العدد 2401 - الخميس 02 أبريل 2009م الموافق 06 ربيع الثاني 1430هـ

سيد جعفر المحافظة... وعام على الرحيل

إن الحياة وما تحويه من مظاهر طبيعية، كالشمس التي تشرق بإشعتها، فإنها لابد وأن تغرب بحمرتها... القمر الذي يزهو بنوره، فإنه لابد وأن يعود هلالا متقوسا... الزهور التي تتفتح بأريجها، فإنها لابد وأن تتناثر وريقاتها أرضا... الورود التي تنشر شذاها عابقا، فإنها لابد وأن تعود ذابلة في كنف عصنها المنشابك... الطيور التي تتغنى بشدوها، فإنها لابد وأن تحلق خافتة لسكونها... العصافير التي تزقزق على الأغصان مغردة، فإنها لابد وأن تعود لأشعاشها صامتة... الأغصان التي تتمايل بفعل الريح، فإنها لابد وأن تسكن جامدة... الحدائق الغناء التي تتباهى مخضرة، فإنها لابد وأن تردف يابسة... الخمائل التي تسرح جمالا في رباها، فإنها لابد وأن تنحني لثراها عابسة، و... و... الخ.

عظم كل ذلك وما عداه... وبعد أن وعى بنو البشر لهذه البسيطة الفانية، وأدركوا هذه الحياة الدنية، فإنها قد افقدتنا وأفقدت منهم الكثير... الكثير من الأحبة على القلوب، الأعزة على الأفئدة وسط رونق تلك المظاهر البديعة... فقد كنا ذات يوم في رفقتهم... كنا ذات ليلة بسمرهم... كنا ذات ضحى بصحبتهم... كنا ذات مساء بملازمتهم... كنا ذات فزعة في عونهم... كنا ذات ملتقى بمؤازرتهم... كنا وكنا. ولكنهم كانوا في جل تلك الذوات، بل وفي كلها أعزة مبادرين في عون وفزعة من سواهم... أجلة مسارعين في ألفة ومحبة غيرهم. فلا تجد في محياهم سوى البسمة، ولا تشعر في فؤادهم إلا الوداد، وفي سواعدهم إلا المؤازرة، وفي قربهم إلا الألفة والاغتباط، وفي... وفي.

إن بيئة الحديث - حينئذ - مكنونة وذات شجون... والكلم ذو هموم، فلا ريب في أن الموت حق على كل مخلوق، غير أن الفراق صعب على كل محبوب. ولكن ما عساك إذا ما استحضرت شريط رفقة ذلك العزيز وأسهبت في فواصل مقطوعاته الزاهية بسمو الخلق، وطيب النشأة، وحفظ حق الجيرة، وصون حرمة الأخوة ممزوجة بصبغة الوقار النباهة!

أجل - إنه حق وصواب، فالمرجع له وحد جل علاه، والمال إليه لا عداه سما شأنه، وهو كما الحال أن الأخ العزيز والجار الكريم، الآيب لمعبوده الكريم، الفقير إلى ربه الرحيم «السيد جعفر حسن المحافظة» عليه رحائم ربه الكريمة ومأوي جنانه الفسيحة، قد مضى قبل عام، نعم قبل عام، ولكن هل مضى وانتهى؟ بلا ريب إنه بقي وسيبقى هكذا وكذلك، بخصاله الحميدة وصفاته النبيلة التي تناقلها جميع من شهد له نبا رحيله الأليم، وانحشر في مسيرة تشييعه المهيبة، حتى موارات جثمانه الطاهر الثرى في مثواه الأخير، فكيف بمن لازمة؟

نعم أيها الأخ والصديق والجار... ها أنذا أنشد آيبا، فأقول ودعنك أسراب طيور وعانقتك أغصان شجر... وجاء صديق وكل بشر... وقاص ودان سمع بنبئك انفطر... وقبلا على مرضك ما من أحد صبر... والفؤاد حزنا عليك انفطر... فنطوى صحيفتك فكان قضاء وقدر... فارحمه يا رب الجليل واحشره مع أجداده الطاهرين إنك على كل شيء مقتدر.

أخوك/ جاسم محسن المحاري

قرية باربار

العدد 2401 - الخميس 02 أبريل 2009م الموافق 06 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً