أكد سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أن البحرين تعتز اعتزازا كبيرا بانتمائها إلى مجلس التعاون الخليجي وتدعم تطويره وتفعيل قراراته حتى يصل إلى التعاون الشامل، وأن علاقات البحرين مع العالم الخارجي هي جزء من منظومة المجلس. ومن هذا المنطلق يأتي اتفاق التجارة الحرة الذي وقعته مع الولايات المتحدة بعد مفاوضات طويلة وخرج في النهاية ليتيح الفرص لباقي دول الخليج للاستفادة من مزايا الاتفاق في مجالات الإنتاج والاستثمار.
وأضاف سمو رئيس الوزراء في حديث شامل مع "الأهرام" وتنشره "الوسط" بالتزامن، أن الخليج من أهم مناطق العالم وشهد الكثير من الأخطار وكلها تؤكد أهمية التعاون الإقليمي بين الأشقاء والأصدقاء أيضا من دون أن يؤثر ذلك على دول المنطقة واستقلالها. وقال: إن الدول العربية تسير في طريقها نحو المزيد من الإصلاح والتطوير مع الحفاظ على الهوية والخصوصية الوطنية لكل بلد، وان السوق العربية المشتركة تتطلب جهدا وتعاونا لا تنافسا، مع مراعاة ظروف كل قطر. واستعرض التجربة الديمقراطية في البحرين مشيدا بالعلاقات بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ودعم الحكومة للمجالس النيابية، ومشاركة المرأة في العملية السياسية ترشحا وانتخابا وإلى تطلعه إلى فوزها بعدد من مقاعد مجلس النواب في الانتخابات المقبلة بعد نجاحها في شغل المهمات والوظائف المختلفة في الدولة بالتساوي مع الرجال.
اجرى الحوار : سامي كمال*
أكد سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة أن البحرين تعتز اعتزازا كبيرا بانتمائها إلى مجلس التعاون الخليجي وتدعم تطويره وتفعيل قراراته حتى يصل إلى التعاون الشامل، وأن علاقات البحرين مع العالم الخارجي هي جزء من منظومة المجلس. ومن هذا المنطلق يأتي اتفاق التجارة الحرة الذي وقعته مع الولايات المتحدة بعد مفاوضات طويلة وخرج في النهاية ليتيح الفرص لباقي دول الخليج للاستفادة من مزايا الاتفاق في مجالات الإنتاج والاستثمار.
وأضاف سمو رئيس الوزراء في حديث شامل مع "الأهرام" أن الخليج من أهم مناطق العالم وشهد الكثير من الأخطار وكلها تؤكد أهمية التعاون الإقليمي بين الأشقاء والأصدقاء أيضا من دون أن يؤثر ذلك على دول المنطقة واستقلالها. وقال: إن الدول العربية تسير في طريقها نحو المزيد من الإصلاح والتطوير مع الحفاظ على الهوية والخصوصية الوطنية لكل بلد وأن السوق العربية المشتركة تتطلب جهدا وتعاونا لا تنافسا، مع مراعاة ظروف كل قطر. واستعرض التجربة الديمقراطية في البحرين مشيدا بالعلاقات بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ودعم الحكومة للمجالس النيابية، ومشاركة المرأة في العملية السياسية ترشحا وانتخابا وإلى تطلعه إلى فوزها بعدد من مقاعد مجلس النواب في الانتخابات المقبلة بعد نجاحها في شغل المهمات والوظائف المختلفة في الدولة بالتساوي مع الرجال. وهنا نص الحديث الذي ينشر بالتزامن مع "الاهرام":
في ضوء انعقاد القمة الـ 25 لمجلس التعاون الخليجي الشهر الماضي في البحرين... ما تقييمكم لما تحقق حتى الآن على هذا الصعيد، وما هي طموحاتكم ورؤيتكم لتطوير مسيرة مجلس التعاون؟
- الواقع أن البحرين تعتز اعتزازا كبيرا بانتمائها إلى مجلس التعاون الخليجي وقد حرصت دوما على تقديم كل أنواع الدعم والمساندة لتطوير هذا الكيان التكاملي وتفعيل قراراته... كما أنها كانت في مقدمة الدول المطالبة بتحقيق التعاون الخليجي الشامل، ودعمت ومازالت تدعم أي صيغة للعمل المشترك في هذا الإطار انطلاقا من قناعتها بأن قوة مجلس التعاون الخليجي هي قوة وفاعلية لأعضائه وللعمل العربي المشترك.
