ظل إعلاميو الإذاعات الرسمية العربية طيلة نصف القرن الماضي يعتقدون أن فترة البث الصباحي التي تبدأ وتنتهي بخروج الموظفين إلى دوائر عملهم هي الفترة الذهبية لبث الموسيقى الهادئة "المريحة" للأعصاب.
ويمكنكم أن تتخيلوا موظفا يخرج بنشاط إلى مقر عمله وفي ذهنه جدولة الأعمال التي سينجزها وفي الطريق تبث هذه الإذاعة أو تلك موسيقى هادئة تجعله يتمنى العودة إلى فراش "النوم".
وانتبهت بعض الصحف إلى هذه الظاهرة وتمكنت بعد زمن طويل من تعديل هذا المفهوم على رغم أن إعلاميي هذه الإذاعات يعتقدون أن اعتقادهم الإعلامي والإذاعي لا يقبل الجدل أو النقاش وبعضهم الآخر من مدرسة "نفذ ثم ناقش".
لا ننكر أن عددا كبيرا من الإذاعات انتبهت إلى هذه الظاهرة وبدأت في تغييرها، ويا ليتها لم تفعل.
فقد انقلبت من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، كما يقول جهابذة السياسة، وبدأت في بث الأغاني التي يقولون عنها بكل فخر إنها أغان "شبابية".
فعلت ذلك بسذاجة متناهية جدا، إذ اعتقدت أن أغاني الشباب هي التي يجب أن تمتاز بـ "الهيصة" و"الرعونة" وقلة "الذوق" وأخيرا الصخب غير المبرر.
وهكذا انقلب هؤلاء الإذاعيون من بث الموسيقى الهادئة إلى تأجيج السخف وتلويث البيئة بصخب لا يقل عنه الصخب الذي تحدثه سوق "المقاصيص" يومي الخميس والجمعة.
سامحهم الله فلو بقوا على ما كانوا عليه لنالوا استحسان بعض الناس
العدد 880 - الثلثاء 01 فبراير 2005م الموافق 21 ذي الحجة 1425هـ