العدد 869 - الجمعة 21 يناير 2005م الموافق 10 ذي الحجة 1425هـ

الدول الخليجية والعربية تواجه تحديات خطيرة في مجال المياه

30% من سكان العالم يعانون من أزمة مياه

وفقا لإحصاءات عالمية صدرت حديثا، فإن 30 في المئة أي نحو 1,4 مليار شخص من سكان العالم يعانون من أزمة مياه، وإذا استمر الوضع على هذه الوتيرة "من الاستهلاك" فإن الأزمة ستطال 50 في المئة من الناس في العام . 2025 وتوضح هذه الاحصاءات أن مليوني طفل يموتون سنويا بسبب مشكلات على علاقة بالمياه، وذلك بسبب تجفيف الأنهار والمستنقعات وتدمير الأنظمة البيئية.

وتشير هذه الاحصاءات الى أن معظم الدول العربية ومن بينها الدول الخليجية تعاني من شح المياه مع نهاية القرن العشرين بعضها بصورة حادة وأخرى لاتزال فوق حد الفقر المائي وتبين هذه الدراسة ان ثلثي مياه البحر المحلاة موجودة في الشرق الأوسط ومعظمها في دول الخليج وبعض الدول العربية "مياه البحر المحلاة في العالم تصل الى 30 مليون متر مكعب يوميا".

وعلى امتداد مساحة الوطن العربي البالغة 14 مليون كلم مربع هناك كميات وفيرة من المياه الجوفية المتجددة وغير المتجددة كخزانات المياه الجوفية في طبقة الحجر النوبي بالصحراء الغربية ممتدة عبر السودان وتشاد ومصر وليبيا، وفي طبقة الدمام العميقة في السعودية وعين الفيجة في سورية.

وعلى رغم انه لا توجد تقديرات متوافرة عن مجموع كميات مصادر المياه لكن يتبين ان مصادر المياه من خارج الوطن العربي تقدر بنحو 62 في المئة من مجموع مصادر المياه العربية، وان الدول الخليجية الواقعة فوق حد الفقر المائي هي سلطنة عمان، اما بقية الدول الخليجية فتقع تحت خط الفقر المائي.

ويتوقع خبراء مائيون ان يقترب العجز المائي للدول العربية في الركن الغربي من الوطن العربي العام 2030 من 100 مليار متر مكعب سنويا. اما بالنسبة للدول العربية في الركن الشرقي من الوطن العربي فسيكون حوالي 133 مليار متر مكعب سنويا. وهذا ان دل على شيء فانما يدل حسب ما يقوله هؤلاء الخبراء ان الوطن العربي مقبل على مشكلة مائية كبيرة مطلع القرن المقبل، لا يمكن تجنبها الا من خلال منظور قومي وتعاون كامل بين امكانات الاقطار العربية لتجنب ما يعرف بحرب المياه في القرن المقبل. ويشدد الخبراء على ضرورة التنسيق بين مراكز وجهات البحوث المائية في الوطن العربي والتنسيق ايضا بين جهات الاعلام المائي لتقوم ببرامج توعية لمستخدمي المياه في العالم العربي.

إن مشكلة المياه في الدول الخليجية والعربية لا تقف عند حدود شحتها وقصورها عن تلبية الاحتياجات المختلفة، بل تتجاوز ذلك الى كفاءة استخدامها استخداما علميا سليما. وبالقاء نظرة على استخدامات المياه في الوطن العربي يتضح ان الكميات المستخدمة سنويا من المياه تبلغ 178,6 مليار متر مكعب، وتستهلك الزراعة منها 157 مليار متر مكعب في السنة، والاستعمالات المنزلية 13,2 مليار متر مكعب، والاستعمالات الصناعية 8,4 مليارات متر مكعب. وتروي كميات المياه المستخدمة للري 11 مليون هكتار من الاراضي الزراعية، وتتركز الزراعة المروية في مصر والعراق والسودان والمغرب وسورية والسعودية ويبلغ مجموع المساحة المروية في هذه البلدان 9,1 ملايين هكتار، أي ما يقارب 83 في المئة من مجموع المساحة المروية في الوطن العربي، وتستهلك 138 مليار متر مكعب من المياه أي ما يقارب 88 في المئة من المياه المتجددة فيها. وتشكل المساحة المروية في الوطن العربي 23 في المئة فقط من اجمالي مساحة الاراضي المزروعة.

إن اولويات سياسات تأمين احتياجات المياه في الدول الخليجية يجب ان تكون فعلا واضحة. فاولى هذه الأولويات هو ضرورة ان تلجأ هذه الدول الى وضع استراتيجيات موحدة لمواجهة تحدي احتياجات الغذاء لان هذه الدول ستظل في المستقبل المنظور من المستوردين الرئيسيين للحبوب في العالم. وبالتالي فان بامكانها ان تلعب دورا مؤثرا في صوغ نظام التجارة العالمي للحبوب.

اما التحدي الاستراتيجي الآخر فهو تحسين استخدامات المياه في دول المنطقة ويطلق على هذا المفهوم "إدارة الطلب" من قبل واضعي سياسات المياه بدول المنطقة. وفي الحالات التي لا يكون فيها توفير المياه لا يمثل مشكلة، يقترح الاقتصاديون ان يتم توجيه استخدامات المياه للمصادر القادرة على استخدامه بشكل اكفأ. ففي الحقل، يجب توجيه المياه للمحاصيل التي تحقق افضل استخدام للمياه وبالوقت نفسه أعلى منفعة للاقتصاد ككل مثل الخضراوات ذات القيمة العالية بدلا من الاعلاف والاغذية الحيوانية. وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية الاولوية يجب ان تعطي للصناعة قبل الزراعة.

وبالنسبه إلى التحدي الثالث هو زيادة كفاءة استخدام مصادر المياه الحالية لزيادة العوائد المتحصلة منها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توظيف الاستثمارات الضرورية في تقنيات استخدامات المياه والادارة البشرية، وفي الموارد غير التقليدية من مياه محلاة او معالجة مع مراعاة المردود الاقتصادي. كما يشدد عدد من الخبراء المائيين على أهمية التركيز على ايجاد انظمة للصرف الصحي ليس لحماية البيئة من السلبيات، وانما من أجل اعتبار المياه "المبتذلة" مصدر مياه معالجة صالحة لاستعمالات كثيرة ومصدر اسمدة طبيعية صالحة لاستصلاح الأراضي وخصوصا في المناطق الصحراوية. ولان دول المنطقة تعاني من نقص في مصادر المياه فانه من الضروري وحسب رأي الخبراء أنفسهم إعادة النظر في موضوع المياه المبتذلة وطريقة تصريفها ولاسيما ان المياه المبتذلة تصلح لعدة أغراض اهمها ري بعض المحاصيل والحدائق والشوارع. ولاشك قي أن استخدام المياه المبتذلة يساعد على المحافظة على الثروة المائية فترة اطول

العدد 869 - الجمعة 21 يناير 2005م الموافق 10 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً