ولد وترعرع على أرض الوطن، وانضم إلى سلك وزارة التربية والتعليم منذ العام ،1972 وكانت مدرسة الحورة الثانوية هي أول مكان تابع للوزارة احتضنه، وبعد ذلك عمل ما يقرب من 18 عاما كمساعد خازن في الوزارة نفسها، وإثر حوادث التسعينات نقل إلى مقر الوزارة في سلماباد وتحديدا قسم العلوم - المختبر، ومنه إلى قسم الصيانة. .. كل تلك السنوات، وهذا التنقل والخدمة الطويلة في الوزارة لم تشفع لغلوم بحمل جنسية الوطن... أي أن ما يقرب من 29 عاما ضاعت فيها حقوقه هباء منثورا!
جاءت سنة 2001م لتكون فاتحة الخير لغلوم بحمله هوية الانتماء لوطن لم يعرف سواه وطنا ولم ينتم لغيره قلبا وقالبا، ومن هنا تجدد لديه الأمل في تملك جزء من حقوقه كمواطن خدم في إحدى الوزارات الحكومية بكل جد وإخلاص وكانت بارقة الأمل الأخرى في العام ،2003 حينما منح الدرجة الرابعة التي كان يجب أن يحصل عليها منذ زمن لولا تنكر الوطن له بشهادة الانتماء إليه!
حصل غلوم على الدرجة الرابعة واستمر متمتعا بها مدة 15 شهرا، تناسى خلالها سنوات الخدمة التي ضاعت هباء، وعقد العزم على تحقيق ما يصبو إليه وأجله لضيق الحال فارتبط مع أحد المصارف بقرض لشراء بيت العمر على أساس الدرجة الرابعة التي حصل عليها بعد جهد وعناء وبقسط قيمته 195 دينارا بحرينيا يقتطع من راتبه، الذي بدأ للتو يتنفس عبق العيش الكريم، شهريا!
ولكن ماذا حصل بعد 15 شهرا من حصول غلوم على الدرجة الرابعة؟... في العام 2004 تفاجأ غلوم بحذف الدرجة من راتبه وعندما استفسر عن ذلك من المعنيين في وزارة التربية، كان الجواب: "إن حصولك عليها كان خطأ أصلا، ولذلك بعد أن تنبهنا لهذا الخطأ وجب اقتطاعها من راتبك"!... حدث ذلك على رغم تأكيد ديوان الخدمة المدنية عدم جواز حذف الدرجة بعد حصول الموظف عليها!
المصرف عندما علم بما جرى لغلوم أوقف القسط لمدة شهر واحد، ولكن هل يعقل أن يستمر في توقفه إلى الأبد وهو الذي لم يوافق على منحه القرض إلا بناء على الدرجة الرابعة؟! وبيت العمر من أين له أن يكتمل ويأوي أصحابه الذين عاشوا في وطنهم العزلة والغربة حتى فرج الله عنهم وما كان للبشر أن يرحموهم؟ ثم من لغلوم الذي وصل إلى نهاية المربوط ما يجعله يستحق له المطالبة بالدرجة الخامسة وليست الرابعة؟!
غلوم جاء يبكي من الضيم وقلة الحيلة... صبر على ضياع حقوق 29 عاما وعندما تعطفوا عليه بذرة فرح، عادوا وسلبوها منه وكأنه كتب عليه أن يعيش الغربة وضياع الحقوق للأبد... جاء ولسان حاله ينطق بسؤال من كلمتين فقط: ما السبب؟
العدد 984 - الإثنين 16 مايو 2005م الموافق 07 ربيع الثاني 1426هـ