وفي ظل المزايا المتعددة التي تميزت بها دول المجلس التي حباها الله بعوامل اقتصادية واجتماعية متجانسة، فقد كان من البديهي أن تتضافر الجهود لدعم الروابط الأخوية الصادقة التي تتوافر لدى شعوب دول المجلس والعبور بها إلى الوحدة المنشودة، ونحمد الله فقد تم تحقيق الكثير من الإنجازات على مختلف الأصعدة ونحن نتطلع إلى تحقيق المزيد منها وبخاصة على صعيد الوصول إلى مرحلة الاتحاد النقدي والعملة الخليجية الموحدة والتكامل في المشاريع الاقتصادية.
اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا
نعلم أن البحرين تعلق آمالا كبيرة على اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، ولكن هذه الاتفاقية أثارت جدلا حول تأثيرها على الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون... كيف تنظرون إلى هذه القضية؟
- البحرين تؤمن في كل تحركاتها وعلاقاتها مع العالم الخارجي بأنها جزء لا يتجزأ من منظومة مجلس التعاون الخليجي، ولا شك أن أي نجاح تحققه أي دولة عضو في هذه المنظومة هو نجاح لجميع أعضاء هذا المجلس... ومن هذا المنطلق تأتي اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها البحرين مع الولايات المتحدة بعد مفاوضات طويلة لتصب في هذا الاتجاه... ففي الوقت الذي ستسهم فيه هذه الاتفاقية في تقوية مركز البحرين التجاري والاقتصادي والاستثماري وتزيد من فرصها في جذب الاستثمارات وتنويع مصادر دخلها فإنها من شأنها أن تتيح الفرص لباقي دول مجلس التعاون الخليجي للاستفادة من مزايا هذه الاتفاقية وما توفره من مجالات للإنتاج والاستثمار.
تنويع مصادر الدخل
هناك تركيز ملحوظ على التحرك لجذب الاستثمارات الأجنبية للبحرين. كيف يمكن تحقيق هذا الجذب في ظل الأوضاع الاقتصادية المتذبذبة عالميا والمنافسة الإقليمية مع دول أخرى في المنطقة لجذب الاستثمار إليها؟
- لقد عملت الحكومة في البحرين وفق سياسة اقتصادية تعتمد على تشجيع اقتصاديات السوق، والحرية الاقتصادية والانفتاح... وانطلاقا من سياستها الرامية إلى تنويع الاقتصاد، فقد اعتمدت على زيادة الدخل من خلال جذب الفرص الاستثمارية ورؤوس الأموال الأجنبية. وقد لجأت لتحقيق ذلك إلى سن القوانين والتشريعات التي تحمي المستثمرين والتي تمتاز بشفافيتها ومتانتها، كما لجأت الحكومة إلى توفير كافة عوامل الجذب للاستثمار والترويج لوضعها كمركز مالي وتجاري وصناعي وسياحي فوفرت البنية الأساسية المتطورة وفق أحدث المستويات العالمية ووفرت خدمات الاتصال وتقنياته المتقدمة وعززت قدرة مملكة البحرين التنافسية في قطاعات اقتصادية مستهدفة وضعتها الحكومة وفتحتها أمام المستثمرين.
