ذكر المدير العام للمكتب المالي الدولي أيمن رشدي عريقات إن شركات ومؤسسات مالية عالمية من الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا تطرق أبواب دول الخليج بهدف توسيع عملياتها بسبب الفائض المالي الكبير الذي تنعم به دول المنطقة الناتج عن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية.
ويقدم المكتب الذي افتتح قبل نحو عامين الاستشارات إلى الشركات المالية العالمية التي ترغب في العمل في منطقة بالخليج والشرق الأوسط والمؤسسات والأفراد الأثرياء "High-net individuals" وقال عريقات إن الطلب كبير على هذا النشاط في المجالات التي تتعلق بالأمور المالية.
ويعمل عريقات في البحرين منذ العام 1982 في المجال المصرفي إذ تقلد عدة مناصب في مصارف مختلفة تعمل في المملكة قبل أن يتخصص في مجال المال والاستثمارات ويخطط إلى توسيع نشاطه الاستشاري.
وأبلغ عريقات "الوسط" في لقاء خاص بأن: "كل المجالات التي تتعلق بالأمور المالية مطلوبة في منطقة الخليج والسبب الأساسي هو صعود أسعار النفط وأن الفائض المالي للدول والأفراد كبير جدا وهذا الذي جعل معظم المؤسسات الاستثمارية العالمية تفكر في الهجوم على منطقة الخليج وتوسيع قاعدتها التسويقية والعملية بشكل كبير سواء في البحرين أو بقية دول الخليج الأخرى".
وقال عريقات "المجالات واسعة جدا وليس هناك قطاع لا يتم الاستثمار فيه من قبل المستثمرين من الأسهم والعقارات المحلية إلى الاستثمارات الإقليمية في العقارات والشركات تطورت إلى محافظ استثمارية إقليميا وهذه أمور جديدة".
وأضاف "معظم الأموال لاتزال تستثمر عالميا والسبب واضح وهو أن الأسواق المحلية لاتزال محدودة جدا بالنسبة للحجم والفرص ولا يمكن أن تستوعب رؤوس الأموال "الضخمة" الموجودة وأكبر مثال على ذلك أسواق العقارات والأسهم في منطقة الخليج حيث الارتفاع الرهيب والمخيف في الأسعار".
وصعدت العقارات في منطقة الخليج في العامين الماضيين أكثر من 400 في المئة في بعض الدول من ضمنها البحرين وإمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب عودة رؤوس الأموال التي كانت مستثمرة في الخارج بعد حوادث 11 سبتمبر/ أيلول العام 2001 إذ لم يجد المستثمرون فرصا غير قطاعي الأسهم والعقارات. كما أن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية أضاف قوة دفع للأسعار إذ يبلغ السعر في الوقت الحاضر نحو 50 دولارا للبرميل.
ولم يعط عريقات أرقاما محددة عن الأموال التي عادت إلى المنطقة ولكنه قال "نعم عادت أموالا كثيرة كانت مستثمرة في الخارج من قبل صغار ومتوسطي المستثمرين العرب ولكن أموال المستثمرين الكبار والحكومات لاتزال تستثمر في الخارج وهي في زيادة وهذا أمر طبيعي".
وقال عريقات: "الأموال تتحرك نحو الفرص الموجودة في المنطقة وإذا لم تكن هناك فرص فالأفضل تركها في مكان استثماراتها حتى تنمو بالطريقة التي يرغب فيها المستثمر. أما الحديث عن عدم وجود الضمانات أو أية أمور أخرى فلا يجانبها الصواب لأن سوق منطقة الخليج مفتوح وهو سوق تتحرك فيه رؤوس الأموال من دون عوائق".
وقد بدأت بعض دول الخليج العربية في استثمار مئات المليارات من الدولارات في مشروعات البنية الأساسية ومشروعات النفط والغاز والطاقة مثل قطر والكويت وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة "وأن دخل حكومة أبوظبي من النفط لا يتجاوز 30 في المئة والباقي 70 في المئة عائد استثمارات عالمية".
وقال عريقات إنه بالنسبة إلى البحرين فإن دخلها محدود "والفرص موجودة أمام الجميع وباستطاعة البحرين أن تخلق مجالات استثمارية كبيرة ولكن هناك معوقات تحول دون ذلك".
وأضاف: "نحن في البحرين نأسف أننا ندعى دولة ومجتمع خدمات وفعلا لدينا خدمات عالية جدا في الاتصالات والمجالات المالية والتأمين ولكن مشكلات البنية التحتية كبيرة وملموسة وأصبحت نوعا من العقبة في وجه الاندفاع إلى الأمام بصورة أكبر وأهمها انعدام التخطيط في معظم المجالات".
كما قال عريقات إن من مشكلات البحرين الأساسية هي افتقادها إلى أخذ زمام المبادرة "proactive" وأنها تبني نشاطها على ردة الفعل أو ما يسمى بالإنجليزي "reactive" ومن المهم التفكير والتخطيط إلى المستقبل. كما أن عدم وجود الصلاحيات لدى بعض المسئولين هي مشكلة أخرى في المملكة.
وتحدث عريقات عن الاستشارات فقال إن شركات عالمية من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وشركات من آسيا من ضمنها الصين، إذ الشركات الصينية تشن هجوما كبيرا للدخول إلى أسواق المال في المنطقة. وأضاف ان السوق الأميركية كبيرة ولا يمكن تجاهلها أبدا.
كما قال عريقات إن الشركات الصينية ترغب في الدخول في المجالات الاستثمارية والعقارية في المنطقة وفي الوقت نفسه الشركات الصينية ترغب في جذب الأموال إلى الصين "وهي الأوفر حظا نتيجة للنمو الرهيب تليها الهند".
والصين هي ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد واشنطن نتيجة للنمو الاقتصادي السريع إذ زادت وارداتها من النفط في العام 2004 بنحو 35 في المئة إلى 120 مليون طن من 91 مليون طن في العام .2003
وقال عريقات "على رغم ان الفرص في الصين كبيرة والمردود أعلى فإن المستثمرين الخليجيين بالذات يرغبون في الاستثمار في الهند بصورة أكبر بسبب وضوح القوانين في الهند أكثر منها في الصين".
وترتبط دول الخليج العربية بعلاقات تجارية وثقافية منذ العصور القديمة. ويعمل في دول الخليج الست في الوقت الحالي أكثر من 10 ملايين أجنبي معظمهم من شبه القارة الهندية والفلبين.
وتطرق إلى مستقبل التمويل في المنطقة، فقال عريقات: "بدأنا في الآونة الأخيرة نرى بوادر تطور في نوعية التمويل التي كانت تعتمد على المصارف التجارية وشركات التسهيلات وشاهدنا ولادة أول شركة في دبي متخصصة في تمويل العقارات وهذا يمثل تطورا في نوعية التمويل في منطقة الخليج".
ويتم تمويل المشروعات الضخمة من قبل المصارف الإسلامية والتقليدية في المنطقة "وأما تمويل رأس المال الخاص للشركات الصغيرة بهدف النمو فقد بدأنا للتو مشاهدته في منطقة الشرق الأوسط ومعظم هذه الشركات مقرها في دبي"
العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