بمجرد ذكر السجن تتراقص أمام عينيك وفي مخيلتك الكثير من الصور المرعبة، وخصوصاً إذ ما كان هذا السجن في بلد عربي، إلا أن سجن سمائل في سلطنة عمان يصفه من دخلوه بفندق من فئة الخمس نجوم.
كان حمود بن سالم (19 عاماً) مبتسماً أكثر مما ينبغي لحظة خروجه من السجن المركزي في سلطنة عمان الأمر الذي دعا أصدقاءه يتساءلون عن سر فرحته. ولم يتأخر حمود الذي قضى في السجن عشرين يوماً إثر حكم صدر ضده بعد شجار بالأيادي مع أحد شباب الحارة التي يقطنها في شمال عمان في الرد، وقال: «لم أدخل سجناً وإنما فندق خمسة نجوم، كثير من المرافق لم أحلم بها في الخارج وجدتها في سجن سمائل».
وسجن سمائل هو السجن المركزي في سلطنة عمان، أفتتح قبل عام تقريباً بعد إلغاء «سجن الرميس» القديم الذي كان مقره مسقط وحل محله سجن حديث تتوافر فيه كل وسائل الراحة، وتبعد مدينة سمائل عن مسقط العاصمة 50 كيلومتراً.
وكان «سجن الرميس» قد ألغى إثر مطالبات من حقوقيين، رغم أن زيارات لجان حقوق الإنسان أكدت أنه مطابق لمواصفات السجون في العالم. ووصف حقوقيون عمانيون السجن بأنه «مطابق لكل المواصفات، ويوفر كل الخدمات الإنسانية لنزلائه». وقال محام عماني وناشط في مجال حقوق الإنسان اشترط عدم ذكر اسمه: «أعتقد أن الأمر قد يكون مسلياً جدا، إنه قريب من فنادق الخمس نجوم، لكنه يظل سجناً، يحد من الحرية، لكن هذه فلسفة العقاب». وزار أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في عمان سجن سمائل للوقوف على تجهيزاته، والتقوا بنزلاء السجن وسط حضور إعلامي وخرجوا بانطباعات جيدة. ولا ينسى العمانيون «سجن الجلالي» إبان أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، حيث يعتبر دخوله «منعطفاً من الطريق إلى القبر مباشرة» كما قال أحد كبار السن الذين عايشوا تلك الحقبة من تاريخ عمان، قبل أن يسقط السجن مطلع سبعينيات القرن الماضي. وتحدث سيف بن ناصر وهو أحد الخارجين حديثاً من سجن سمائل لوكالة الأنباء الألمانية قائلاً: «كان الأمر مختلفاً جداً، تعلمت الكثير داخل سجن سمائل، الحياة مختلفة في الداخل لكنها ليست كما قرأت في أدب السجون».
ويتوقف سيف قليلاً قبل أن يكمل: «قرأت داخل السجن الكثير من الروايات العالمية المترجمة، كما قرأت بعضاً من أدب طه حسين».
ورغم أن سيف قضى في السجن قرابة سبعة شهور إلا أنه لا يحمل ذكريات موحشة لأحداث داخل السجن، سوى فكرة أنه دخله فقط، وقال: «لا توجد ذكريات يمكن أن أصفها بالفاجعة داخل السجن، وحده خبر دخولي السجن كان فاجعاً فقط، لكن الحياة داخله إذا ما نسيت أنني في سجن فكانت عادية إلى حد كبير، هناك مكتبة كبيرة، ومساحة للتأمل في مجريات الأحداث من بعيد، ومعرفة سلوكيات البشر الذين يقطنون داخل أسوار السجن». إلا أن راشد الفزاري (معلم تاريخ) لا يرى أن كل ما يسمعه عن سجن سمائل حقيقياً، وقال: «بمجرد أن تقول سجناً في العالم العربي تظهر أمامك الكثير من التفاصيل المفزعة». وطالب الفزاري بلجان أكثر استقلالية لتقييم السجون، وما إذا كانت متطابقة مع المواصفات العالمية.
العدد 2888 - الإثنين 02 أغسطس 2010م الموافق 20 شعبان 1431هـ