وبفضل من الله وجهود أبنائها نجحت البحرين، وبالرغم من التحديات السياسية والاقتصادية، في تنويع مصادر دخلها حتى أصبحت مركزا ماليا مرموقا وقاعدة للصناعات الوطنية. وبحمد الله وتوفيقه نجحت الحكومة في تحقيق حجم الاستثمارات المستهدفة سنويا وفق خططها التي أعدت لهذا الغرض. ومازالت البحرين تؤمن بأنه يمكن لدول الخليج بوجه خاص وللدول العربية بوجه عام تحقيق المزيد من النجاحات الاقتصادية من خلال اتباعها لمنهج العمل الاقتصادي المتكامل وذلك وفقا للمزايا النسبية لكل دولة ووفقا لقدراتها وإمكاناتها المشتركة... والتي يمكن تحقيق الاستفادة القصوى منها عبر مشروعات التكامل بين البلدان العربية.
نعلم أنكم تحرصون على تطوير علاقات التعاون والاستثمار مع دول جنوب شرق آسيا... لماذا هذه الدول بالتحديد؟
- إن زياراتنا الرسمية سواء للدول الشقيقة أو الصديقة تستهدف دائما توطيد وترسيخ أواصر التعاون والترابط بين البحرين ومختلف دول العالم، ومن بينها الدول الآسيوية التي نحترم ونقدر ما وصلت إليه من تقدم وتطور في مختلف المجالات... فإلى جانب حرصنا على دعم علاقاتنا مع هذا الجزء الحيوي من العالم، فإننا نهدف كذلك إلى الاستفادة من خبرات هذه الدول والاطلاع على تجاربها الناجحة لنأخذ منها ما يمكن أن ينفعنا ويدعم مسيرتنا التنموية... وبالفعل فقد حققت زياراتنا للعديد من الدول الآسيوية نتائج طيبة للغاية وتمخضت عن العديد من الاتفاقيات الثنائية التي من شأنها أن تدعم وتعزز التعاون مع هذه الدول بما يخدم مصالح مملكة البحرين... كما أن هذه الزيارات أسهمت في توسيع نطاق التبادل التجاري بين مجموعة دول جنوب شرق آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي من خلال بوابة البحرين.
الشراكة وارتباط المصالح
هناك طروحات عديدة تتعلق بالأمن في منطقة الخليج لعل آخرها ما تردد عن إنشاء منظومة تضم دول مجلس التعاون واليمن والعراق ومساهمة أطراف دولية أخرى في ضمان وتحقيق الأمن بالمنطقة. ما رأيكم في هذا الطرح؟ وما هي نظرتكم إلى ترتيبات الأمن في المنطقة؟
- كما يعلم الجميع فـإن منطقة الخليج تعد واحدة من أهم المناطق في العالم... وقد شهدت هذه المنطقة العديد من المخاطر والحروب خلال العقود الماضية مما كان له انعكاسات سلبية على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي... ومن هنا تأتي أهمية التعاون الإقليمي مع الأشقاء والأصدقاء على المستوى الإقليمي والدولي للحفاظ على أمن هذه المنطقة الحيوية من العالم، بشرط ألا يؤثر ذلك على دول المنطقة واستقلالها وأن يكون هذا التعاون في إطار الاحترام المتبادل بين الدول وأن يمتد ليشمل كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية... وهنا نؤكد على دور الشراكة التجارية وارتباط المصالح الذي عاشته دول الخليج مع العالم الخارجي منذ سنوات طويلة ودوره في الحفاظ على الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
الإرهاب آفة عالمية مقيتة
ما هي رؤيتكم لكيفية التعامل مع ظاهرة الإرهاب التي باتت تهدد مختلف دول العالم؟ وكيف يمكن برأيكم احتواء هذه الظاهرة والقضاء عليها؟
- الإرهاب آفة عالمية مقيتة، ليس لها جنس أو ملة ولا تقتصر على شعب أو دين بعينه ومن ثم يجب على الجميع محاربتها والتصدي لها في إطار تعاون وتنسيق دولي... ولا يجب أن تقتصر مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة على البعد الأمني فحسب بل لابد من مناقشة كافة القضايا المتعلقة بها، كما يجب أن تتضافر كافة الجهود للقضاء على مظاهر الغلو والتطرف الذي يؤدي إلى خلق مناخات سلبية تستغل من قبل البعض لشن هجمات إعلامية وسياسية شرسة تلصق تهم الإرهاب بالإسلام والمسلمين... فلابد من التأكيد على حقيقة الإسلام ونقاء جوهره الحضاري الذي بدعو إلى الحوار والتسامح ونبذ العنف ويدعو إلى التعايش السلمي بين البشر.
