تزخر مقاطعة ألبرتا الكندية بثروة نفطية هائلة، تحويها الرمال الزيتية المنبسطة على مساحة نحو 140 ألف كيلومتر مربع، وتعتبر من أعظم احتياطيات البترول في العالم. لكن نفط الرمال الزيتية أو القطرانية (tar sands) يختلف كثيراً عن ذاك الذي يستخرج من باطن الأرض، فهو نفط قذر.
النفط في الرمال الزيتية يشبه المياه الغازية أو المرطبات الخاملة التي فقدت قدرتها على الفوران. تخيل ترسباً نفطياً عادياً على شكل قنينة كولا، حيث يكون النفط ممزوجاً بالغاز وتحت الضغط إذا انحلت سدادة القنينة فسوف يتسرب منها الغاز وتفقد الكولا قدرتها على الفوران.
اترك قنينة كولا في سيارتك أثناء فصل الصيف. سوف تتبخر الكولا وتتحول إلى شراب كثيف مركز. هذا ما حدث للنفط الذي تحول إلى رمال زيتية. فقد تسرب إلى المحيط، وفقد جميع أجزائه الخفيفة، وامتزج النفط الثقيل بالرسوبيات القاعية. والمادة المتبقية، التي تسمى بيتومين (قار أو قطران)، تشبه الدبس الممزوج بالماء والرمل والطين. إنه نفط قذر!
هناك طريقتان لاستخراج النفط من الرمال. الأولى هي الاستخراج الحفري، حيث تقوم حفارات كبيرة بتحميل الرمال الزيتية في شاحنات عملاقة، قال أحد سائقيها إن عليه ارتقاء 14 درجة لبلوغ قمرة القيادة، ما يشبه القيادة من منزل في الطبقة الثانية. لكن استخراج النفط هو الخطوة الأولى فقط، فبعد ذلك يجب فصله عن الوحول والأوساخ. وتستعمل في ذلك عملية شبيهة بغسالة الملابس، حيث يهبط الرمل إلى أسفل ويرتفع النفط إلى سطح الماء، فيكشط ويرسل للمعالجة.
وهناك طريقة أخرى لإخراج النفط من الأرض تسمى التصريف بواسطة الجاذبية بمساعدة البخار (steam assisted gravity drainage). بهذه الطريقة يتم حفر بئرين في الرمال الزيتية، واحدة فوق الأخرى. يستعمل البخار في البئر العليا لتسخين الترسبات في موضعها. ويتجمع النفط الحار في الأنبوب السفلي، فيتم ضخه إلى السطح خالياً من الرمل. وبعد معالجته، يكون المنتج النهائي من أفضل أنواع النفط الخام الخفيف في السوق.
توقعت دراسة أجراها المجلس الوطني للطاقة في كندا العام 2006 أن يرتفع إنتاج النفط من الرمال الزيتية في شمال ألبرتا إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً بحلول سنة 2015. لكن هذه الزيادة تتطلب كميات هائلة من الغاز الطبيعي، المتناقص في كندا. والغاز الطبيعي مصدر طاقة رئيسي لمشاريع الرمال الزيتية، إذ يستعمل كوقود لتسخين البخار الذي يستعمل لتسييل القطران داخل الرمال. وهو أيضاً مصدر للحرارة والهيدروجين، لتحسين نوعية القطران عند تحويله إلى نفط خام. وتوقعت الدراسة ارتفاع كمية الغاز المستعمل في إنتاج النفط من الرمال الزيتية إلى 60 مليون متر مكعب يومياً سنة 2015، في مقابل 20 مليوناً العام 2005. وإذا صح هذا التقدير، الذي بني على إقامة مشاريع جديدة لاستغلال الرمال الزيتية بقيمة نحو 100 بليون دولار كندي (95 بليون دولار أميركي) بحلول سنة 2015، فإن المنطقة سوف تستخدم 13 في المئة من إنتاج الغاز اليومي في كندا.
وقد بلغ إنتاج الغاز في كندا الذروة عند 493 مليون متر مكعب يومياً العامين 2001 و2002، وباتت الاكتشافات الجديدة الكبيرة نادرة. ومع تناقص إنتاج الغاز، يتوقع أن تصل إمدادات جديدة إلى منطقة الرمال الزيتية بواسطة خط الأنابيب المقرر إقامته في وادي ماكينزي لنقل الغاز من المنطقة القطبية في شمال كندا، إضافة إلى مستوردات الغاز الطبيعي المسال. وتوقعت الدراسة أن تكون مشاريع الرمال الزيتية مجدية مادامت أسعار النفط فوق عتبة 35 دولاراً للبرميل.
ويقدر أن تحتوي الرمال الزيتية في كندا على نحو 174 بليون برميل من النفط القابل للاستخلاص، وهو الاحتياطي الأكبر حجماً بعد احتياطي المملكة العربية السعودية.
العدد 2892 - الجمعة 06 أغسطس 2010م الموافق 24 شعبان 1431هـ