تتداول أوساط رجال المال والأعمال وصانعي السياسات الاقتصادية في مملكة البحرين منذ نحو عام في شأن إصلاح وهيكلة سوق العمل والاقتصاد الوطني ليتواءم مع المرحلة الراهنة ويمهد الطريق للمرحلة المقبلة التي تواجه خلالها المملكة الكثير من الاستحقاقات في ظل نمو وتمدد حرية التجارة في أعقاب تدشين المملكة مرحلة إصلاح سياسي أعقبه إصلاح اقتصادي توج حديثا بتوقيع اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية.
وتقف في طليعة هذه الاستحقاقات قضية البطالة التي استشرت في المملكة التي يعاني سوق العمل فيها من خلل هيكلي أفضى إلى تفضيل العمالة الأجنبية على العمالة المواطنة الأمر الذي عزز من تفاقم مسألة البطالة في بلد سكانه قليل العدد.
وبرزت خلال الحوارات التي دارت على أكثر من جهة، وفي أكثر من موقع، ضرورة إصلاح التعليم وربطه بسوق العمل. وهذه الفكرة تعد مثالية ومنتجة إن رافقتها عملية هيكلة مخرجات التعليم وتجسير روابط نوعية بين الجامعات والبنى الصناعية والإنتاجية الأخرى لإنجاز برامج تعليمية تتواءم مع حاجة السوق وتمهد لنقل الاقتصاد الوطني من حال المحاولة والتجريب إلى الارتكاز على المعرفة.
ومن بداهات الارتكاز إلى المعرفة في عالم الأعمال تقوية وتمكين مهارات الخريج اللغوية والإدارية وتعامله مع أجهزة الحاسوب وتوفير منظومات وسيطة لربط الصناعة بالجامعات تستهدف نقل التكنولوجيا من خلال طرح مشروعات مشتركة وفق استراتيجية تستهدف تأسيس مشروعات تنموية واستثمارية تجريبية، تتأسس على حاضنة أكاديمية "الجامعات"، تمهد الطريق لأعمال مبتكرة تسهم في رفد سوق العمل وحقول التجارة والأعمال برؤى خلاقة تفسح الطريق أمام خيال الأجيال الجديدة ونظرتها للأعمال وهي مسلحة بالمعرفة والتجريب المنتج.
وفي المحصلة إن تم ربط التعليم بالاقتصاد فإن النتائج، أيضا، لن تأتي بين ليلة وضحاها، لأن من البداهة أن عملية كهذه تحتاج إلى سنوات وسنوات، غير إنها تعتبر، وفق الخبرات البشرية، الأكثر فاعلية وإن كانت بطيئة، والنتيجة معالجة خلاقة لمشكلة ظلت تؤرق المواطن وصانع القرار السياسي وصاحب العمل على مدى سنوات وسنوات.
المحرر الاقتصادي
العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