قال الشيخ حسين نجاتي: "لا يوجد نص واضح في قانون المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، يشير إلى أن رأي المجلس غير ملزم"، وأكد أن "جملة إبداء الرأي لا يقصد بها مجرد رأي ليست له قيمة عملية على المستوى الإداري"، وانتقد نجاتي عدم النص على عدد ممثلي كل طائفة في المجلس، إضافة إلى عدم تحديد مسألة رئاسة المجلس ونيابة الرئيس أو هل ستكون بالتداول، وأكد أن إعطاء المجلس صلاحية الإشراف على الناحية الاستثمارية في إدارتي الأوقاف قرار خاطئ.
وفي تصريح مثير، قال نجاتي إن آلية اتخاذ القرار في المجلس العلمائي الذي يرأسه الشيخ عيسى أحمد قاسم "غير شرعية". جاء ذلك خلال لقاء أجراه نجاتي أمس مع مندوبي الصحف المحلية وبعض الصحف العربية.
المحرق - حسين خلف
كشف أمس الشيخ حسين النجاتي عن ستة تحفظات له على القانون المعدل للمجلس الإسلامي الأعلى، مشيرا إلى أنه "لا يوجد نص واضح يشير إلى أن رأي المجلس غير ملزم"، وأكد اعتقاده أن "رأي المجلس سيكون ملزما"، كما ان عدد ممثلي كل طائفة في المجلس غير واضح، ومسألة رئاسة المجلس ونيابة الرئيس غير واضحة ستكون لمن؟ أو هل ستكون بالتداول؟ فنص القانون بحسب قوله اكتفى بتحديد عدد أعضاء المجلس، وكان مثيرا قول النجاتي ان آلية اتخاذ القرار في المجلس العلمائي غير شرعية. جاء ذلك خلال لقاء أجراه النجاتي أمس مع مندوبي الصحف المحلية وبعض الصحف العربية.
وقال النجاتي في بداية حديثه: "مرة أخرى نرى ضرورة تأكيد تثميننا وتقديرنا للروح الإصلاحية، التي مهدت لإصلاح قانون المجلس الإسلامي الأعلى، الذي كان محل خلاف واعتراض، تلك الروح التي أرادت بإذن الله تعالى أن تحقق الوئام الوطني في هذا الحقل المختلف فيه، وهذا يدعونا إلى مباركة هذه الخطوة الإصلاحية الكبيرة والدعاء لها بالتوفيق لمزيد من العطاء. وإن إبداءنا التحفظ على نص القانون الجديد، لم ينطلق إلا من أساس ان إبداء التحفظات وتسجيل وتوضيح نقاط الخلل والإشكال، لا يكون إلا رافدا لعملية الإصلاح والتقدم بهذه الخطوة الإصلاحية إلى الأمام، بما يزيل جميع مواقع الإشكال أو معظمها عن القانون، فعملية النقد والتعليق والإشكال وبيان الموقف الشرعي كلها في خدمة مزيد من الإصلاح وتحقيق قدر أكبر من الوحدة الإسلامية والوطنية، وفي خدمة المحافظة على الثوابت الشرعية التي لا يرضى أحدنا قيادة وشعبا بتجاوزها، كما ان إبداء التحفظات على القوانين قبل إقرارها وإصدارها، أفضل من إبداء الرأي بعد ذلك".
ممثلو كل طائفة كم؟
وابتدأ النجاتي في سرد تحفظاته قائلا: "من الواضح ان هذا القانون كما انه يعالج القضايا الإسلامية التي تهم الطائفتين معا، مثل السعي لتحقيق ودعم الوحدة الإسلامية ونشر التراث الإسلامي وتأصيل القيم الدينية في المجتمع وما إلى ذلك، كذلك يعالج القضايا التي تدخل في موضوع يهم هذه الطائفة بخصوصها، أو تلك الطائفة، مثل الرقابة على الكتب الدينية المذكور في المادة الثالثة، من حيث ان كل طائفة تهتم بعدم منع نشر تراثها الثقافي، ومثل إبداء الرأي في مناهج التربية الدينية في المدارس المذكور في المادة الثالثة. وإذا كان كذلك فلابد أن يكون مستوى حضور الطائفتين في هذا المجلس بشكل متساو تماما، على ان تكون هذه المساواة مضمونة في نص القانون، حتى لا يقع حيف أو غبن على هذه الطائفة أو تلك الطائفة، وحفاظا على العدالة التامة بين الطائفتين التي لا يريد النظام السياسي تجاوزها، ومن هذا المنطلق عندما نقرأ نص المادة الرابعة التي جاء فيها: "يشكل المجلس من رئيس ونائب للرئيس، وعضوية أربعة عشر عالما من العلماء في الشريعة الإسلامية، ممن يمثلون الطائفتين بالمملكة ويصدر بتعيينهم، وتحديد مكافآتهم أمر ملكي..."، نجد ان المادة خالية من التصريح بضرورة تساوي عدد العلماء الأعضاء في المجلس من الطائفتين، مع أن التصريح به ضروري، ولا يغني عن ذلك التصريح بأن الأعضاء يمثلون الطائفتين الكريمتين وهذا هو التحفظ الأول".
من الرئيس ومن نائبه؟
وأضاف "التحفظ الثاني ورد أيضا في المادة الرابعة ذاتها، إذ ذكرت ان للمجلس رئيسا ونائبا للرئيس، واقتصرت على ذلك، مع انه حفاظا على المساواة والعدالة بين الطائفتين لابد من التصريح بأن الرئيس يكون في دورة سنيا ونائبه شيعيا وفي الدورة اللاحقة بالعكس، والا قد يلزم اختلال تعادل الأصوات لصالح إحدى الطائفتين، ما يوجب غبنا وحيفا على الطائفة الأخرى، فمن الممكن أن يعين الرئيس ونائب الرئيس من طائفة واحدة لدورات متتالية، ولن يكون ذلك مخالفا للقانون! ومن الضروري كون صوغ القانون بالشكل الذي يؤمن العدالة بما لا يدع للحيف مجالا".
رأي المجلس سيكون ملزما
وأوضح النجاتي تحفظه الثالث، بإشارته إلى ان في "البند الخامس من المادة الثالثة جاء نص مفاده ان للمجلس: "إبداء الرأي من الناحية الموضوعية في الطلبات المقدمة للترخيص للجمعيات، والمراكز والمؤسسات والهيئات الإسلامية بالتنسيق مع الجهات المختصة"، وهذه العبارة بعمومها وإطلاق كلماتها تعم مثل الحوزات الدينية مع ان التصريح باستثنائها ضروري. وكلمة إبداء الرأي لا يقصد بها مجرد رأي ليست له قيمة عملية على المستوى الإداري، والا فليصرح بذلك ان آراء المجلس ليست لها قيمة إلزامية عملية. بل ان التصريح باستقلالية النشاط الأهلي وخصوصيته المذكور في المادة الثانية من مسودة القانون المعدل، لا يغني عن التصريح في نص القانون، بأن المجلس ليس من صلاحياته التدخل في شئون تعيين أئمة المساجد والخطباء، ذلك لأن عبارة النشاط الأهلي قد يدعى لاحقا أو يتوصل القضاء إلى عدم شمولها لقضية المساجد والخطباء، والاحتياط بالمحافظة على الحقوق لا ضرر فيه، إنني أطالب بأن يصاغ القانون بشكل يتم استثناء الحوزات فيه بشكل صريح، وكذلك استثناء أئمة وخطباء المساجد والمآتم".
الإشراف على استثمار الأوقاف خطأ
وعن تحفظه الرابع قال: "تحفظي الرابع مفاده انه جاء في البند السادس من المادة الثالثة نص يقول إن للمجلس: "ابداء الرأي في خطط وبرامج إدارتي الأوقاف، من الناحية الاستثمارية". مع انه بالالتفات إلى اختلاف الفقهين السني والشيعي في قضية تصويب استثمار أو عدم تصويبه لملاكات معينة مبسوطة في الفقه، لا يمكن ان يكون من صلاحيات هذا المجلس المكون من علماء الطائفتين التدخل في خصوص الأوقاف السنية أو خصوص الأوقاف الشيعية، فتقييم الأمور حتى من الناحية الاستثمارية في الأوقاف يجب ان يكون لكل طائفة خصوصياتها فيه وتدخل طائفة في أوقاف الطائفة الأخرى حتى من الناحية الاستثمارية لا مجال له فقهيا. وكلمة إبداء الرأي كما قلنا في التحفظ السابق لا يقصد بها مجرد رأي ليست له قيمة عملية على المستوى الإداري، والا فليصرح بذلك ان آراء المجلس ليست لها قيمة إلزامية عملية، ومن المعروف بأننا طلبنا بشكل رسمي سابقا أن تكون الأوقاف تحت يد العلماء على أن يستعينوا بالخبراء، ثم نحن لا نستطيع تفكيك الجانب الاستثماري عن الجانب الشرعي، اعتقد انه لا توجد ضرورة لإخضاع الاستثمار في الأوقاف إلى المجلس، وخصوصا في ظل آراء فقهية متباينة".
