الأيام من آلام وجروح في جسدها المثقل بالهموم، فلم يبق مشفى إلا وقامت بزيارته ولم تبق عيادة خاصة إلا وطرقت بابها، وبين هذا وذاك بقيت جليسة المنزل وهي شبه مشلولة عن الحركة.
زوجها "أ، خ" روى القصة لـ "الوسط" منذ بدايتها فقال: "كانت زوجتي تشتكي من آلام شديدة في ظهرها ويديها فقامت بزيارة أحد الأطباء المحليين بمستشفى السلمانية الطبي، فأجرى لها خمس عمليات في كلا اليدين، وبعد ذلك قام بإرسالها لمركز في الخبر لإجراء أشعة مغناطيسية، والاستشاري هناك أخبرها بأنها تعاني من مشكلات في الفقرتين الرابعة والخامسة من فقرات الظهر، وعند عودتها مرة أخرى للبحرين أخبرها الطبيب بأنه ليست لديها مشكلات في الظهر وما تحتاجه هو بعض الحبوب فقط".
وأضاف "بعد إجراء العملية الثالثة في يدها أصيبت بتيبس في أصابع الكف، وعندما أخبرت الطبيب المحلي قام بعمل جلسات للعلاج الطبيعي ليدها، إلا أنها بقيت مثلما كانت، وعندما قامت بمراجعته مجددا قال لها إنه لا يمكنه فعل أي شيء!".
وأشار "أ، خ" إلى أنه "التقى رئيس الأطباء بمستشفى السلمانية آنذاك عزيز حمزة وأخبره بالمشكلة، فقام بابتعاثه للطبيب المحلي المعالج مرة أخرى، وبعد مرور فترة من الزمن قام مرة أخرى بكتابة رسالة لرئيس الأطباء حينها أحمد جمال ولوزير الصحة فيصل الموسوي، إذ قام الأخير باستدعاء الطبيب المحلي الذي ردد العبارة السابقة نفسها أن ليس بيده شيء".
ومضى قائلا: "حينئذ قام الوزير بابتعاثنا إلى أحد المستشفيات الخاصة، في إحدى الدول الخليجية المجاورة على نفقة الدولة، وعندما استقبلنا الطبيب هناك قال إن بإمكانه معالجة اليد اليسرى لتعود للحركة مرة أخرى، أما اليد اليمنى فلا يمكنه ذلك لأن الأعصاب قد تلفت، كما شدد علينا بضرورة إجراء عملية للظهر لأنها إن لم تجر فستصاب زوجتي بالشلل، فرفضت الفكرة إلا إن الطبيب أكد أن خطاب وزارة الصحة في البحرين مفتوح، ويشير إلى أنه في حال رفضنا أي علاج فإن رحلة العلاج ستحتسب بالكامل على نفقتنا الخاصة".
لم يكن بإمكاننا إلا الموافقة قالت زوجته وأكملت "بعد إجراء العملية لم أعد أشعر بوجود رجلي اليمنى، فبقيت لمدة ثلاثة أيام طريحة الفراش وبعد إزالة الأجهزة عن جسمي لم أكن أستطيع المشي، وبدلا من أن يصلح الوضع قام الأطباء هناك مجددا بإجراء عملية أخرى لي في الظهر، وبعد مضي أسبوع واحد أصبحت رجلي أسوأ مما كانت سابقا، فبت طوال شهر كامل تحت أجهزة العلاج الطبيعي".
وأردفت "عند عوتي للبلاد نهرني الطبيب المحلي، إذ قام بإجراء أشعة لي مجددا وأعلمني أن العملية لم تجر بصورة صحيحة، فأعادني مرة أخرى للمستشفى الخاص، فأجروا لي عملية ثالثة في الظهر أيضا، ولكني لم أشعر بأي تحسن فعدت إلى منزلي وبقيت فيه".
واستطردت "بعدها ترددنا على الكثير من الأطباء المحليين، ثم قامت وزارة الصحة بابتعاثنا مرة أخرى إلى ألمانيا وهناك أوضح الاستشاري أنني احتاج إلى عملية لفتح الظهر والبطن، إلا أن النتائج ستكون أخطر من السابق وربما تودي بحياتي، فعدنا أدراجنا، وأمسيت كلما اشتد علي الألم أذهب لطوارئ مستشفى السلمانية الذين بدورهم يحقنوني بإبر مخدرة أبقى بسببها فاقدة الوعي نوعا ما".
وأوضح زوجها أنه "لجأ للقضاء للقصاص من المستشفى الخاص بالدولة المجاورة، ولكن المحكمة أخبرتنا بأنه لا يمكنها محاكمة طرف خارج البلاد".
واختتم حديثه قائلا: "اليوم زوجتي لا تستطيع المشي لفترة تتعدى الدقيقة الواحدة داخل المنزل، ويتم نقلها بالكرسي المتحرك عند ذهابها للمنزل، وكل طبيب نزوره يخبرنا بأنه لا يمكنه فعل شيء، فمن يمكنه مساعدتها إذا؟ فأنا رجل متقاعد لا يمكنني علاجها بالخارج، ولا يمكنني توفير خادمة لها لمعاونتها، لذلك اضطررت لإخراج ابنتي من المدرسة حتى تبقى بالقرب من والدتها ترعاها وتهتم بها، ولم يكن ذلك قسرا بل هي من طلبت مني ذلك"
العدد 849 - السبت 01 يناير 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1425هـ