تخزن الحكومة الاميركية نحو 700 مليون برميل من النفط في كهوف ملحية هائلة على أعماق سحيقة تحت صحراء ولايتي تكساس ولويزيانا وهي كمية تكفي استهلاك البلاد لمدة 35 يوما وهي بحسب سياسيين تكفي أيضا لخفض أسعار النفط التي تتقافز يوما بعد يوم.
وكانت أسعار النفط ارتفعت إلى أكثر من 57 دولارا للبرميل لأول مرة على الإطلاق خلال جلسات التعامل "الخميس" الماضي في نيويورك على رغم القرار الذي اتخذته منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بزيادة إنتاجها اليومي بواقع نصف مليون برميل.
وتمثل الكمية المودعة في احتياطي النفط الاستراتيجي الاميركي نحو نصف مثيلها المخزنة المعروفة في العالم بأسره وهي تزيد كثيرا عن معدل الاستهلاك الاميركي اليومي مقارنة باستهلاك العالم.
وتشمل قائمة الدول الأخرى التي تحتفظ بمخزون من النفط مجموعة الدول الخمس والعشرين الصناعية التي تشكل إلى جانب الولايات المتحدة الوكالة الدولية للطاقة التي ذكر مسئول فيها في باريس أن بعض الدول لا تكشف عن حجم ما تخزنه من نفط.
وفي هذا السياق أعلنت الصين حديثا أنها تعتزم تكوين احتياطي استراتيجي بداية من العام المقبل كما تريد الهند ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان تكوين مخزون.
وبحسب تقارير إعلامية فإن الهند تريد أن تكون مخزونا يكفي استهلاكها من النفط لمدة أسبوعين بينما تأمل الصين أن تخزن 150 مليون برميل على الأقل.
وصار المخزون الاستراتيجي الاميركي من النفط الذي قصد منه أن يكون بمثابة شبكة أمان تكفي لإدارة عجلة الحياة في الولايات المتحدة في أوقات الطوارئ لعبة سياسية أيضا مع ارتفاع سعر برميل النفط إلى أكثر من 50 دولار.
من جهته دعا الحزب الديمقراطي الأميركي المعارض في محاولة للربط بين إدارة بوش الجمهورية وأسعار النفط المرتفعة البيت الأبيض مرارا إلى طرح جزء من الاحتياطي بغية خفض أسعار البنزين. في حين دعت مجموعة مؤلفة من 17 عضوا بمجلس الشيوخ الاميركي منهم 16 ديمقراطيا وجمهوري واحد بوش إلى طرح جزء من المخزون الاستراتيجي ``لمعادلة قرارات خفض المعروض التي تتخذها أوبك وتهدئة الأسواق``.
في المقابل قال أعضاء الكونغرس الاميركي "إن ارتفاع أسعار البنزين بدأ في إلقاء أعباء مالية على عاتق المستهلكين قد تهدد أمن البلاد الاقتصادي". غير أن إدارة بوش ردت بأنها لن تطرح جزءا من المخزون الاستراتيجي من النفط لخفض الأسعار. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت مكليلان إنه لا يتعين استخدام الاحتياطي في ``التلاعب بالاسعار أو لأغراض سياسية.
وفي حين يدعى أنصار طرح جزء من المخزون أن هذا التحرك سيؤدي لخفض أسعار النفط فإن كبير الخبراء الاقتصاديين بمعهد النفط الاميركي جون فيلمي يقول إن "أوبك" ستخفض الإنتاج للحفاظ على ارتفاع الأسعار.
وعلق فيلمي على محاولات التأثير على الاسعار بطرح جزء من النفط من الاحتياطي الاستراتيجي قائلا "إننا إزاء لعبة ورق يحوز فيها أحدهم جميع أوراق اللعب".
وفي العام 2000 طرح الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون 30 مليون برميل من الاحتياطي للتأثير على أسعار النفط المرتفعة. وانخفضت الاسعار بالفعل مؤقتا ولكن نجاح المناورة كان قصير الأجل لان أوبك خفضت الانتاج.
ويقول فيلمي إن كميات احتياطي النفط الاستراتيجي محدودة للغاية بحيث لا يمكن أن تستخدم بهدف التحكم في الاسعار وأنه لا ينبغي أن تستخدم إلا في حالات الطوارئ.
أما أعضاء الكونغرس الذين طالبوا بوش بطرح جزء من المخزون فيدفعون بأن أسعار النفط المرتفعة ستلقى أعباء إضافية على عاتق المستهلك الامريكي مع اقتراب موسم الصيف والاجازات والسفر ومن ثم زيادة استهلاك البنزين.
وقال هؤلاء "إن ترك الاسعار ترتفع دون مواجهة سيلقي بمزيد من الاعباء على اقتصادنا بأخذ المال الذي نحتاج إليه بشدة من أيدي عمالنا ووضعه في جيوب أوبك". وعموما فإن الرئيس الاميركي لا يمكنه فتح الاحتياطي الاستراتيجي إلا في حالة حدوث انقطاع حاد لامدادات الطاقة كما في أوقات الحروب مثلا أو عقب وقوع كارثة طبيعية. ويقول مكليلان "ثمة أسباب تتعلق بالأمن القومي تجعلنا نحتفظ باحتياطي استراتيجي من النفط" مضيفا أن أفضل سبيل لمواجهة أسعار النفط المتزايدة والاعتماد على النفط الاجنبي هو أن يوافق الكونغرس على مشروع القانون الرئاسي للطاقة الذي سيتم بموجبه فتح أجزاء من الاسكا للتنقيب عن النفط ودعم مصادر جديدة للطاقة
العدد 927 - الأحد 20 مارس 2005م الموافق 09 صفر 1426هـ