العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ

روسيا تعزز شراكتها الاقتصادية مع اليابان لتسهيل الانضمام الى منظمة التجارة العالمية

امبراطورية الشمس تسطع على عرين الدب الروسي

على رغم العداء التاريخي والخلافات الحدودية بين اليابان وروسيا، تسعى الأخيرة إلى تدعيم مشاركتها الاقتصادية مع طوكيو والاستفادة من دعمها لتحقيق التقارب مع الغرب وزيادة الاستثمارات اليابانية وتسهيل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.

ويتوقع محللون سياسيون واقتصاديون أن تسهم الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الياباني يونيشيرو كوازومي لموسكو لحضور الاحتفال الذي يقام في التاسع من مايو/ أيار المقبل بمناسبة مرور 60 عاما على انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في تعزيز علاقات المشاركة بين الدولتين وتسوية الخلافات العالقة التي تلقي بتداعياتها السلبية على العلاقات بينهما.

وتهدد طوكيو بسحب تمويلها لمشروع خطوط الأنابيب الروسية التي تربط حقول النفط في سيبيريا بالمحيط الهادي، حال عدم إعطائها الأفضلية في المشروع بدلا من الصين التي تنافسها في الحصول على الكعكة النفطية في تلك المنطقة.

وفازت اليابان بالصفقة المتوقعة بعد معركة دبلوماسية مضنية انحازت خلالها الحكومة الروسية للعرض الياباني المغري ماديا لتمويل خط أنابيب ساحل المحيط الهادي. واقترح وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستنكو إنشاء خط أنابيب فرعي للصين لنقل النفط إلى الصين أولا قبل بناء خط الأنابيب الرئيسي الذي يصل إلى اليابان وهو ما أثار استياء الأخيرة ودفعها إلى التهديد بسحب تمويلها للمشروع.

وتسعى الصين إلى الحصول على نصيب كبير من حقول النفط بسيبيريا نظرا لاحتياجها الشديد للنفط وتقديراتها المتعلقة بالأهمية الحيوية للنفط المستخرج من تلك المنطقة لتأمين احتياجاتها من الطاقة وتقليل الاعتماد على نفط منطقة الشرق الأوسط. وتخطط بكين لإقامة خطوط أنابيب لنقل النفط من حقول سيبيريا إلى داكنج الصينية بامتداد 1400 ميل.

وفي محاولة لانتزاع موافقة روسيا على مشروع خطوط أنابيب نقل النفط من حقول سيبيريا إلى السواحل اليابانية عرضت طوكيو منح موسكو ملياري دولار إضافية لتمويل المشروعات الاجتماعية. وتتسابق بكين وواشنطن للحصول على نصيب الأسد من صفقات النفط الروسية، ولاسيما في ضوء الاحتياطات النفطية الروسية الضخمة.

ويرى خبراء أميركيون أن المنافسة الشرسة بين واشنطن وبكين لشراء أكبر كمية من النفط المعروض في السوق الدولية أدت إلى حال من عدم الاستقرار في السوق، وأشاروا إلى أن تزايد الطلب الصيني على النفط سيطيح بالخطط الأميركية الرامية إلى تقليل الاعتماد على النفط والبحث عن مصادر بديلة لنفط أوبك وزيادة استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة.

ويبدي المسئولون الصينيون رضاهم الكامل لتطور العلاقات السياسية والتجارية الصينية الروسية، ويؤكدون رغبتهم في تحقيق المزيد من المشاركة الاستراتيجية بين الدولتين. وتدعمت العلاقات الاستراتيجية الصينية الروسية في أعقاب زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن إلى بكين في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ اتفق الجانبان على أسس واضحة المعالم لتدعيم المشاركة السياسية والاقتصادية بينهما.

وتشير الإحصاءات إلى أن حجم التبادل التجاري بين الصين وروسيا زاد عن 20 مليار دولار العام ،2004 وهو ما وصفه الجانبان بالتطور الايجابي في العلاقات منذ القمة الصينية الروسية التي عقدت في مايو/ أيار العام .2003 وبلغ حجم الصادرات الروسية إلى الصين نحو 12,13 مليار دولار مقابل واردات روسية من الصين وصلت قيمتها 9,1 مليارات دولار العام الماضي.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الصادرات الصينية إلى السوق الروسية نمت بنحو 52 في المئة العام 2004 مقارنة بالعام ،2003 بينما زادت الواردات الصينية من روسيا بنحو 24 في المئة خلال الفترة نفسها. وأبرم نحو 66,8 في المئة من الشركات الصينية والروسية غير الحكومية اتفاقات تجارية مشتركة.

ووفقا للاحصاءات بلغ الفائض التجاري الروسي 79,1 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2004 مقابل 54,3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام .2003 وارتفع معدل التجارة الخارجية الروسية بنحو 30,9 في المئة ليصل إلى 248,2 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى نوفمبر ،2004 بينما زادت الصادرات بنحو 34,2 في المئة لتصل إلى 163,6 مليار دولار. وزادت الواردات الروسية خلال الفترة نفسها بنحو 25 في المئة لتصل إلى 84,5 مليار دولار.

وحقق الاقتصاد الروسي نموا ملحوظا للعام الماضي، إذ زاد حجم الصادرات والموارد المستمدة من الصادرات النفطية في ضوء الارتفاع القياسي لأسعار النفط في السوق الدولية.

ويمثل إحجام روسيا عن تحرير قطاع الطاقة بها وحرص الحكومة على إحكام قبضتها على ذلك القطاع المهم مصدر خلاف بين موسكو والاتحاد الأوروبي. وعلى رغم تعهد موسكو بمواصلة الانفتاح على الاقتصاد العالمي وتحرير اقتصادها للانضمام لمنظمة التجارة واصل الكرملين إجراءاته الرامية إلى إحكام قبضته على صناعة النفط وقرر حرمان الشركات الأجنبية من التقدم بعطاءات للحصول على امتيازات في عدد من الحقول النفطية الكبرى العام الجاري لأغراض بررها بأنها تتعلق بالمصالح الاستراتيجية الروسية.

ووفقا للإجراء تقتصر المشاركة في العطاءات المتصلة بامتيازات عدد من الحقول النفطية ومناجم الذهب والنحاس في سيبيريا على الشركات التي لا تقل فيها المساهمة الروسية عن 51 في المئة. ويرى محللون اقتصاديون أن الخطوات التي اتخذها الكرملين حديثا تستهدف السيطرة على قطاعات الثروات الطبيعية الروسية التي تعد عصب الاقتصاد الروسي ومواجهة سيطرة الأجانب على تلك القطاعات.

وأشار خبير النفط جريجوري وايت إلى أن رغبة الكرملين في السيطرة على قطاع النفط بدت واضحة في تفتيت عملاق النفط في روسيا شركة "يوكوس"، إذ قررت الحكومة الروسية بيع أصوله لتغطية متأخراته الضريبية التي بلغت 28 مليار دولار. وأوضح ان الإجراء الأخير سيقوض الثقة في قطاع النفط الروسي الذي تعول عليه الولايات المتحدة واليابان كثيرا لمنافسة منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، مشددا على أن تراجع الثقة في قطاع النفط الروسي انعكس سلبا على معدلات الإنتاج التي تراجعت حديثا ما أثار مخاوف الدول المستوردة من احتمال عودة أسعار النفط إلى الارتفاع بشكل قياسي مرة أخرى

العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً