قد يبدو المنظر متشابها في الكثير من الخصائص، بين المشهد الحسيني وحضوره في البحرين والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، فما درجة تطور الحالة الحسينية في "الشرقية"؟ وهل بدأت السباق لتنافس البحرين التي حازت قصب السبق في هذا المضمار منذ عقود طويلة؟ "الوسط" حاورت أحد الخطباء البارزين في المنطقة الشرقية الشيخ عبدالحميد منصور آل عباس، الذي وصف أجواء عاشوراء قائلا: "في الحقيقة ان أجواء الموسم في المنطقة الشرقية خصوصا يتم التهيؤ لها منذ فترة طويلة، باعتبار أن الأمور التي استجدت على ساحة المنبر الحسيني على مستوى ما يطرح من موضوعات وما يعمل من مشروعات جديدة أدخلت نوعا من التغيير في مخاطبة الناس بصورة حديثة، مثل معارض الرسم وغيرها في مدينة سيهات، والتي تحاكي الثورة الحسينية وكذلك المشرعة الحسينية التي تجسد واقعة الطف، بالإضافة الى المسرح الذي يقدم قضية الحسين برؤية عصرية".
ويضيف آل عباس قائلا: "فعاشوراء السابق كانت تقتصر على التركيز على البعد المأسوي والتاريخي، أما اليوم فالحاجة أصبحت ملحة لمخاطبة العالم بلغة العصر، بفعل التغيرات التي جعلت من العالم قرية صغيرة، ما أوجب تغير الطرح العاشورائي، فمن ناحية العرض أصبح الخطيب يساير ما صح من أمور لخدمة القضية الحسينية، ومن ناحية المضمون أصبح الخطيب أكثر تركيزا فيما يذكره، لأنه لم يعد بعيدا عن الآخرين، وبالذات الذين يحاولون - وذلك من حقهم - أن يقوموا بدراسة النصوص، التي يلقيها الخطيب ليكتشفوا الخطأ والصواب في أقواله".
ما الذي يميز عاشوراء البحرين التي تستقطب مئات من المواطنين في السعودية؟
- الذي يميزها هو وجود حال من التعبير عن المصيبة الحسينية بشكل أكثر قدما وتقدما مما نحن عليه هنا، وهذا الأمر حكم عقول الكثيرين من أهالي المنطقة الشرقية منذ زمن ليس بالقصير، كما أن "التطور الذي طرأ على الشعائر الحسينية في البحرين أكثر تسارعا وتناغما مع الأوضاع المستجدة. وعلى رغم ذلك نجد أن شكل الشعائر في المنطقة الشرقية بدأ ينحو منحى جيدا لتقديم عاشوراء بشكل أكثر فاعلية ونشاطا، والأعداد الكبيرة التي كانت تفد على البحرين قلت بنسبة كبيرة عما كانت عليه سابقا، حتى أن بعض الرواديد وجدوا فرصة سانحة للمجيء للمنطقة الشرقية لإحياء بعض الشعائر هنا".
وما تأثير المناخ السياسي والإقليمي على موسم عاشوراء؟
- لاشك في أن التغيرات السياسية في الداخل والخارج أدت الى نوع من التجاذبات على المستوى السياسي والاجتماعي، ما أنتج نوعا من الشعور بأهمية الارتقاء بالمواطن الى مستوى تلك التجاذبات، وأدى ذلك الى انفتاح على المستويات المتعددة، ما بين المواطنين أنفسهم وبين المواطنين وقيادتهم السياسية، وبالتالي حتى على مستوى الخطابة الحسينية أحدث ذلك تطورا يتوافق وتلبية تلك الحاجات.
ماذا عن طريقة القراءة الحسينية بين البلدين؟
- المنوال البحريني في القراءة هو الأكثر تفضيلا هنا، وكان الخطباء يعتمدون في السابق على التعزية بالطريقة "البحرانية" ويكفيهم ذلك فخرا أن أكثر ما يقرأون في مصاب الحسين "ع" هو من نتاج وأنفاس الملا عطية بن علي الجمري، التي استطاعت بحبها وانتمائها الصادق لأهل البيت "ع" أن تصور المصيبة الحسينية من دون تكلف، فقلما تجد خطيبا حسينيا لا يحفظ تلك الأبيات ليلقيها على مسامع المعزين.
ما هي الشرائح التي تستقطبها الفعاليات الحسينية في الشرقية؟
- موسم عاشوراء موسم جامع لا يمكن لأية شريحة أن تدعي بأنها تمثل الغالبية في الحضور، فشرائح المجتمع المختلفة تشارك بقوة في هذا الموسم. يبقى أن نسبة الحضور والانشداد تعود بالدرجة الأولى إلى مقدرة الخطيب على جذب تلك الشرائح، وهو أمر يحتاج الى مواهب وملكات مختلفة، كما يحتاج الى صورة واقعية وسلسة لمحاورة الآخر
العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