كشفت الموازنة القطرية للعام المالي 2009 -2010 التي تم إعلانها الخميس الماضي، تخصيص نحو 37.9 مليار ريال قطري للإنفاق على مشاريع البنية التحتية من طرق ومواصلات ومرافق صحية
وعلى رغم أن الاعتمادات المخصصة لهذا الباب تقل بنحو 2.6 مليار ريال عن موازنة العام الماضي، فإن الخبراء والمحللين الذين تحدثوا لـ «الأسواق.نت» أكدوا أنها - وإن كانت ظاهريا تقل عن الموازنة السابقة؛ إلا أنها- تفوق في قيمتها ما تم إنفاقه خلال السنة الماضية، وأرجعوا السبب في ذلك إلى التراجع الذي شهدته أسعار المواد الخام ومستلزمات البناء من حديد وأسمنت وغيرها خلال الأشهر الماضية بنسبة قد تصل إلى نحو 40 في المئة عما كانت عليه في السابق.
وعلى رغم عدم الإفصاح حتى الآن عن التقديرات المخصصة لبند الرواتب في الموازنة القطرية الجديدة؛ فإن المصادر أكدت أنها سترتفع بنسبة لن تقل عن 18 في المئة عما كانت عليه في الموازنة السابقة، موضحين أن هذه الزيادات جاءت لتغطية الكادر المالي الجديد للموظفين القطريين كافة بجميع وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، وفقا لما نص عليه قانون الموارد البشرية الذي صدر مؤخرا.
وأكدت المصادر أن الموظفين القطريين سيحصلون على زيادة في رواتبهم بداية من شهر أبريل/نيسان الجاري بحد أدنى خمسة آلاف ريال شهريا، بسبب استحداث القانون الجديد بدلات وحوافز لم تكن مدرجة في هيكل الرواتب من قبل.
وقال الخبير الاقتصادي، والرئيس التنفيذي لبيت قطر المالي، السيد الصيفي لـ «الأسواق.نت»: «إن من الخطأ التضخيم من قيمة العجز المقدر في الموازنة القطرية الجديدة؛ إذ إنه لا يتجاوز 2 في المئة من إجمالي حجم الإنفاق، مؤكدا أنه ظهر كنتيجة طبيعية لحساب إيرادات الموازنة على أساس تقدير سعر برميل النفط بـ 40 دولارا فقط، على رغم أن سعره يتجاوز حاليا 48 دولارا، ومن المتوقع أن يتجاوز حاجز 50 دولارا»، موضحا أن هذا العجز سيختفي تماما، بل وربما يتحول إلى فائض كبير بنهاية العام.
وأشار إلى أن تخصيص 37.9 مليار ريال للإنفاق على مشاريع البنية التحتية يعد في الواقع أكبر مما تم إنفاقه في الموازنة السابقة والبالغ 40.5 مليار ريال، مؤكدا أن تراجع أسعار المواد الأولية وتحديدا مواد البناء بنسبة 40 في المئة عن العام الماضي في الأسواق العالمية، يجعل مخصصات الإنفاق على مشاريع البنية التحتية في الموازنة الجديدة أكبر عمليا من الموازنة السابقة. وقال: «إن تقديرات الإنفاق على مشاريع البنية التحتية تؤكد أن هذه المخصصات لن تحافظ فقط على مستقبل الوظائف الحالية، ولكنها أيضا ستخلق فرص عمل إضافية، وهو الأمر الذي يعزز من إمكانية استقدام عمالة جديدة إلى السوق القطرية».
وكانت قطر قد أعلنت يوم الخميس الماضي، عجزا متوقعا في موازنتها العامة للعام المالي 2009 - 2010 قدَّرته بمبلغ 5.8 مليارات ريال قط. وأرجع وزير الاقتصاد والمالية القطري، يوسف كمال في بيان له هذا العجز إلى الأزمة المالية العالمية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية تأثرت بها جميع دول العالم، وأدت إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط الخام؛ ما جعل أسعاره تنخفض بدرجة كبيرة، وقال: «إن هذه التقديرات بنيت على أساس تقدير سعر برميل النفط بـ40 دولارا، بدلا من 55 دولارا في العام الماضي؛ ما أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة للدولة».
وقال الخبير الاقتصادي عاصم شلة: «إن تخصيص نحو 40 في المئة من حجم الإنفاق على مشاريع البنية الأساسية يؤكد حرص الحكومة القطرية على تحقيق ركائز (رؤية قطر الوطنية 2030) في التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وذلك بالاستمرار في تخصيص النسبة الكبرى من الموازنة للصرف على المشاريع العامة الاستراتيجية والبنية التحتية».
وقال لـ «الأسواق.نت»: «إن هذه التقديرات ستتولى إنجاز مشاريع تساوي المشاريع التي تم إنجازها العام الماضي وربما أكثر، نظرا إلى التراجع الكبير في أسعار المواد الخام في الأسواق العالمية»، مشيرا إلى أن حجم الإنفاق يعزز إمكانية الاحتياج إلى مزيد من العمالة، وخصوصا في قطاع المقاولات.
وقال المدير العام لشركة عقار للتطوير والاستثمار العقاري، أحمد العروقي: «على رغم أن حجم الإنفاق المقدر لمشاريع البنية الأساسية أقل نظريا عن العام الماضي؛ فإنه سيكون أكبر من الناحية العملية إذا وضعنا في الاعتبار معدل التراجع الذي شهدته أسعار الخامات منذ انفجار الأزمة المالية، والمتوقع استمرارها خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري».
وأعرب العروقي لـ «الأسواق.نت» عن تفاؤل قطاع المقاولات بعد إعلان الموازنة الجديدة، وأكد أن شركات المقاولات القطرية لم تشهد أي عمليات استغناء عن العمالة خلال الأشهر الماضية، وقال إن بعض الشركات ربما تحتاج إلى نوعية من العمالة الفنية المتخصصة التي تم الاستغناء عنها من الأسواق المجاورة.
العدد 2406 - الثلثاء 07 أبريل 2009م الموافق 11 ربيع الثاني 1430هـ