الإصلاح ينبع من الداخل
الدعوات تتزايد إلى تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية في دول منطقة الشرق الأوسط... ما هي رؤيتكم لهذه الدعوات... وكيف تنظرون إلى قضية الإصلاح وكيفية تطبيقه؟
- الواقع أن الدول العربية تسير في طريقها نحو المزيد من الإصلاح والتطوير وهناك الكثير من النجاحات على هذا الصعيد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التجربتين المصرية والبحرينية... وهنا تجدر الإشارة إلى التطوير النوعي الكبير الذي حققته البحرين على صعيد مؤسساتها التشريعية والدستورية واستطاعت من خلال المشروع الوطني الذي يقوده الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن تؤسس لمرحلة جديدة ومتطورة من المشاركة السياسية وهو ما أشاد به الجميع وحظي باحترام العالم أجمع... فخلال فترة قصيرة استطاعت البحرين بالرغم من كل التحديات التي تواجهها تحقيق قفزات نوعية في ديمقراطية حقيقية راسخة قابلة للتطور والاستمرار.
وقد نبعت هذه التطورات من إرادة داخلية للقيادة والشعب في إطار مشروع وطني شامل لبناء الدولة العصرية بكل مقوماتها ومن دون أية ضغوط خارجية... ولعل هذا هو السبب الجوهري في نجاح هذه التجربة وتحقيق أهدافها... وهنا نود أن نؤكد أهمية أن يكون الإصلاح نابعا من الداخل وأن تراعى فيه ظروف كل دولة، الداخلية والإقليمية، والتي تجعل صاحب القرار في الكثير من الأحيان يراعي الكثير من الاعتبارات لنجاح مشروعه وتحقيقه لأهدافه المرجوة.
التكامل الاقتصادي أولا
لماذا لم يتمكن العرب برأيكم من تحقيق التكامل الاقتصادي حتى الآن؟... وكيف تنظرون إلى إمكان تحقيق هذا التكامل. وما الذي ينقص العالم العربي للوصول إلى السوق المشتركة؟
- ينبغي أن تكون الرؤية العلمية والعملية هي ركيزة العمل العربي المشترك خلال المرحلة المقبلة وأن يكون التكامل الاقتصادي هو محور التعاون بين الدول وبعضها بعضا... ولكي يتحقق التعاون والتكامل الاقتصادي العربي لابد أن يكون هناك منهج للعمل الاقتصادي يقوم على التكامل لا التنافس وتقسيم العمل مع الأخذ في الاعتبار مصالح كل دولة وإمكاناتها... فلابد من التنسيق وتوزيع الأدوار وفقا لمزايا كل دولة وإمكاناتها بما يفتح المجال لبلورة السوق العربية الواسعة ويزيد من الانتاج في السلع والخدمات ويتيح حرية الحركة لرؤوس الأموال والعمالة... لابد من رؤية عملية في التعامل فيما بين الدول العربية وبعضها بعضا وابتكار وسائل متقدمة وغير تقليدية للتعاون والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي.
هل تتوقعون عودة الأمن والاستقرار إلى العراق بعد الانتخابات المقبلة... وهل ترون أن تواجد القوات الأجنبية ينبغي أن ينتهي قريبا من العراق؟
- البحرين حريصة على عودة العراق إلى وضعه الطبيعي حتى يتمكن من ممارسة دوره الفاعل والبناء في محيطه العربي والإسلامي، ولهذا فهي تدعم وتساند كافة الجهود المبذولة لاعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع العراق... ومن هذا المنطلق فإنها ترى أهمية إجراء الانتخابات لاختيار حكومة عراقية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب العراقي في الحياة الكريمة وإعادة إعمار العراق المستقل الموحد.
