العدد 991 - الإثنين 23 مايو 2005م الموافق 14 ربيع الثاني 1426هـ

دمج الشركات أحد الإيجابيات واستثناءات الأجانب تثير الحفيظة

حسين في ورقته عن التأثيرات المتوقعة لإصلاح سوق العمل

نظمت حديثا جمعية ميثاق العمل الوطني ندوة ناقشت "مشروع إصلاح سوق العمل بين النجاح والفشل" بمشاركة عدد من الاقتصاديين البارزين المطلعين على الشأن الاقتصادي والعمالي المحلي، وقدم الباحث الاقتصادي جاسم حسين ورقة عمل تناول التأثيرات المحتملة للمشروع على الاقتصاد البحريني على المدى البعيد والمتوسط أو المدى الطويل.

ورأى الباحث الاقتصادي أن هناك تطورات إيجابية محتملة وراء هذا المشروع إذا ما تم تطبيقه على أرض الواقع ويشير حسين إلى هذه التطورات منها توجيه الشركات للتركيز على القيمة المضافة وليس تدني كلفة التشغيل

ويستطرد قائلا "يتوقع أن يساهم المشروع بدفع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص على تغير الفلسفة التجارية لديها من التركيز على كلفة التشغيل إلى أمور أخرى مثل تقديم قيمة مضافة لسلعها وخدماتها. يتمثل النمط السائد عند البعض هو الاستيراد من الخارج ومن ثم بيع السلع بأقل كلفة ممكنة عن طريق السيطرة على المصروفات التشغيلية."

إصلاح العمل ودمج الشركات

ولا يستبعد الباحث الاقتصادي أن تدفع الأوضاع المستجدة ببعض الشركات بالتفكير بشكل جدي في دمج أعمالها تماما كما حدث ويحدث في مختلف بقاع العالم مثل الكثير من مصانع السيارات العملاقة. ويضيف حسين "من جهة أخرى بمقدور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تحتاج للعون للحصول على مساعدات مالية من صندوق العمل - الذي يتوقع أن يبلغ حجم إيرادات الصندوق 200 مليون دينار في نهاية المطاف - إذ إن تقديم المساعدة للشركات يعد أحد استخدامات الصندوق. ويهدف الصندوق أيضا - يقول حسين - إلى القيام بمبادرات وبرامج لمساعدة هذه المؤسسات للتكيف مع الوضع الجديد ودفعها في التركيز على أنشطة ذات قيمة مضافة بشكل أفضل.

إزالة القيود تخدم الاقتصاد الوطني

ومن التأثيرات الإيجابية التي عرض لها حسين تتمثل في إزالة القيود عن عمل القطاع الخاص يخدم الاقتصاد الوطني، ويقول الباحث الاقتصادي في هذا الصدد: "يؤكد مشروع إصلاح سوق العمل على منح القطاع الخاص مجموعة من المزايا حتى يتسنى له أخذ زمام المبادرة في الاقتصاد".

وتشمل هذه المزايا - بحسب حسين - إعطاء مؤسسات القطاع الخاص حرية توظيف وتسريح من تشاء وإلغاء مبدأ البحرنة والتخلص من مختلف القيود الرسمية الأخرى. يتمثل التصور الموجود في أن هذه الإجراءات ستساهم في إحداث كفاءة وفاعلية في سوق العمل ما يعني تحسن النشاط التجاري في البلاد ما يعني زيادة معدل النمو الاقتصادي الوطني. لافتا إلى انه المعروف أن القطاع الخاص ومنذ أمد طويل يطالب بالحصول على حرية الحركة التجارية.

ومن التأثيرات الإيجابية المهمة المحتملة لتطبيق إصلاح سوق العمل كما يراها حسين هي إيجاد وظائف تناسب البحرينيين. ويستطرد في هذه النقطة قائلا: "قد نرى وبعد فترة من دخول تنفيذ مشروع إصلاح سوق العمل تحولا في نوعية الوظائف الجديدة في الاقتصاد البحريني". ويشير "تؤكد الإحصاءات المتوفرة بأن الاقتصاد البحريني يخلق 8 آلاف وظيفة سنويا بيد أن هذه الوظائف لا تتناسب وتطلعات المواطن البحريني لعدة أسباب منها تدني الرواتب. لا تكمن العبرة في إيجاد الوظائف الجديدة بل في نوعيتها أيضا إذ إن الكيف وليس فقط الكم مطلوب".

أما التأثير الرابع الذي يتوقعه الباحث الاقتصادي فيتمثل في رفع الرسوم على العمالة الأجنبية والتي قد لا تضر بخطط بقاء أو جلب الاستثمارات، ويقول في هذا الجانب: "جاء في أدبيات مؤتمر "الاستثمار الأجنبي المباشر في البحرين ودول مجلس التعاون: الفرص والتحديات." والذي نظمه مركز البحرين للدراسات والبحوث أعد للمؤتمر حديثا أن العوامل الرئيسة لجذب الاستثمارات الأجنبية تتمثل في وجود البيئة التجارية، حجم السوق، نوعية البنية التحتية المتوافرة وإنتاجية العمالة.

