قبل الرئيس اللبناني إميل لحود استقالة حكومة عمر كرامي التي أعلنها أمام مجلس النواب مساء أمس. وقال كرامي: "حرصا على ألا تكون الحكومة عقبة أمام ما يراه الآخرون خير البلاد أعلن استقالة الحكومة التي كان لي شرف رئاستها".
وأضاف "لا أريد أن أبدو كمن يزايد على أسرة الشهيد "رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري" وخصوصا ان شقيقته "النائب بهية" دعت إلى رحيل الحكومة كأولوية". ويذكر ان بهية كانت أول المتكلمين من النواب وطالبت فورا بإسقاط الحكومة. وقالت "جئنا لنقول فليسقط هذا المجلس حكومة التخاذل والتقصير والخيبة هي وأدواتها وأجهزتها وليمتثل هذا المجلس لإرادة الشعب".
وأثار إعلان كرامي تصفيقا حادا من النواب، فيما هلل عشرات آلاف المعتصمين قرب المجلس ورددوا النشيد الوطني وهتافات منها "جايي دورك يا لحود" في إشارة إلى رئيس الجمهورية. لكن المعارضة دعت إلى استمرار انتفاضة الاستقلال إلى أن تنسحب القوات السورية من لبنان.
وفي وقت لاحق أفاد شهود أن شخصا من أنصار كرامي قتل بالرصاص في طرابلس. وكان نحو ألفي شخص من أنصار رئيس الوزراء المستقيل نزلوا إلى شوارع طرابلس مسقط رأسه وهم يطلقون الرصاص في الهواء احتجاجا على استقالته.
إلى ذلك، قال مصدر رسمي سوري إن استقالة الحكومة اللبنانية هي شأن داخلي. فيما قال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت مكليلان إن الاستقالة تمثل "فرصة" لتشكيل حكومة جديدة تمثل التنوع في لبنان.
وتعرضت حكومة كرامي لحملة عنيفة من المعارضة بهدف إسقاطها داخل البرلمان، في الوقت الذي تجمع عشرات آلاف المتظاهرين على بعد مئات الأمتار من مقر مجلس النواب مطالبين برحيل الحكومة وانسحاب القوات السورية.
ومن جانبه، طالب غطاس خوري من كتلة الحريري النيابية في الجلسة الصباحية بـ "تحويل لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق إلى لجنة تحقيق دولية كاملة الصلاحيات". ورد النائب مروان حمادة على كرامي الذي حذر من الفراغ الدستوري إذا استقالت حكومته، فقال "لا أرى أحدا في صفوف الحكومة. لا رئيس ولا وزراء إنما فراغ. إنهم يحذرون من الفراغ إذا استقالوا لكن هم الفراغ هم العدم".
عواصم - وكالات
رفع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بعد ظهر أمس الجلسة الأولى من المناقشة العامة التي يجريها المجلس للحكومة في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، على أن تستأنف في المساء، وتوقعت مصادر مطلعة بأن تستمر الجلسة إلى اليوم لأن عدد طالبي الكلام بلغ وفق المجلس "نحو 80 نائبا". وتكلم في الجلسة 11 نائبا غالبيتهم الساحقة من نواب المعارضة مطالبين بإسقاط الحكومة التي طلب رئيسها في بداية الجلسة طرح الثقة بحكومته. وشددت كلمات المعارضة على ضرورة "إقالة الحكومة" وحملتها في قضية اغتيال الحريري "بالحد الأدنى مسئولية الإهمال والتقصير وبالحد الأقصى التخطيط للعملية إن لم يكن تنفيذها بالأصالة أو بالوكالة" في إشارة إلى مسئولية سورية.
إلى ذلك، شن النائب مروان حمادة الذي نجا من محاولة اغتيال في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجوما شديدا على الحكومة وقال إنها فقدت الشعبية ومنتهية الصلاحية مطالبا بأن ترحل قبل فوات الأوان على حد تعبيره، كما طالب بإقالة جميع قادة أجهزة الأمن.
أما النائبة بهية الحريري فقد طالبت بالتعاون مع المجتمع الدولي لكشف ملابسات اغتيال شقيقها، وطالبت النواب بإسقاط الحكومة التي وصفتها بالتخاذل والمهانة. فيما قال كرامي إن "تحميل الحكومة المسئولية الجزائية هو منتهى الظلم". وطالب في كلمته جميع الأطراف بالتعاون لتجرى انتخابات نيابية في مواعيدها، مضيفا أن الحكومة مع تطبيق اتفاق الطائف، مجددا الدعوة للحوار.
وافتتح المجلس النيابي الجلسة - التي غاب عنها النائب وليد جنبلاط - بدقيقة صمت على الحريري وأنشدوا النشيد الوطني على غير المعتاد. وأدار رئيس البرلمان نبيه بري الجلسة الصاخبة بصعوبة، إذ دعا النواب للهدوء لمحاولة الخروج بتوافق وطني. وقال بري إن البرلمان يأخذ صفة الادعاء العام في الهجوم. وأضاف أن المجلس والشعب بكامله يريد أن يعرف من قتل الحريري من دون تعريض سلامة وسرية التحقيقات للخطر، مع رفض أية أعذار أو إهمال من سلطات التحقيق. ومن جانبه، أكد وزير الخارجية محمود حمود إثر لقاء مع نائب وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد أنه لم يأت بجديد، فيما شدد ساترفيلد على أن هذه الزيارة ليست مقدمة لتغيير النظام اللبناني أو السوري بل محاولة لتحذير الحكم في البلدين. وذكر شهود عيان أنهم رأوا بعض المسلحين قرب مقر مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي استقبل ساترفيلد، فيما لم تتوافر تأكيدات أمنية.
إلى ذلك، واصل الآلاف من أنصار المعارضة المظاهرات بساحة الشهداء، إذ تمكنوا من اختراق الحواجز وسط أنباء عن تساهل الجيش ببعض المناطق. وردد المتظاهرون الهتافات المعتادة المطالبة باستقالة الحكومة وخروج القوات السورية.
وقال جنبلاط إن حركة الاحتجاج ضد "الحكومة الدمية" في بيروت والاحتلال السوري للبنان يمكن أن تطول وإنها لم تحقق بعد نتائجها
العدد 907 - الإثنين 28 فبراير 2005م الموافق 19 محرم 1426هـ