حذر الشيخ عيسى قاسم في خطبته أمس (الجمعة) في مسجد الإمام الصادق (ع) بالدراز من أخذ البلد إلى «العنف»، مشيرا إلى أن العنف طريق لهدم الوطن. ودعا قاسم إلى ضرورة الوصول إلى توافق بين الشعب والحكومة لإنهاء الملفات العالقة حفاظا على أمن الوطن.
وقال: «لا تأخذوا البلد إلى العنف فالعنف قتال للطرفين؛ على الطرفين أن يحسبا لمصلحة الوطن، ومصلحة الوطن هي أن تعترف الحكومة بحقوق الشعب، وأن يعترف الشعب بالاستجابة لهذه الحقوق إذا توافرت».
وبدأ قاسم خطبته متسائلا «هل العلاقة بين الحكومة والشعب جيدة أم متوسطة أم متردية؟ والجواب الذي لا يزاحمه جواب آخر وبكل أسف أن العلاقة متردية، وهذا يعني أن الوضع غير طبيعي وضار جدا... وإلى أين تتجه هذه العلاقة؟ إلى تحسن أم إلى مزيد من التردي والانحدار؟ والواقع بلغته الصريحة، وليس على مستوى المؤشرات فحسب يقول إن العلاقة تتجه إلى مزيد من التردي والانحدار». وأضاف:» إن هذا الوضع لا يرتضيه عاقل مخلص... فأين تضع العلاقة إمكانات الطرفين؛ للحكومة قوة وللشعب قوة. وهناك إمكانات وهنا إمكانات، وهذه الإمكانات في الأصل هي للبناء والتطور والإصلاح. وإن هذه الإمكانات مجتمعة ومحشودة من أجل البناء والإصلاح وخير الجميع، فذلك هو الأصل أما الواقع فهي لإضعاف الآخر. إمكانات الحكومة مستخدمة لإضعاف الشعب ويترتب على ذلك أن تكون إمكانات الشعب موجهة لإضعاف الحكومة، وإضعاف الشعب ليس لصالح الوطن، وإضعاف الحكومة ليس في صالح الوطن».
وتابع «مادامت الحكومة هي الحكومة، ومادامت ستبقى الحكومة فإن إضعافها لن يكون في صالح الوطن، والأساس هو أن الحكومة صارت تعمل جادة على إضعاف الشعب، والذي يرى حتى الآن أنها على نيتها وعلى هذا النهج، حتى يأتي ما يدل على غير ذلك. وإمكانات الحكومة هي ملك شعب، والحكومة في الأصل أفراد شأنهم شأن غيرهم، وليس في يد الحكومة شيء تستقل به ملكه، ما بيد هذا الفرد من الشعب هو ملك له على مستوى الاعتبار، وما في يد أي شخص في الحكومة مما هو معدود ملك شخصيا له هو ملك له في الاعتبار، على أن يكون ما بيد الفرد من الشعب أو الحكومة من ملك هو من الطرق المشروعة». وأوضح «أما ما في يد الحكومة بما هي حكومة فليس لها، إنما هو للوطن، وللشعب، ولأفراد الحكومة كما هم أفراد من الشعب. وهذه الإمكانات التي بيد الحكومة بصفة أنها وكيل قانونا عن الشعب في هذه الأموال إنما يصح تصرفها فيها لمصلحة الشعب وليس لضربه أو إيذائه وإضعافه، وإمكانات الشعب ليس لهدمه وإنما لبنائه وازدهاره. والحكومة قادرة بشدة على إيذاء الشعب وكذلك الشعب قادر وبقوة على إيذاء الحكومة، أما قضية القضاء على أحد الطرفين فهي بعيدة المنال، فإذا أراد الشعب أن يقضي على الحكومة فعليه أن يدفع ضريبة مرهقة وقد لا يتأتى له ذلك، ومستحيل على الحكومة أن تقضي على الطرف، وفي المدى المنظور لا الشعب له أن يسقط الحكومة ولا الحكومة تملك أن تسقط الشعب».
واستدرك «إذا، لن يعطي استمرار الصراع وتفاقمه واشتداده إلا الإضعاف والاستنزاف والمتاعب المستمرة للطرفين والقلق الدائم وتوريث الصراعات. إلى مت التدهور والتردي والاقتراض من حافة الانهيار، وهذا ليس إنشاء، وإنما الدرس الذي تقدمه كل الصراعات في الأقطار كافة. وإن تحاشي هذا الأمر ودرئه يحتاج إلى موقف من الحكومة وموقف من الشعب؛ أن الحكومة تعطي حقوق الشعب وما همشته، وأن تعترف بأن هناك مشكلات سياسية ومعيشية ودينية واجتماعية وأخلاقية لابد من السعي الجاد المبرهن عليه عمليا لحلها. ودور الشعب أنه كلما قدمت الحكومة برهانا على جديتها في الاعتراف بحقوق الشعب وأعطت من نفسها الحكومة، كلما كان عليه أن ينوه بذلك و يعترف بذلك وأن يطلب الاقتراب من التوافق على الحد. وإذا استمر السيفان؛ الحكومة والشعب فإن النتيجة لابد أن تكون فضيعة ومروعة ومن غير نتائج إيجابية في المنظور. والتساؤل المطروح هو: هل الطريق سدت؟ الفرص ضاعت؟ الحريق صار حتما؟ لا، إذا صار التعقل هنا وهناك، وحصلت الجدية هناك وحصل التجاوب مع هذه الجدية هنا...».
وأكد قاسم أن «تجربة العنف فاشلة، هنا وفي مواضع بلدان أخرى، وحتى العنف الذي رأته أميركا طريقا لملك هذا العالم تبرهن أنه تجربة فاشلة. وكون الحكومة تمتلك سلاحا كثيرا وجيشا قويا وشرطة وموازنة، كل ذلك لا يكفيها لتحقيق نصر تتوهمه على شعبها وضعف شعبها ضعف لها، على أن العنف يدعو للعنف، وعنف أي طرف من الطرفين لن يسد الباب على عنف الآخر والتجربة العملية لسنوات وسنوات برهنت على ذلك».
وانتقل قاسم إلى ملف المعتقلين وعلاقته بالوضع السياسي، قائلا: «أما عن قضية «متهمي الحجيرة»، فلا بد أن يطلق سجنائها وسجان كرزكان والقضايا الأخرى التي لم تستطع الجهات الرسمية إثباتها والإقناع بها، وكل سجين لم تثبت إدانته الشريعة الإلهية وبالطريقة التي ترتضيها بريء ولابد أن يخلى سبيله. والحديث عن السجناء ذو أهمية بالغة، ولكن مع كونه كذلك فإنه حديث عن تداعيات المشكلة وليس هو الحديث عن صلبها، وإطلاق السجناء لابد منه وهو مدخل للحل، ولكن لا يقف الحل عنده، ولكن الحل يكون عند التوافق على الملفات المختلف عليها».
وأنهى قاسم خطبته متسائلا «لنا سؤال عما نشر أن البحرين هي ثامن دولة في العالم من حيث الدعارة؟ أصدق أم كذب يا حكومة؟ علقي على الخبر بلغة الحقائق. والسكوت عنه اعتراف... ألكرامة المرأة أم لسحق كرامتها وتمريغها في الرجس؟».
العدد 2402 - الجمعة 03 أبريل 2009م الموافق 07 ربيع الثاني 1430هـ