نثمن جهود مصر
هناك مؤشرات على إمكانية تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق تسوية مع سورية واحلال السلام في الشرق الأوسط... هل تتفقون مع هذه الرؤية... وما هو تقييمكم للوضع على هذا الصعيد؟
- لقد أكدنا كثيرا ومازلنا نؤكد أن الوصول إلى سلام شامل وعادل يضع حلا للقضية الفلسطينية ويعيد إلى الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة ويعيد كافة الأراضي العربية المحتلة إلى أصحابها، من شأنه أن يسهم بشكل كبير في أمن واستقرار المنطقة والعالم أجمع... ونحن نثمن الجهود المصرية المخلصة التي تبذلها الشقيقة مصر بقيادة فخامة الأخ الرئيس محمد حسني مبارك وحكومته لدفع عملية السلام ومساعدة الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه... وفي ذات الوقت فأننا نطالب المجتمع الدولي ببذل المزيد من الجهود لوضع حد لهذا الصراع الذي يستنزف جهود دول المنطقة ويعرقل تقدمها وأمنها واستقرارها... مؤكدين ضرورة حمل إسرائيل على تنفيذ خريطة الطريق والتوقف عن ممارساتها التعسفية ضد الشعب الفلسطيني مما يعرقل جهود السلام ويزيد مشاعر القلق بشأن الفرص المتاحة لتحقيق السلام العادل والشامل الذي ينشده العرب وتعكسه كافة مواقفهم.
لن نسمح بعرقلة الديمقراطية
ما هو تقييمكم للتجربة الديمقراطية في مملكة البحرين حاليا. وكيف يمكن تطويرها. وما هي ملاحظاتكم على الممارسة الديمقراطية بعد مرور أكثر من عامين على استئناف الحياة النيابية؟
- الحقيقة أن الديمقراطية ليست نهجا جديدا في البحرين بل كانت أسلوبا متبعا في العلاقات والتواصل بين الحاكم وشعبه منذ نشأتها الأولى... فلقد كانت سياسة الباب المفتوح ولاتزال نمطا لأسلوب التعاطي بين الحكومة والشعب، وكانت رغبات الشعب ومصالحه باستمرار هي الباعث الأساسي والمحرك لكل سياسات الحكم، وقد تكرس هذا المفهوم وازداد رسوخا بصدور الدستور واستكمال المؤسسات الدستورية وإنشاء المجالس التشريعية.. فالمزيد من الديمقراطية والانفتاح الذي تشهده بلادنا في الوقت الراهن هو بلاشك يعد من الانجازات التي تضاف إلى سجل ما حققته البحرين في هذا المجال كما في شتى المجالات الأخرى.
وقد حظيت هذه الانجازات - التي تأتي في إطار مشروع وطني شامل يقوده بحكمة واقتدار عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة - ولله الحمد باهتمام وتقدير دولي واسع ومن مختلف الأوساط الرسمية وغير الرسمية ونحن فخورون بالإشادة التي تحظى بها مملكة البحرين لما تحقق في مجال تجربتها الديمقراطية، وهي تجربة تزداد كل يوم قوة ورسوخا في الممارسة الديمقراطية في ظل تعاون فاعل وبناء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وحرص من الدولة والقيادة على دعم كافة المؤسسات الدستورية في البلاد لأداء واجبها ورسالتها السامية في خدمة الوطن.