ويشير حسين إلى أن بعض الدراسات الميدانية لاحظت أن الأهمية النسبية لوجود حوافز مالية مثل الإعفاء الضريبي تأتي في أدنى سلم الأولويات بالنسبة للمستثمر الأجنبي. وربما اعتبار رفع الرسوم على العمالة الأجنبية كنوع من الضريبة.

ويرى الباحث الاقتصادي ما حدث من خروج بعض الاستثمارات في مجال صناعة الألبسة مرتبط في الغالب بتطور الأوضاع الدولية وذلك بعد دخول قرار منظمة التجارة العالمية لنظام "الكوتا" أو سقف الإنتاج حيز التنفيذ. يلاحظ في هذا الصدد سيطرة الشركات الصينية ذات الإنتاجية العالية والكلفة المتدنية على هذه التجارة وصل الضرر للكثير من دول العالم ومنها فيتنام فضلا عن البحرين.

ويقول حسين فيما يتعلق بأزمة مصانع الملابس: "يبدو لي أن بعض هذه المؤسسات العاملة في مجال صناعة الألبسة كانت ترغب بالمغادرة أصلا بيد أنها كانت تتحين الفرصة المناسبة وحلت هذه الفرصة إذ بمقدورها أن تلقي باللائمة على عدو آخر وهو مشروع إصلاح سوق العمل. عموما أقل ما يقال ان طريقة إغلاق بعض المصانع أبوابها فيها الكثير من عدم المسئولية إذ لم يتم إخطار العاملين عن خطط الإقفال."

التضخم والاستثناءات من السلبيات المتوقعة

لكن حسين لم يستعبد إمكان حدوث بعض التأثيرات السلبية المتوقعة جراء تطبيق إصلاحات سوق العمل ويحدد هذه التأثيرات ومنها المرونة في تحديد الرسوم تؤثر على الخطط الاستراتيجية للمؤسسات فيقول: "في العادة ترغب الشركات التجارية بإجراء الخطط المستقبلية لمصروفاتها ومن ثم الأسعار التي ترغب في فرضها لسلعها وخدماتها. بيد أن عدم الحسم في تواريخ تحديد الرسوم على العمالة الأجنبية نوع الغموض وعدم الوضوح في الرؤية. المؤكد أن الشركات التي تؤمن بالتخطيط غير راضية عن هكذا أمر إذ إن الأمر يعني تدخل جهات أخرى في عملية صنع قراراتها. في الوقت الحاضر ترغب بعض المؤسسات العاملة في البحرين تحديد مصروفاتها التشغيلية للعام 2006 لكن عدم حسم موضوع الرسوم على العمالة الأجنبية يؤخر عملية صنع القرار لديها.

ورأى الباحث الاقتصادي ان من بين التأثيرات السلبية التسبب في حدوث نوع من التضخم ، ويذكر في هذا الصدد "يعتقد بأن مشروع إصلاح سوق العمل سيتسبب في رفع متوسط مؤشر الأسعار في البلاد على خلفية ارتفاع كلفة التشغيل نظرا لأن العمالة متغير رئيسي في المصروفات التشغيلية لغالبية المؤسسات. المعروف أن مشروع إصلاح سوق العمل في مرحلته النهائية سيفرض رسوما تصل لحد 100 دينار شهريا على كل عامل أجنبي ما يعني في نهاية المطاف رفع كلفة التشغيل بدورها يتوقع أن تقوم الشركات بتحويل ارتفاع كلفة التشغيل على المستهلك عن طريق رفع أسعار السلع والخدمات".

وعبر حسين خلال ورقته إمكان حدوث تعقيد العلاقة بين التضخم ومعدلات الفوائد وارتباط الدينار بالدولار كأحد النتائج المتوقعة من الاصلاحات، وبشير حسين في هذ الجانب "في العادة يؤدي ارتفاع الأسعار إلى قيام المؤسسات المالية رفع معدلات الفوائد بغية تشجيع المودعين والمستثمرين الاحتفاظ بأموالهم لدى المصارف. وتكمن العلة في أن ارتفاع متوسط الأسعار يعني فيما يعني فقدان القيمة الشرائية للمال وعليه ربما يقوم صاحب المال بصرف أمواله بدل الاحتفاظ بها. يتمثل البديل في قيام المصارف بزيادة معدلات الفوائد لغرض إغراء الزبائن".

يبقى أن معدلات الفوائد في البحرين مرتبطة بتلك السائدة في أميركا نظرا لربط الدينار بالدولار الأميركي الأمر الذي يعني أن هذه المؤسسات المالية ليست حرة بالكامل في تحديد أسعار الفوائد التي ترغب بها. وأعرب حسين عن أن الاستثناءات تضر بصدقية المشروع ويضيف أن أكثر ما يثير حفيظة المهتمين بواقع سوق العمل في البحرين هو استثناء الأجانب، ومنهم المرتبطين بالأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني والعسكرية في وزارة الدفاع والحرس الوطني. بل المشهور هو أن الأجهزة الأمنية والعسكرية أولى من غيرها في تطبيق القوانين. يتمثل التخوف الموجود في أن هذه الاستثناءات قد تنال من صدقية المشروع برمته وخصوصا أن تاريخنا لا يشفع لنا لكونه حافلا بالاستثناءات

العدد 991 - الإثنين 23 مايو 2005م الموافق 14 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً