جاء ذلك في كلمة ألقاها أمس في اجتماع اللجنة في جنيف، ومؤكدا فيها وضوح اجواء الانفتاح والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير في مملكة البحرين.
وأوضح أن التقرير المعروض على اللجنة ينقسم الى جزئين أولهما يتضمن معلومات اساسية عن البحرين "الإطار العام للنظام القانوني البحريني" وثانيهما يتضمن معلومات خاصة بكل مادة من مواد اتفاق مناهضة التعذيب.
وفي جنيف قدم الخبراء عددا من الاستفسارات بشأن المعلومات الواردة في تقرير مملكة البحرين الشامل، وسيقوم الوفد بتقديم الإجابات المفصلة عنها خلال جلسة اليوم التي ستستكمل فيها المناقشة.
هذا وأشاد أمس رئيس لجنة مناهضة التعذيب الخبير الاسباني فرناندو منتذر بالمشروع الإصلاحي وطي صفحة الماضي والانطلاق نحو مستقبل مشرق. وعلى الصعيد نفسه اتهم النائب جاسم السعيدي رئيس اللجنة الوطنية لضحايا وشهداء التعذيب التابع لمركز البحرين لحقوق الإنسان بأنه قام برمي مجموعة من الكتيبات التي "تفضح الأعمال الإرهابية" بحسب تعبيره، التي يوزعها موفدا السعيدي الى جنيف ويمثلان "الجمعية الوطنية لضحايا الإرهاب" التي شكلها أخيرا.
الى ذلك قالت مصادر أخرى لـ "الوسط" إن رجال الأمن الموجودين في قاعة الاجتماع هم من قاموا بمنع موفدي السعيدي من توزيع الكتيبات التي كانا يوزعانها. من جانب آخر أكد المحامي محمد أحمد أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب الحكومي "يحاول تجريم ممنوعات داخلية لا علاقة لها بمسألة الإرهاب"، متسائلا عن "علاقة من يستغل الدين ودور العبادة أو الأماكن العامة في بث دعايات مثيرة أو رفع لافتات أو صور من شأنها إثارة الفتنة بالجرائم الإرهابية التي لا يتفق تعريفها مع تجريم الأفعال المذكورة التي نص على تجريمها قانون العقوبات المطبق". وقال: إن نصوص المشروع "تكشف عن رغبة محمومة في تجريم الأفكار ومعاقبة مجرد حيازة أوراق أو مطبوعات".
وأوضح خلال ندوة بشأن "مشروع قانون مكافحة الإرهاب" عقدت أمس الأول في مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي، أن "جميع الأفعال التي وردت في مشروع القانون ورد النص على تجريمها طبقا للكثير من نصوص القوانين العقابية في البحرين"، مطالبا بتبني "تعريف محدد للإرهاب والجريمة الإرهابية يستهدي بالتعريفات الدولية وتضمينه في قانون العقوبات، دونما الحاجة إلى الحشو في مشروع قانون الإرهاب".
ومن جانبه ذكر رئيس لجنة التدريب والتثقيف في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالنبي العكري أن "عددا من العقوبات في مواد المشروع مخالف لتوجه البحرين للانضمام لاتفاقات دولية مثل العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية".
أم الحصم - علي العليوات
أكد المحامي البحريني محمد أحمد أن "كل الأفعال التي وردت في مشروع قانون مكافحة الإرهاب ورد النص على تجريمها طبقا للكثير من نصوص القوانين العقابية في البحرين، وما محاولة تكرار النص عليها إلا محاولة مردودة وغير موفقة"، مطالبا بتبني "تعريف محدد للإرهاب والجريمة الإرهابية يستهدي بالتعريفات الدولية وتضمينه في قانون العقوبات دونما اللجوء إلى الحشو الذي نلاحظه في نصوص المشروع"، مشيرا إلى أن "ما تتميز به نصوص القانون من حشو يكشف عن محاولة لتمرير نوعين من الممنوعات "داخلية وخارجية" لا تقبلها المستويات الدولية السائدة للحقوق والحريات".
وتساءل عن "علاقة الإرهاب والجرائم الإرهابية التي تروع الناس بالجريمة التي يبتدعها المشروع بموجب المادة "10" منه التي تعاقب كل من استغل الدين أو دور العبادة أو الأماكن العامة في بث دعايات مثيرة أو أفكار متطرفة أو رفع لافتات وصور من شأنها إثارة الفتنة". جاء ذلك خلال مشاركته مع رئيس لجنة التدريب والتثقيف في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالنبي العكري في ندوة بشأن "مشروع قانون مكافحة الإرهاب" التي نظمها فريق المتابعة لمؤسسات المجتمع المدني مساء "الأربعاء" الماضي في مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي.
وتحدث أحمد عن مفهوم الإرهاب، وقال: "الإرهاب بمفهومه الذي تشكل خلال السنوات الأخيرة، هو المفهوم الذي يجب تمييزه بشكل واضح عن نضالات الكثير من الشعوب لنيل حقوقها المشروعة، وهي نضالات يقرها القانون الدولي والشريعة الإنسانية، وهو إرهاب امتدت آثاره إلى محيطنا الإقليمي على نحو بات فيه من الضروري اتخاذ جميع الإجراءات لمواجهته، ومع تقديرنا بأن أشكال مواجهة هذه الظاهرة هي أشكال متعددة بعدد الأسباب الموضوعية للظاهرة ذاتها، فإنه لابد من أن نضع في الاعتبار البيئة القانونية اللازم توفيرها لأحد أشكال مواجهة الظاهرة، وهي المواجهة الأمنية وما يستتبعها من مواجهة عقابية رادعة، وهذه هي الملاحظة الأولى التي يجب وضعها في الاعتبار إذا ما أردنا الحديث عن النسخة البحرينية من محاولات المواجهة القانونية والعقابية، وأقصد بذلك مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي طرحته السلطة حديثا على مجلسي الشورى والنواب لمناقشته بصفة مستعجلة".
وتعرض أحمد لملاحظة ثانية على مشروع القانون تتعلق بالمنظومة العقابية البحرينية، وذكر أن "قانون العقوبات البحريني الصادر بالمرسوم بقانون رقم "15" للعام 1976 جاء خاليا من أي نص يجرم الأعمال الإرهابية صراحة..."، متسائلا: "هل صحيح ما تقوله مذكرة الحكومة بأن التشريع البحريني لا يعاقب على استخدام القوة أو العنف أو التهديد باستخدامه لتنفيذ مشروع إجرامي، أو أنه لا يحرم الأفعال التي تؤدي إلى تعريض سلامة البلاد للخطر أو إيذاء الأشخاص وترويعهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم للخطر، وذلك على نحو ما نصت عليه المادة "1" من مشروع القانون التي تضمنت تعريف كلمة الإرهاب"، منوها "في حال صحة ذلك، فهذا يعني ببساطة شديدة أن البلاد لم يكن بها قانون يجرم كل تلك الأفعال وأنه بإمكان أي شخص أن يرتكب ما يحلو له من أفعال واستخدام القوة والعنف وإيذاء الأشخاص والتعرض للأموال والممتلكات دونما رادع". واستعرض أحمد قائمة بالمنظومة التشريعية البحرينية والمتمثلة في "الفصل الأول المتعلق بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي وذلك ضمن أحكام الباب الأول من القسم الخاص من قانون العقوبات البحريني، ويلاحظ أن مواد هذا الفصل تكفلت على نحو تفصيلي ودقيق بتجريم جميع الأعمال المتمثلة في القتل وإيذاء الأشخاص والمساس بالأموال والممتلكات وتعريض حياة الجمهور للخطر أو الاعتداء على السلطات العامة أو التعرض لوسائل النقل أو الاتصالات أو رفع السلاح على الدولة أو الالتحاق بقوة مسلحة لجماعة مقاتلة ليس لها صفة المحاربين أو احتلال المباني العامة أو القيام بأفعال بقصد إحداث الرعب بين الناس أو إشاعة الفوضى، كذلك نذكر المرسوم بقانون رقم "16" للعام 1976 في شأن المفرقعات والأسلحة والذخائر وتعديلاته، المرسوم بقانون رقم "15" للعام 1998 بالتصديق على الاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب، قانون رقم "8" للعام 2004 بالتصديق على انضمام مملكة البحرين إلى الاتفاق الدولي لقمع الإرهاب، كل تلك القوانين ومثيلاتها تدلل على أن ما ورد في مذكرة الحكومة المرفقة بالمشروع من ان التشريع البحريني لا يعاقب صراحة على الأعمال الإرهابية هو أمر يفتقر إلى الدقة إلى حد كبير".
