يتوحد أهالي المحافظة الجنوبية مع مواطنيهم في المحافظات الاخرى بالولاء للوطن، ولا يختلفون عنهم في حقيقة أن المرافق الخدمية ينقصها التنسيق بين الجهات المعنية وتحديد اختصاصات كل جهة.
"الوسط" التقت المواطنين هناك وأعدت هذا التقرير:
تحس وأنت تدخل بين ازقة وحواري البيوت هناك ان تاريخا يمتد لعشرات السنين كان حاضرا هنا ذات يوم وما عدا البيوت الحديثة التي ترامت على جنبات المدن فكل شيء يوحي بعبق التاريخ على رغم اندثار معالمه وحاله يقول لقد "قلبوا لي ظهر المجن".
بيوت البلدية الحارة
أشار عبدالله أحمد بيده الى عدد من بيوت "الزنك" تناثرت بين أزقة منطقة الرفاع الغربي:
"أترى هذه البيوت، انها بيوت البلدية، أسكن أنا في واحد منها منذ 26 سنة، كان الايجار لا يتعدى اربعة دنانير اما الآن فقد قفز الى ثلاثين دينارا والحمد لله لا توجد في البيت كهرباء والا لطردوني من البيت لعدم سداد الفاتورة".
وخلف بيت عبدالله تشمخ قلعة تاريخية فوق مرتفع يطل على بيوت بنيت حديثا وبين هذه البيوت انتصب عدد من الدكاكين ومن بينها دكان للاقمشة تعمل فيه مروة طالب ونوال عبدالحليم اللتان تتفقان على ان مشكلة الاسكان هي من بين المشكلات المطلوب حلها بشكل جذري، وتستدرك نوال بالقول:
"نحن مثلا نعيش في غرفة وصالة فقط وغيرنا يعيشون ظروفا انسانية أصعب فحبذا لو يتم الاهتمام بتوفير المسكن الملائم للأسرة البحرينية عموما ولنا أبناء هذه المحافظة، فكم هو جميل لو أن مشكلة بيوت الاسكان حلت وحصلنا على بيوت نعيش فيها ونحسن من ظروف حياتنا معها".
يبدو انه حلم جميع الناس في مختلف مستوياتهم ولكن أم بدر تكتفي بالقول: "نريد ناديا للنساء، المرأة لا تعرف اين تذهب بعكس الرجل الذي توافرت له وسائل الترفيه كافة، واعتقد - والقول ما زال لأم مروة - ان من حق النساء هنا ان يمارسن هواياتهن في الرياضة والرسم والخياطة وتعلم حرف جديدة، اننا بهذا النادي سنجمع طاقات المرأة المهدورة لنوظفها في كل ما يفيد منطقتها وبالتالي - وهذا هو الاهم - ان تشعر بأنها جزء غير مهمل من هذا المجتمع".
ولكن مروة طالب لا تكتفي بأمل الحصول على سكن هي وذويها فهي التي تركت الدراسة ومازالت في السادسة عشرة من عمرها - كان ذلك في العام الماضي - لكي تعمل وتسد جزءا من مصاريف بيت ابويها، تقول ان الرواتب الهزيلة التي نتسلمها من هذا العمل لا تسد الحاجة ولكني مضطرة لذلك لاسيما ان اخي قدم طلبا للتعيين في احدى الدوائر الحكومية منذ سنتين ومازال ينتظر الرد الذي ظل متأرجحا بين الرفض والقبول. وتتمنى مروة ان تجد عملا افضل حتى تستطيع بعد ذلك ان تفكر في اكمال دراستها.
ويشير صالح محمد موسى - وهو طالب في المرحلة الاعدادية - الى المدارس بقوله: "أعتقد أن المدارس في المحافظة الجنوبية بحاجة الى اهتمام أكبر، إذ إن هناك مدارس تعرضت الى التخريب والكثير من أجهزتها ومعداتها تم العبث بها، فنحن بحاجة ماسة الى الاهتمام بها. وآمل أن تكون زيارة الملك المفدى بداية اهتمام حقيقي، فهذه المدارس مهمة بالنسبة إلينا وهي المكان الذي ندرس فيه ونتعلم، فحرام أن تظل من دون عناية واهتمام في الوقت الذي نتمنى فيه اكمال الدراسة فيها وهي ونحن بأحسن حال".
ومن اهمال المدارس يشير عبدالله خالد الى أهمية ايجاد حل للبطالة بقوله:
"لاشك في أن البطالة مشكلة تؤرق الكثير من الشباب هنا، وأتمنى أن يتم الالتفات اليها، وليس سرا القول ان وجود هؤلاء الشباب بهذا الوضع يجعلهم في حال صعبة للغاية ومن المهم دراسة الاسباب والمسببات".
ويضيف: "غير إني أجد أن هناك خدمة ملحة تحتاجها هذه المنطقة وهي افتقارها الى مستشفى آخر للولادة، فالمستشفى الموجود حاليا لا يقدم خدماته إلا لعدد محدود بسبب قلة امكاناته الأمر الذي يسبب مشكلة للكثير من العائلات إذ إن اقتصار المنطقة على مستشفى واحد أمر لا يخدم الجميع، بل يسبب ارباكا اليهم، فليس من المعقول أن يكون للرفاع هذه المنطقة الكبيرة مستشفى واحد يقدم خدمات قليلة".
وما أدراك ما المجاري
سعد سلطان فرج ينبه الى شوارع المنطقة الجنوبية من جديد والى المجاري بقوله: "ان الشوارع في المنطقة الجنوبية مهملة تماما، وفي هذه المنطقة من الرفاع تبدو المشكلة أكثر ازعاجا. فهناك من الشوارع ما يتحول الى بركة كبيرة تزعج المارين وتكون مصدر تلوث بيئي وروائح غير مستحبة. حتى الشوارع القريبة من السوق والتي يجب أن تكون مبلطة لتخدم رواد السوق تبدو في حال مزرية. ونحن حينما نتقدم الى البلدية طالبين منهم الاهتمام أكثر بالشوارع يـتأخرون بالنظر فيها فترة طويلة. والأمر الثالث المهم هنا هو عدم توافر حافلات النقل فنحن نطالب بتوفير شبكة مواصلات مركزها مدينة حمد تخدم جميع أهالي المنطقة".
ويضيف يوسف غلوم عبدالله علي وهو موظف باحدى الشركات: "إن مشكلة الشوارع مشكلة كبيرة تعاني منها هذه المنطقة، وليس أدل على ذلك من شارع أم النعسان الذي لم يتم تبليطه حتى الآن، فقد مرت فترة طويلة من دون أن يتم الانتهاء منه ونحن نعاني الكثير من المضايقات عند عبوره الأمر الذي يتسبب بمشكلات كبيرة لسياراتنا".
زيارة ميمونة
بينما تشير الحاجة أقدس أصغر علي الى بيتها المتواضع وتقول: "أتمنى من هذه الزيارة الميمونة أن يتم الالتفات فيها الى وضعنا وحياتنا الصعبة نحن الذين نعيش في المحافظة الجنوبية وبيوتنا لا تتحمل عددنا الكبير وتفتقر الى أبسط مقومات الحياة فهي أشبه بالأكواخ التي لا تقينا البرد القارس ولا الحر الشديد، وأنا ضمن مجموعة من هذه العائلات التي تتمنى النظر الى حالتها ومساعدتها في أسرع وقت".
ويبدو ان فاضل ياسين يتمتع بحس عملي فهو يقول: "ان الحدائق هي المتنفس لأهالي المدينة في البحث عن الاسترخاء وساعات الهدوء عدا الاولاد الذين يجدون فيها متعة اللعب والترفيه، ولكن الامر غير ذلك في المنطقة الجنوبية، فالحديقة الوحيدة هنا تعاني من الاهمال ولم يلتفت اليها المسئولون من فترة طويلة حتى أصبحت حديقة "عجوز" كما يسميها احد الاطفال، وبالمقابل هناك ازمة في مياه الصرف الصحي والتي تسبب الكثير من الامراض للكبار والصغار".
ويعتقد فاضل ان عدد المدارس غير كاف في الوقت الحالي قياسا بعدد الطلاب ما يسبب ضغطا عليها ويؤثر على سير التعليم ومستوى الطلاب.
ويضحك فاضل قبل ان يودعنا: "اما فواتير الكهرباء الصيفية فهي خيالية بالمعنى الحقيقي للكلمة".
اما معرفي محمد، هذا الرجل الذي تجاوز الثمانين فقد كان غاضبا حين التقيناه، لم يذكر لنا سبب غضبه ولكنه قال: "منذ زمن بعيد جدا حتى اني لا اتذكره الآن كنت احلم ببيت يأويني وها انا الآن اعبر الثمانين ومازلت احلم".
وقبل أن ينهي كلامه مد يده في جيب سترته الصوفية القديمة واخرج دفترا صغيرا:
"أترون لم احصل الا على دفتر الاسكان".
غاب عنا معرفي بين الازقة المتعبة وفي البعيد كانت ترتفع منارة مسجد جديد تحيطه بيوت جميلة امامها اطفال يلعبون بكرة من قماش
العدد 888 - الأربعاء 09 فبراير 2005م الموافق 29 ذي الحجة 1425هـ