وبلاشك فإن تطوير هذه التجربة الديمقراطية يقع على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية، فكلما غلبت مصالح الوطن والمواطن ووضعت المصلحة العليا نصب الأعين وتم التعامل بين السلطتين في أجواء من الثقة المتبادلة تطورت التجربة الديمقراطية... وبعد مرور أكثر من عامين على استئناف الحياة البرلمانية لا يسعني إلا أن أقول إن التجربة واعدة وأعضاء السلطة التشريعية يكتسبون كل يوم مزيدا من الخبرة، ونحن في السلطة التنفيذية سنواصل دعم السلطة التشريعية بالتعاون البناء معها، ولن نسمح بإعاقة تطور هذه التجربة أو عرقلتها، وسنواصل المضي قدما في هذه التجربة متسلحين بثقتنا في شعبنا الوفي وقدرته على صيانة وحدته الوطنية التي تشكل صمام الأمان ومفتاح العمل نحو مستقبل زاهر لوطننا.
مستقبل المرأة البحرينية
على رغم أن المرأة البحرينية قد نالت الكثير من الحقوق فإنها لم تتمكن حتى الآن من الوصول إلى مقاعد مجلس النواب... متى يمكن ان تحقق المرأة البحرينية نجاحات في الانتخابات البلدية والنيابية برأيكم؟
- كما تعلمون فإن البحرين بمختلف أجهزتها ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية قد اهتمت بالمرأة منذ أمد بعيد، وقام نهجها على المساواة بين المرأة والرجل في فرص العمل والتعليم والتدريب والخدمات وفي حق التصويت والترشح للانتخابات وغيرها... وقد حققت البحرين في هذا المجال أعلى المعدلات وكانت من أولى الدول العربية التي تتبوأ فيها المرأة أعلى وأرفع المناصب جنبا إلى جنب مع الرجل.
ونحن حريصون كل الحرص على المزيد من دعم وتعزيز دور المرأة في المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهنا تجدر الإشارة إلى الجهود الطيبة التي يبذلها المجلس الأعلى للمرأة بقيادة الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة في مساندة المرأة ودعم قضاياها... وفيما يتعلق بالانتخابات البلدية والنيابية فقد حرصت المرأة البحرينية على المشاركة فيهما كناخبة ومرشحة إلا انها لم تتمكن في الانتخابات السابقة من الوصول إلى مقاعد المجلس البلدي أو مجلس النواب، ومع ذلك فقد أثبتت كفاءتها وتميزها من خلال مقاعدها في مجلس الشورى.
ويجب ألا يثني من عزم المرأة البحرينية عدم نجاحها في الوصول إلى مقاعد مجلس النواب في الدورة الأولى، وان تصر على الدخول إلى الانتخابات في الدورة الثانية وبحماس وعزم أكبر، وأنا متفائل بأنه بفضل عزيمتها القوية وإصرارها على النجاح والتميز في مختلف المجالات فان المرأة البحرينية ستكون قادرة على الوصول إلى مجلس النواب في دورته الثانية وان كل ما يتطلبه ذلك أن تنال المرأة المرشحة ثقة الرجل الناخب والمرأة الناخبة على حد سواء.
نحمي الحرية ولا نقيدها
يدور الحديث في البحرين هذه الأيام عما يصفه البعض بسعي الحكومة إلى وضع قيود على حرية الرأي والتعبير من خلال سن قوانين وتشريعات جديدة لتنظيم الجمعيات السياسية أو عقد الاجتماعات والتجمعات وتنظيم المسيرات... ما رأيكم في ذلك، وكيف تقيمون مستوى الحريات في البحرين؟
- إن حرية الرأي والتعبير كفلها الدستور وان البحرين قد قطعت شوطا طويلا في ممارسة الانفتاح واحترام حرية التعبير والرأي. وان القوانين والتشريعات التي ذكرتها جاءت لتحمي الحرية لا لتقييدها، فممارسة الحرية تحتاج إلى الضوابط التي تحميها من الانفلات اللامسئول وتنظم ممارستها على نحو يقيها ويحميها من الانفلات، والفرق جوهري ما بين الحرية والانفلات... فالحرية تعني تحمل المسئولية، فلا حرية بلا مسئولية على نحو يصب في خدمة الوطن وتقدمه ويؤكد الانتماء إليه والحفاظ على مكتسباته وانجازاته. ومن هذا المنطلق تأتي الحاجة إلى القوانين لا لتقييد الحريات بل للتنظيم وحماية التجربة الديمقراطية من الانفلات ومن الذين لا يدركون قيمة الانجازات التي حققتها بلادهم في المجال الديمقراطي ودعم الحريات، والقوانين لا تصدرها الحكومة بل تمر عبر قنوات تشريعية حددها الدستور، كما أنها لا تصدر إلا بعد ان تستوفي حقها من الدراسة لتفادي أي ثغرات ونواقص... كما ان البحرين بها محكمة دستورية يمكنها بعد صدور القانون النظر في مدى اتفاقه وانسجامه مع مبادئ الدستور وفي إطار نظام الفصل بين السلطات وتكاملها.