وبين أحمد أنه "من البديهيات القانونية المتعارف عليها أنه بمجرد تصديق الدولة على أي اتفاق أو انضمامها إلى أية معاهدة إقليمية أو دولية فإن أحكام الاتفاقات أو المعاهدات تصبح في حكم النصوص القانونية واجبة التطبيق على المستوى الوطني وتصبح جزءا من المنظومة التشريعية الوطنية، وتبعا لذلك فإن وضع إطار محدد لمصطلح الإرهاب ضمن التشريعات البحرينية هو أمر قد تحقق منذ العام 1998 عندما صدقت البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم "15" للعام 1998 على الاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب، وعرف هذا الاتفاق الإرهاب بأنه "كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر"".
من جانبه، قدم العكري خلال الندوة ورقة بعنوان: "مشروع قانون مكافحة الإرهاب والقانون الدولي"، تطرق فيها إلى تعريف الإرهاب، وقال: "جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان المقدم إلى قمة الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي ذكر فيها "إنني أؤيد تأييدا تاما دعوة الفريق الرفيع المستوى إلى وضع تعريف للإرهاب يوضح أن الإرهاب هو أي عمل على جانب الأعمال المحظورة فعلا في الاتفاقات القائمة يراد به التسبب في وفاة مدنيين أو أشخاص غير محاربين أو إلحاق إصابات جسمانية خطيرة بهم..."، ولكن بمراجعة المادة "1" من مشروع قانون مكافحة الإرهاب فإن ذلك يتجاوز كثيرا التعريف الذي تسعى الأمم المتحدة إلى إقراره باعتباره مرجعية لجميع الدول الأعضاء".
واستطرد العكري "إذا ما راجعنا المادة "2" التي تفصل جرائم الإرهاب، فإنها بالتأكيد مخالفة لتعريف جريمة الإرهاب الذي تسعى الأمم المتحدة إلى إقراره، ومخالفة لما استقر عليه القانون الدولي وغالبية هذه الجرائم يغطيها قانون العقوبات ومن المضحك كما ورد في البند 6 اعتبار الاعتداء على نظم المعالجة الآلية للبيانات المعلوماتية جريمة إرهابية". وذكر أنه "بالنسبة إلى المادة "3" التي تفصل العقوبات المترتبة على الجرائم الواردة في المادة "2" فإن العالم يتجه إلى إلغاء عقوبة الإعدام وتتجه البحرين للانضمام إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من خلال البروتوكول الثاني الملحق بها الذي يحرم عقوبة الإعدام، غير أن البحرين لم تنفذ عقوبة الإعدام طوال عقدين من الزمن".
ورأى أن "عددا من العقوبات المقررة في المواد "،10 ،12 13" تندرج ضمن قانون المطبوعات والنشر أو الجمعيات الأهلية، بينما باقي المواد يمكن أن تندرج ضمن قانون العقوبات"، مشيرا إلى أن "إدراج هذه المواد ضمن مشروع القانون مخالف لتوجه مملكة البحرين للانضمام إلى اتفاقات دولية مثل العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي ينص على تعزيز الحريات والحقوق العامة ومعالجة خروقاتها بقوانين مدنية وليس استثنائية". وأضاف العكري "بالنسبة إلى المادة "29" التي تجيز للنيابة العامة سلطات قاضي المحكمة الصغرى والمحكمة الكبرى، فإن هذا يخالف مبدأ استقلال القضاء وحق المتهم في المثول أمام قاضيه الطبيعي وفي محاكمة تتوافر فيها شروط حق المتهم بتوفير محام وشروط أخرى لمحاكمة عادلة ونزيهة كما هو وارد في المواد "،8 ،11 15" من الإعلان والمادة "9" من العهد، كما أنه مخالف للاتفاقات الدولية المتعلقة بأصول المحاكمات العادلة والإجراءات التضامنية التي لم تنضم إليها مملكة البحرين لكنها ملزمة أدبيا
العدد 980 - الخميس 12 مايو 2005م الموافق 03 ربيع الثاني 1426هـ