إبداء الرأي للفقيه فقط
وعن تحفظه الخامس قال النجاتي، إنه "جاء في البند التاسع من المادة الثالثة نص مفاده إن للمجلس: "دراسة ما يحال إليه من الجهات المختصة من القضايا المتعلقة بالشئون الإسلامية، وإبداء الرأي فيها، بما يعود بالفائدة على الإسلام والمسلمين"، وان هذا النص عام ويمكن ان يتناول أمورا كثيرة تتعلق بالشأن الديني الذي لا يرتضيه الفقه السني أو الشيعي، وتحكيم أحد المذهبين لا يصح. فمثلا لو تم طرح موضوع فرض الزكاة على المواطنين، من خلال اقتطاع أجزاء من رواتبهم الشهرية ونحن نعلم أن هذا الأمر لا يوافق الفقه الشيعي، فهل من الممكن طرحه في المجلس وإقراره من خلال التصويت بالغالبية؟ وكما قلنا فإن ابداء المجلس رأيه لا يقصد به مجرد رأي ليست له قيمة عملية على المستوى الإداري، والا فليصرح بذلك ان آراء المجلس ليست لها قيمة إلزامية عملية. ومن هنا فهذا البند بهذا المفهوم الواسع يمكن ان يسبب الحيف على طائفة أو أخرى. على ان إبداء الرأي في الفقه الشيعي تنحصر صلاحيته في الفقيه الجامع لشرائط ابداء الرأي، وليس من صلاحيات أي عالم كان".
عبارات مطاطة وخطرة
أما تحفظنا السادس فمفاده أنه جاء في البند العاشر من المادة الثالثة نص أن للمجلس: "ابداء الرأي في الأنظمة واللوائح التي تنظم العمل في الأمور ذات الصلة باختصاصات المجلس". ونلحظ ان جملة: "الأنظمة واللوائح التي تنظم العمل في الأمور ذات الصلة باختصاصات المجلس" يمكنها ان تعم بعمومها أو إطلاقها أنشطة دينية كثيرة تتعلق بهذه الطائفة أو تلك، ومؤسسات كثيرة تتعلق بهذه الطائفة أو تلك، ومصالح تتعلق بهذه الطائفة أو تلك، وإيكال الأمر في ذلك كله بمثل هذه العبارات العامة والتي تحتمل تفاسير كثيرة إلى هذا المجلس يتضمن أخطارا كبيرة لهذه الطائفة أو تلك. ويجب أن تكون النصوص واضحة ومحددة، مع تأكيد أن جملة "ابداء الرأي" لا يقصد بها مجرد رأي ليست له قيمة عملية على المستوى الإداري، والا فليصرح بذلك ان آراء المجلس ليست لها قيمة إلزامية عملية".
هل كانت تحفظاته متأخرة؟
وفي إجابة له عن الحديث الدائر، عن أن تحفظاته على القانون المعدل جاءت متأخرة، قال النجاتي: "علمت بالقانون المعدل عن طريق الصحف، إذ لم يخبرني أحد بأنه تم التوافق على قانون معدل، وما حدث من توافق لم أكن على علم به، والسؤال عن سبب معرفتي متأخرا عن هذا الأمر لا يوجه إلي، بل يوجه إلى غيري، إنني أبديت تحفظي الآن قياما بواجبي، واعتقد أنه يمكن تلافي هذه التحفظات باعتبار أن القانون لايزال مسودة حتى الآن".
آلية قرار "العلمائي" غير شرعية
وذكر الشيخ حسين النجاتي، أن له عدة تحفظات على المجلس العلمائي الذي يرأسه الشيخ عيسى قاسم، إذ أشار إلى أن "آلية اتخاذ القرار في المجلس، غير شرعية، فهذا المجلس كان اقتراحا قدمناه في مجلس السيدعلوي الغريفي، لكن بعد فترة سمعت أنه تم البدء في خطوات تأسيس المجلس، وآلية القرار فيه غير متوافقة مع الشرع، إذ إن هذا المجلس يريد التصدي للشأن العام، وأريدكم أن تستفتوا أي مرجع إن قال لكم إنه يجوز لغير الفقيه إبداء الرأي في الشأن العام، لقد اقترحت على الإخوة العلماء أن تعتمد آلية التصويت بالأكثرية داخل المجلس، شرط أن ضمن الأكثرية فقيها واحدا، وهذا راجع لأن التصدي للشأن العام هو من صلاحيات الفقيه الجامع للشرائط".
وأضاف "أعتقد أن تشكيلة المجلس العلمائي الحالية لا تلبي الطموح، يجب أن تكون تشكيلة المجلس متنوعة، بحيث تضم إلى جانب علماء الدين، شخصيات من الشرائح الممتازة في المجتمع، فأنا لا أرى أية أفضلية لشخص لبس العمامة منذ خمس أو سبع سنوات، على شخص مثل الأستاذ عبدالوهاب حسين مثلا".
وأكد النجاتي انه كان معارضا لفكرة حل المكتب العلمائي، الذي كان يشترك فيه مع الشيخ عيسى قاسم، والسيدعبدالله الغريفي
العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