تشهد العلاقات بين مصر والبحرين نموا مطردا وخاصة على الصعيد السياسي... إلا أن التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين لايزال بحاجة إلى دفعة قوية ترتقي به إلى مستوى العلاقات السياسية... كيف يمكن تحقيق ذلك؟
- نحن في مملكة البحرين نعتز اعتزازا بالغا بالنمو المطرد الذي تشهده علاقاتنا بالشقيقة العزيزة جمهورية مصر العربية والتي تعززت أواصرها وتطورت في ظل قيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأخيه الرئيس محمد حسني مبارك... فالعلاقات البحرينية المصرية تتسم بأنها علاقات تاريخية أخوية وطيدة أساسها التواصل والمحبة بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين والمصلحة العربية المشتركة وتمتد جذورها لسنوات طويلة، وهناك تعاون وثيق بين البلدين في مختلف المجالات.
ونحن نتطلع إلى العمل مع الأخ الدكتور أحمد نظيف رئيس وزراء جمهورية مصر العربية من خلال كافة القنوات ومن بينها اللجنة البحرينية المصرية المشتركة لدعم وتعزيز هذا التعاون ولاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية بما يعكس واقع الأواصر الحميمة التي تربط البلدين ويعود بالخير والمنفعة على شعبيهما الشقيقين.
ولاشك في ان بروتوكولات التعاون التسعة في المجالات الاقتصادية والتجارية المختلفة والتي تم توقيعها خلال اجتماع اللجنة البحرينة المصرية المشتركة في مملكة البحرين مؤخرا ستعطي زخما للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتدفع به قدما نحو الأمام.
مصر بلدي الثاني
قمتم بآخر زيارة لمصر عام ،1997 أي منذ أكثر من سبع سنوات، على ضوء الدعوة الموجهة إليكم لزيارة مصر من الرئيس حسني مبارك ومن رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، هل تخططون للقيام بهذه الزيارة قريبا؟
- الواقع أن لمصر وشعبها في القلب محبة ومكانة كبيرة ونحن نعدها بلدنا الثاني ونسعد دائما بزيارتها والالتقاء بقيادتها وأهلها. وقد كان لزيارتنا الأخيرة ولله الحمد نتائج طيبة أسهمت في دعم وتعزيز علاقات التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، واننا نتطلع لزيارة مصر في المستقبل القريب للالتقاء بأخينا فخامة الرئيس محمد حسني مبارك الذي نكن له كل المحبة والود والتقدير لدور فخامته المحوري الكبير في نصرة قضايا الوطن العربي ودعمه في جميع المحافل... كما اننا نتطلع إلى الالتقاء بالأخ الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء خاصة بعد توليه رئاسة الوزراء وان يكون هذا اللقاء استكمالا لتطوير العلاقات بين البلدين وتعزيزها بما يحقق آمال وتطلعات الشعبين الشقيقين ويجسد رؤى قيادتي البلدين. ومن ناحيتي فانني سأزور جمهورية مصر العربية الشقيقة في أقرب فرصة ممكنة.
* ينشر الحوار بالتزامن مع نشره في صحيفة "الأهرام" المصر
العدد 853 - الأربعاء 05 يناير 2005م الموافق 24 ذي القعدة 1425هـ