تؤكد آخر الإحصاءات المتوافرة أن المصارف التجارية العاملة في البحرين تفضل منح قروض شخصية على حساب إعطاء قروض للقطاعات الأخرى بما فيها التجارة والصناعة. ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها قدرة المصارف على جني ثمار أعلى من الفوائد المترتبة على القروض الشخصية مقارنة بالتسهيلات الأخرى، إضافة إلى تمكنها من فرض شروط مثل تحديد فترة قصيرة نسبيا لتسديد الدين. وتشير إحصاءات ديسمبر/ كانون الأول 2004 إلى أن القروض الشخصية فاقت المليار دينار مقارنة بـ 808 ملايين دينار في نهاية العام 2003 مسجلة زيادة قدرها 207 ملايين دينار أي أكثر من 25 في المئة. وعليه تمثل القروض المقدمة للأشخاص 45 في المئة من حجم التسهيلات التجارية التي قدمتها المصارف التجارية والتي فاقت قيمتها المليارين و مئتي مليون دينار.
ويبقى أنه لا تتوافر لدينا معلومات تفصيلية عن طبيعة القروض الشخصية مثل التسهيلات الممنوحة لأغراض بناء المنازل والسفر والعلاج. كما هو واضح من الجدول المرفق أن المصارف العاملة في البحرين تميل عموما لمنح القروض الشخصية على حساب القطاعات الحيوية الأخرى بما في ذلك التجارة والصناعة والتعمير. وجاء في المرتبة الثانية ولكن على مسافة بعيدة جدا من القروض الشخصية تلك التسهيلات المقدمة لأغراض التجارة والتي بلغت 341 مليون دينار أي نحو 15 في المئة من مجموع القروض المقدمة. إذا عرف السبب... ويعتقد أن السبب الرئيسي وراء ميل المصارف التجارية إلى منح القروض الشخصية هو تمكنها من فرض نسب فوائد عالية على تلك التسهيلات. ففي نهاية ديسمبر الماضي بلغت نسبة الفوائد على القروض الشخصية من دون ضمان أقل بقليل عن 8 في المئة مقارنة بـ 5 في المئة لقطاع التجارة. لكن هناك أسبابا إضافية تكمن في منح القروض الشخصية، منها قدرة المصارف على فرض شروط إضافية مثل تحديد فترة قصيرة نسبيا لتسديد الدين خلافا للتسهيلات الأخرى. المعروف أن الشركات ترغب في العادة بالحصول على قروض لأمد طويل حتى يتسنى لها جني العوائد بعد استثمار تلك الأموال في مشروعات مثل إقامة المصانع. على كل حال يجب إضافة الكلف الأخرى التي يتحملها المقترض والمتمثلة بالرسوم الإدارية والتأمين ضد الحياة. بمعنى آخر كلفة التمويل تشمل الفوائد المستحقة إضافة للرسوم الإدارية والتأمين. حقيقة تحتل القروض الشخصية نحو 40 في المئة من حجم موجودات المصارف التجارية، وبدورها تسهم في تحقيق أرباح عالية للمصارف. على سبيل المثال حقق بنك البحرين الوطني ربحا صافيا فاق 28 مليون دينار في العام 2004 بزيادة قدرها 26 في المئة للفترة نفسها في العام .2003 وتؤكد التقارير المالية للمصرف أن الزيادة في الأرباح الصافية تحققت بفضل ارتفاع الفوائد والرسوم مثل تلك المترتبة على بطاقات الائتمان.
هناك من يتهم المصارف بأنها تغلب المصلحة الذاتية على حساب مصلحة الاقتصاد الوطني بدليل أن قطاعات التجارة والصناعة والإنشاء والتعمير مجتمعة حصلت على أقل من 40 في المئة من مجموع القروض أي أقل من مجموع القروض الشخصية. بالمقابل هناك من يعتقد بأن المهمة الرئيسية لإدارات المصارف تتمثل في تحقيق أكبر عائد ممكن لحملة الأسهم. صحيح أن المصارف تعمل على جلب الزبائن إليها بالطرق الدعائية التي تشتمل على توظيف شركات تقوم بإجراء مكالمات شخصية لكن من المؤكد أن المصارف لا تفرض على زبائنها أخذ القروض وأن القرارات النهائية تعود للأفراد.
القواعد الجديدة للقروض
ابتداء من بداية العام الجاري أصبح لزاما على المصارف التجارية العاملة في البحرين تطبيق القواعد الجديدة المفروضة من قبل مؤسسة نقد البحرين. أهم ما يميز التشريعات الجديدة هو تعاملها بما يعرف بالتمويل الاستهلاكي. ويعرف مصطلح "التمويل الاستهلاكي" بأنه أي شكل من أشكال التسهيلات الائتمانية مثل القروض الشخصية والسحب على المكشوف أو بطاقات الائتمان. وبحسب التشريع الجديد فقد تم تحديد القسط الذي يدفعه الفرد للقروض الاستهلاكية بنصف إجمالي دخله وبحد أقصى 7 سنوات للسداد. وجاء تحرك المؤسسة على خلفية تخوفها على سلامة الملاءة المالية للمصارف فضلا عن ارتفاع وتيرة الضغط الشعبي للقيام بخطوات محددة للحد من ظاهرة القروض الشخصية في مجتمعنا. لكن علينا الانتظار لمدة عام أو أكثر لمعرفة تداعيات التشريعات الجديدة. ختاما تفتقر البحرين إلى دراسات توضح أسباب ميل الأفراد إلى أخذ القروض الشخصية، فالحاجة ماسة إلى دراسات علمية لمعرفة السلوكيات والاتجاهات المسببة لهذه الظاهرة الاجتماعية في المجتمع البحريني. نقول ذلك لأن قيمة القروض الشخصية مرتفعة جدا إذ تمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي البحريني فضلا عن 73 في المئة من حجم المصروفات المخصصة لموازنة العام .200
العدد 900 - الإثنين 21 فبراير 2005م الموافق 12 محرم 1426هـ