طالب عضو المجلس الأعلى للتدريب المهني أحمد عبدالحسين الخباز الشركاء الاجتماعيين بدعم وتطوير الاقتصاد غير المنظم والاعتراف به ومعرفة كيفية التعامل معه، بالإضافة إلى اعتماد برنامج تدريب مهني خاص لهذا الاقتصاد، ووضع نظام ضمان اجتماعي ميسر لصالح هذا النوع من الاقتصاد، وإنشاء صندوق وطني لتحويل هذا القطاع ودعمه وتشجيع المشروعات الذاتية الصغيرة، وإنشاء جمعيات تعاونية خاصة بهذا الاقتصاد لتسويق منتجاته وخلق فرص تجارية متكافئة.
جاء ذلك خلال الندوة الوطنية عن واقع الاقتصاد غير المنظم في مملكة البحرين التي نظمتها وزارة العمل بالتعاون مع المجلس الأعلى للتدريب المهني بفندق الريجنسي صباح أمس، إذ ركزت الندوة على ضرورة إجراء مسح ميداني يكشف أرقام وحقائق الاقتصاد غير المنظم في المملكة، إذ إن العقبة التي واجهت الندوة هي غياب الصورة الحقيقية للاقتصاد غير المنظم.
وطالب الخباز بتسهيل التشريعات والنظم القانونية واعتماد النافذة الواحدة في تخليص جميع معاملات هذا الاقتصاد، وتشكيل هيئة وطنية لدراسة الاقتصاد غير المنظم وتقديم المقترحات المناسبة لحل مشكلة هذا الاقتصاد.
وقال الخباز إن العقود بالباطن من المخاطر التي تصاحب الاقتصاد المنظم وبالتالي تتحول الكثير من المهن من اعمال منظمة ولها تشريعاتها الخاصة بها إلى أعمال غير قانونية، أو في كثير من الأحيان تحول هذه العقود الكثير من المؤسسات - لاحتوائها على عمالة سائبة وغيرها بأجور أقل أو من خلال التعامل مع المؤسسات الصغيرة التي تتعامل معها - إلى الاقتصاد غير المنظم، مشيرا إلى ان حال الفقر تعني ان الناس غير قادرين على تحمل البطالة صراحة، وأن أية وظيفة تبدو أفضل من لا شيء ومن هنا فإن ازدياد الفقر هو من الأسباب الرئيسية لنمو الاقتصاد غير المنظم.
وعرف الخباز الاقتصاد غير المنظم بأنه "نشاط اقتصادي يمارس بصورة غير رسمية، وهو قطاع غير مهيكل أو غير رسمي يتم العمل به من خلال السر أو الباطن أو الهامشي أو غير القانوني"، مؤكدا ان هذا القطاع لا يملك تراخيص لمزاولة النشاط، ولا يلتزم برسوم قانونية، ولا يخضع لقانون العمل، ولا يوجد له ضمان اجتماعي، ولا يوجد له تنظيم أو كيان مستقل، كما انه يفتقر لمعايير الصحة والسلامة المهنية، ويتضمن في بعض الأحيان أنشطة غير مشروعة.
ورأى الخباز أن أسباب انتشار هذا النوع من الاقتصاد كثيرة منها ما هو متعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها قلة فرص العمل المتاحة، وانتشار التكنولوجيا وسياسات التكييف الهيكلي، إذ أدت هذه السياسات في الكثير من البلدان إلى ازدياد الفقر والبطالة الهيكلية والجزائية وأدت الهيكلية الاقتصادية إلى تصغير حجم المنشآت ومن ثم تسريح عمال كثيرين لم يكن لديهم خيار سوى الانتقال إلى الاقتصاد غير المنظم.
وأكد الخباز انه بسبب عدم وجود الآلية القانونية والتشريعية التي تنظم عمل هذه المجموعة نظرا لوجود فرصة للهروب عن دفع الضرائب والالتزامات المالية الأخرى سواء في مجال الحماية الاجتماعية وغيرها، فإن هذا الاقتصاد يمارس دوره دون مراقبة أو التزام رسمي.
وأشار الخباز إلى إن انتاج المنشأة في الاقتصاد غير المنظم يسهم النمو الاقتصادي، وبحسب دراسات منظمة العمل الدولية فإن هذا الاقتصاد يساهم في ما بين 7 و38 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي في 14 بلدا في إفريقيا، وبين 16 و32 في آسيا، وبين 12 و13 في المئة في المكسيك. وفي الهند أفادت حسابات الجمعية الوطنية لبحوث الاقتصادية التطبيقية أن الاقتصاد غير المنظم والقطاع يولد نحو 62 في المئة من الإنتاج الإجمالي و50 في المئة من المدخرات الوطنية الإجمالية و40 في المئة من الصادرات الوطنية.
وطالب الخباز الدولة عند وضع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية بأن تحسب لهذا القطاع حسابا، وتجعله في الاعتبار بحيث تتوسع التدابير التنظيمية لتشمل القطاع غير المنظم وتستوعبه بالتدريج من دون فقد المبادرة والنشاط لأنه يعتبر بمثابة الخزان الذي يستوعب الفائض في الاقتصاد عندما يكون الاقتصاد في حال انكماش.
ورأى الخباز أن الأطر القانونية للتنظيم الاقتصادي منقسمة إلى ثلاثة أنواع من التشريعات، أولها اللوائح التجارية التي تنظم إنشاء وتشكيل المنشأة، والقوانين المتعلقة بحقوق الملكية التي يمكن أن تؤثر في القدرة على تحويل الأصول إلى رأس مال منتج، وتشريع العمل الذي ينظم علاقات العمل وحقوق العمال وحمايتهم، مؤكدا ان تبسيط الإجراءات والقواعد الخاصة بالمشروعات وتقليل كلفة المعاملات من شأنه ان يعزز روح المبادرة ويسهل التحول للنشاط المنظم، وان تبسيط القوانين واللوائح لا يعني الإعفاء الكامل للضوابط التنظيمية.
وقال الخباز ان مشروع ولي العهد رئيس مجلس إدارة التنمية الاقتصادية يعتمد على ثلاثة محاور "إصلاح سوق العمل والاقتصاد والتعليم والتدريب" وإن هذه الإصلاحات ستضمن للبحرينيين ذوي المهارات المنخفضة والمتوسطة الوظائف المناسبة في ظل غياب عقبات الهيكلية، كما ان إصلاح الاقتصاد سيحفز على خلق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص وخصوصا الوظائف ذات الأجر العالي والمتوسط للبحرينيين، وإصلاح التعليم يرتقي بالمهارات والمعرفة والسلوكيات.
كما تحدث في الندوة المدير التنفيذي لإدارة تنمية القوى العاملة بوزارة العمل احمد البناء مشيرا إلى أهمية دراسة الاقتصاد غير المنظم وإيجاد التشريع المناسب له.
وقال البناء ان المجلس الأعلى للتدريب شكل فريق عمل لدراسة الاقتصاد غير المنظم، وعقد عدة اجتماعات ناقشت دراسة الظاهرة عالميا وعربيا ومقارنة الظروف المحلية، كما تم الاجتماع مع بعض الجهات المقترحة لتنفيذ الدراسة ومنها مركز البحرين للدراسات والبحوث وقسم الدراسات والعمالية بوزارة العمل والجهاز المركزي للمعلومات.
وأكد رئيس قسم الاحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزي للمعلومات وإدارة الإحصاء محمد الجزاف ان "المملكة تفتقد إلى بيانات القطاع غير المنظم، وهي كدولة نامية يحتل هذا القطاع فيها مكانة كبيرة ضمن مفردات الاقتصاد الوطني، إذ إنه يشكل جزءا مهما في قيمة الناتج المحلي الإجمالي لشموله الكثير من الأنشطة غير المسجلة لدى الجهات الرسمية أو الأنشطة ذات الحجم الاستثماري المحدود أو أنشطة المنشآت الصغيرة"
العدد 909 - الأربعاء 02 مارس 2005م الموافق 21 محرم 1426هـ