تزداد شعبية المدوَّنات بشكل كبير في لبنان مع قيامها بتغطية المسرح السياسي والاجتماعي، معبّرة عن مطالب المجتمع.
ونتيجة لذلك أصبحت المدوّنات وجماعات الإنترنت أداة سياسية حقيقية في أيدي المجتمع المدني لبحث القضايا وتشجيعها عبر الإنترنت.
ويعمل الكثير من الناشطين على الإنترنت، وخصوصاً المدوّنين، على حشد مستخدمي الإنترنت للعمل في قضايا تؤثر على المواطنين.
وتشكّل تعابير مثل «العدالة الاجتماعية» و«الديمقراطية» و»الحشد» كلمات رئيسية في قاموس المدوّنين اللبنانيين، مثلما تشكل البيئة والتراث الوطني وحقوق الإنساني مواضيع رئيسية.
ويأمل هؤلاء المدوّنون والناشطون الإلكترونيون من خلال مدوّناتهم ومواقعهم وتعليقاتهم إشعال فتيل التغيير في لبنان، نحو ديمقراطية حقيقية ترتكز على تعزيز مشاركة المواطن في القرارات السياسية.
وعمل الناشطون الإلكترونيون اللبنانيون مؤخراً على سبيل المثال ضد بناء موقف للسيارات تحت حديقة عامة في بيروت ينتج عنه قطع أشجار الحديقة القديمة بسبب جذورها العميقة، فقاموا ببدء حملة «إنقاذ حديقة الصنايع» من خلال إعداد التماس على الإنترنت وإصدار نداء للمواطنين للاحتجاج من خلال الاعتصام في الحديقة العامة.
وكذلك قام الناشطون الإلكترونيون بحشد مجموعات لصالح الحفاظ على بنايات أو مواقع قديمة تعتبر أجزاء هامة من تراث لبنان الوطني، وذلك من خلال إيجاد مجموعات تأثير وحث أعضاء البرلمان على سن قانون لحماية هذه المواقع.
وفي إحدى الحالات تمكن الناشطون الإلكترونيون من إقناع وزير الثقافة سليم وردة بترؤس مبادرة جديدة تهدف إلى جعل البرلمان يسن قانوناً يحمي في حال صدوره بعض أقدم المباني في لبنان وأكثرها عرضة للخطر.
وفي محاولة لتشجيع حقوق الإنسان قام المدوّنون اللبنانيون بتنظيم حملة على الإنترنت ضد الاعتقال العشوائي وتحسين مراكز الاعتقال.
وكذلك كانت هناك حملات لترسيخ حقوق المرأة اللبنانية المتزوجة من رجل أجنبي، التي لا تستطيع إعطاء جنسيتها لزوجها وأولادها.
وهذه فقط بعض الأمثلة على مواطنين مهتمين قاموا بعمل ما وقالوا قولهم وجرى سماعهم وقاموا بحشد مواطنين آخرين، وكل ذلك عبر قوة الإنترنت.
وتوفّر المدوّنات، مستخدمة منبر الإنترنت المتوفّر للجميع، للسياسيين الفرصة لقراءة ردود فعل المواطنين على بعض قراراتهم السياسية.
وأصبح المواطنون الذين كانوا أهدافاً سلبية للسياسة في الماضي، مستخدمين نشطين للتقنيات الجديدة للتأثير على السياسة.ويقول المؤلف الفرنسي فرانسيس بيساني الذي يركّز على التكنولوجيا والاتصالات «لقد أصبح الباحثون على الإنترنت اليوم عاملين ناشطين عليها».
ويشكّل المدوّنون جزءاً واحداً فقط من توجه نحو ثقافة تشاركية للمواطنين.
ففي يناير/كانون الثاني 2010 قرر عشرون مدوّناً لبنانياً التجمع لتشكيل حلف. وأراد هؤلاء المستخدمون للإنترنت، ومن بينهم طلبة، إثبات أن باستطاعتهم تغيير المجتمع من أجل الأفضل من خلال العمل الناشط.
وقد أدى هذا الإيمان إلى إيجاد منظمة المدوّنين اللبنانيين التي تهدف إلى توليد تغيير اجتماعي من خلال ثورة إلكترونية.
وتشكّل مهمة منظمة المدوّنين اللبنانيين ورسالتها كما نص عليها ميثاق إنشائها المساهمة في إيجاد مجتمعات تطلق تغييرات إيجابية في المجتمع اللبناني.
وقد قرر المدوّنون الأعضاء في المنظمة استخدام انتخابات 2010 البلدية كمنبر وفتح صفحة معلومات تفاعلية على الإنترنت حيث يقومون بنشر الرسائل والصور وأشرطة الفيديو حول الحملة الانتخابية.
وقد وفّر هؤلاء المدوّنون معلومات غير خاضعة للرقابة لجهودهم على الإنترنت، عارضين تغطية لما وراء الأحداث في الانتخابات، بل حتى حالات إساءة استخدام الانتخابات من قبل السياسيين والحراس الأمنيين، حيث قاموا على سبيل المثال بكشف عميل أمني يساعد المواطنين على التصويت في المنطقة المخصصة لذلك، وهو أمر يحظره القانون. ويهدف المدوّنون إلى توفير معلومات غير منحازة وكاملة لا يقدمها إعلام التيار الرئيس أو الأحزاب السياسية اللبنانية عادة.
وتعمل المدوّنات على خلق ثورة، وتوفر هذه المنابر في لبنان وعبر العالم العربي مساحة للشباب الذين لا ينتمون للطبقة السياسية، مع آلية للتعبير عن آرائهم حول مواضيع تؤثر عليهم، من حرية التعبير إلى حماية البيئة إضافة إلى مواضيع أخرى متنوعة.وتقوم المدوّنات بتحويل المواطنين غير الناشطين وإنما المهتمين إلى لاعبين نشطين يستطيعون التعبير عن أنفسهم، فيقومون في نهاية المطاف بتحويل المجتمعات التي يعيشون فيها.
العدد 2892 - الجمعة 06 أغسطس 2010م الموافق 24 شعبان 1431هـ