على مرِّ السنين عندما بزغت الشمس المونديالية رأينا ومازلنا نرى إمتاعا وتألقا لجميع المنتخبات المستنيرة بضيائها؛ من أجل الظفر بالكأس الذهبية الغالية فمن جاء جديدا أراد أن يثبت نفسهُ ومن فاز بالكأس أصبح بطلا ومن خسرها في النهاية يُسمّى وصيفا لكن، دعونا لا نخرج عن صلب الموضوع وهو حكايتنا مع كأس العالم.
حكاية جميلة طويلة أبطالها العرب مؤلفوها اللاعبين و موزعوها المدربين هكذا سنبدأ الحكاية ففي العام (1934) هناك في مدينة البندقية إيطاليا انشقّت توابيت الفراعنة لتمثّل العرب للمرة الأولى في العرس المونديالي لكنها سرعان ما ودّعت المونديال من الدور الأول بعد هزيمتها من المجر بنتيجة 2/4.
وهكذا نُكمل الحكاية ونفتح بابا جديدا بعد أن أغلقناه لمدة 36 عاما ظهر فريق عربي آخر ليغوص في أعماق بحار كأس العالم الممتعة إنها المغرب جاءت من شمال افريقيا لتبيِّن الوجه الشرس لها لكن الحظ العاثر أوقعها مع البيرو وهنغاريا والمانشافت ليتكرّر سيناريو (1934) مع العرب وتغادر المغرب المكسيك من الدور الأول جارّة معها أذيال الخيبة والمرارة.
والآن، ها نحن هنا في الأرجنتين و تحديدا سنة (1978) قلوبنا مع نسور قرطاج نعم؛ كانت تونس في مواجهة تاريخية مع المكسيك وها هي المفاجأة فقد أثلجت النسور صدور اللاتينيين بعد أن أمطروا شباك المنتخب المكسيكي بثلاثة سهام قاتلة فكانت تونس أول دولة عربية تحقق فوزا بكأس العالم لكنها كانت كسابقيها اللذين خرجا من الدور الأول.
وبعد هذه البطولة حضر الجزائريون للمحفل الكروي العالمي عازمون على رسم أبهى لوحات المونديال لكنّ المؤامرة الخبيثة بين ألمانيا الغربية والنمسا حالت دون ذلك فودّعت ثعالب الصحراء كأس العالم من الدور الأول بأربع نقاط لكنها خرجت مرفوعة الرأس.
(1986) السنة الأروع للمنتخبات العربية سنة الأفراح والأمجاد سنة كان بطلها المغرب ومنتخبه فعلا وقعت المغرب في مجموعة الموت ولكن هيهات هيهات المباراة الأولى كانت ضد منتخب عتيد يُدعى بولندا تعادل الأسود معهم سلبيا وفي المباراة الثانية تكرّر السيناريو نفسها أمام إنجلترا لتزأر الأسود في وجه البرتغال وتتأهل للدور الثاني قبل أن تودِّع الملاعب المكسيكية على يد الماكينات الألمانية.
مونديال (1990) شهد أول مشاركة خليجية الإمارات العربية المتحدة تُمثّل العرب إلى جانب البلد الإفريقي مصر وكان ذلك العام الأسوأ في تاريخ المسلسل العربي المونديالي الغريب.
ونواصل حكاية المسيرة الخليجية على الملاعب العالمية لننتقل إلى السعودية صاحبة أفضل النتائج الخليجية المونديالية. نعم؛ فالكلُّ يتذكر لحظة الأمجاد لهذا المنتخب عندما تمكن من الحصول على بطاقة التأهل للدور الثاني وأُقصِيَ بعد ذلك من العرس العالمي بنتيجة ثقيلة أمام السويد عاد بها إلى مملكته ليكون بطلا لحكاية العرب مع كأس العالم.
وها نحن الآن على متن قطار أهم محطة تاريخية للمونديال... مونديال (1998) النسخة التي شهدت أكبر تجمُّع للمنتخبات العربية في الساحات المونديالية، إذ ضمت الملاعب الفرنسية كُلا من تونس والمغرب والسعودية. المغرب كانت العَروس لهذه الكأس فبعد أداء سيئ أمام السامبا وتعادل إيجابي مع النرويج أمطرت الاسكتلنديين بثلاثة أهداف نظيفة كانت نتيجة كافية للتأهل ولكن وقع ما وقع وتآمر البرازيليون مع النرويج وتأهل الاثنان ليستمر المسلسل الغريب.
وبعد عدّة مشاركات عربية استمرت حتى (26 عاماً) تنتهي حكايتنا في جنوب إفريقيا، إذ كان محاربو الصحراء ممثلو العرب الوحيدين كانوا كغيرهم يواصلون حكايتنا المريرة مع هذه الكأس الذهبية.
وفي الختام... لم أٌسطِّر هذه الحروف لأسرد هذه القصة الطويلة الممِلّة للمنتخبات العربية... بل لألقى الجواب عن تساؤلاتي هذه... «إلى متى سيظل منتخبنا البحريني عاجزا عن تحقيق الحلم المونديالي؟!»... «إلى متى سنظل نتجاهل الحقائق الفنية والإدارية للمنتخبات المونديالية؟!».
محمد عبدالهادي البقالي
العدد 2892 - الجمعة 06 أغسطس 2010م الموافق 24 شعبان 1431هـ