للمقاومة أشكال كثيرة، تتعلمها الشعوب من قساوة الحياة وقتامتها، إذ إن «الحاجة أم الاختراع»، في ظل الحصار التام المفروض على قطاع غزة الفلسطينية من قبل الكيان الصهيوني، فإن «الحياة والبقاء معاً فعلاً يصبحا بالنسبة إلى شعوب أخرى أمر صعب التحقيق».
سياسة حفر الأنفاق، بما تمثله من بساطة وبدائية وفي نفس الوقت من عبقرية من أجل الاستمرار في الحياة والبقاء والصمود لشعب قدّم طوال 60 عاماً دروساً في التضحية، فإن أنفاق رفح الفلسطينية أو «أنفاق غزة» أصبحت رمزاً من رموز المقاومة.
على عمق يزيد عن 40 متراً، ومسافة تصل إلى 1000 متر، يقطعها حفارو أنفاق غزة لكسر حصارهم وتأمين احتياجات مليون و700 ألف نسمة يسكنون قطاع غزة حالياً، صمود غزة طوال السنوات الماضية كان بفضل مئات الأنفاق السرية الممتدة على طول الشريط الحدودي الرابط بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية.
تعتبر هذه الأنفاق معجزة هندسية، وهي تأخذ مسارها غرباً لتخرج داخل الحدود المصرية على بعد ميل ونصف تقريباً، وتتم تقوية جدرانها بواسطة الأخشاب وهي مضاءة بمصابيح كهربائية وبها رافعات صغيرة لنقل البضائع والأشخاص الذين يعملون فيها.
اكتسب سكان قطاع غزة خبرات واسعة في حفر الأنفاق، إذ يوجد اليومَ المئات منها تحت منازل مدينة رفح يُنقل من خلالها كل شيء تقريباً، مثل: الأسلحة والفحم الحجري والمخصبات الزراعية والديزل والكيروسين والمواد الغذائية والأدوية والملابس... وبدأ الطلب يزداد على سلع أخرى غير أساسية، مثل السجائر وألعاب الأطفال والشوكولاتة والدراجات النارية والتلفزيونات.
أنفاق رفح «شريان الحياة» للقطاع المحاصر منذ أربعة أعوام، أنفاق على مد البصر تقطع الحدود الفلسطينية المصرية تحت الأرض لتهريب كل شيء يخطر على بال بشر من الإبرة إلى الشاحنات والمقطورات وحتى البشر.
الحصار الإسرائيلي الطويل على غزة، والذي تلاه قصفاً منتظماً لمدة 23 يوماً في حرب ما عرفت بـ «حرب الفرقان»، فرض تدميراً واسع النطاق على كل فرص الحياة وخلق ندرة في جميع ضروريات الحياة العادية (غذاء، دواء، وقود...). مصانع تحويل الأغذية، مزارع الدواجن، مخازن الحبوب، المخازن الغذائية التابعة للأونروا، وتقريباً كل ما تبقى من البنية التحتية، و230 وحدة صناعية صغيرة تم تدميرها كلية.
قبل حصار غزة كانت بلدة رفح في جنوب قطاع غزة منذ وقت طويل قناة رئيسية لتهريب الأسلحة تحت الأرض تسيطر على أغلبه عدة عشائر محلية لدعم المقاومة الإسلامية، ومع فرض «إسرائيل» لإغلاق صارم لحدود قطاع غزة بعد تولي حركة حماس الحكم في القطاع، تحولت الأنفاق من تهريب السلاح إلى تهريب كل شيء حتى البنزين الذي يهرب عبر أنابيب ومضخات صممت خصيصاً لذلك.
كان القائمون على الأنفاق يقتصرون قبل الحصار على تهريب بنادق هجومية ومسدسات وذخائر ومواد متفجرة وقاذفات قنابل ووسائل قتالية أخرى، إلا أن الوضع تغير فأصبحت الأنفاق أكبر سوق تجاري في رفح لا يقصدها إلا التجار لتأمين تمرير بضائعهم القادمة من مختلف أقطار العالم والتي بالطبع يكون ميناؤها الأول مناطق العريش وسيناء ورفح المصرية.
تختلف الحياة فوق الأرض عن باطنها في رفح من الجانبين المصري والفلسطيني، ففي الوقت الذي تشهد الحركة التجارية فوق الأرض ركوداً تاماً فإن باطن الأرض يشهد حراكاً ونشاطاً ونقل كميات متنوعة وكبيرة من البضائع من مصر إلى غزة.
ومجرد نظرة عابرة على سير هذا الاقتصاد البدائي والدقيق، الذي يجري تحت سطح الأرض، تكشف قدرة هذا الشعب على التأقلم مع كل الظروف والصعاب، فإذا أخذنا مجموعة من عينات لعمليات تهريب السلع والمؤن نجد التنوع فيها بارزاً، مثلاً يتم «استيراد» الغذاء من خلال جرِّه على زلاجات بلاستيكية ومقطورات معدنية.
الأنفاق مع كونها شريان الحياة إلى غزة وأهلها هي أيضاً توابيت موت بعد أن لقي أكثر من 200 شاب حتفه إما اختناقاً أو ردماً تحت أطنان الرمال بفعل انهيار النفق، سواء أثناء الحفر أو خلال عملية نقل البضائع، أو بفعل القصف المستمر من قبل الإسرائيليين لهذه الأنفاق متى ما تم اكتشافها.
تشير التقديرات إلى أن عدد العاملين في الأنفاق يتراوح ما بين 25 إلى 30 ألف عامل، وقد تعرض العشرات منهم للموت، ورغم التضييق على عمل الأنفاق وتدمير الكثير منها في الفترات الماضية، إلا أن البعض في غزة مازال لديه الأمل في جني أرباح وفيرة من خلال الاستثمار في حفر وتشغيل الأنفاق، خاصة أنها كلما ازدادت الضغوط وبالتالي المخاطرة، فإن السلع المهربة يرتفع سعرها، وهو ما يتحمله في النهاية المواطن البسيط في غزة، إذ أصبحت الحياة كما يقول عنها الغزاويين «نار» فأسعار كل شيء في ارتفاع حتى وصل لتر وقود السيارات إلى أكثر من 3 دولارات، وكيس الأسمنت بلغ في ذروته إلى 50 دولاراً (18 ديناراً) والآن تراجع بفضل الأنفاق إلى 20 دولاراً (7.5 ديناراً).
في غزة تطبيق حقيقة لمقولة «الحاجة أم الاختراع» فلا يوجد شيء لا حلول له حتى وإن كان ذلك جداراً فولاذي تريد منه مصر كما تقول تأمين «أمنها القومي» ويتهمهم فيه الفلسطينيون بالسعي لقطع الطرق لتأمين الحياة لأهالي غزة.
تأكيدات مسئولين في قطاع غزة بأن مجموعة من حفاري الأنفاق تمكنوا من اختراق الجدار الفولاذي المقاوم للقنابل الذي بنته مصر على حدودها مع قطاع غزة، والذي زعمت أن الهدف منه وقف عمليات التهريب على الحدود المصرية.
في جولة مع وزير الداخلية للحكومة المقالة في غزة فتحي حماد لحديقة حيوان مبسطة في شمال غزة وجدنا عدداً من الحيوانات الغريبة على البيئة الفلسطينية، من بينها قرود وأسود وغزلان، وكل هذه الحيوانات دخلت عن طريق أنفاق رفح من أجل إيجاد متنفس لأهالي غزة، إذ إن هذه الحديقة تغصّ يومياً بمئات الزائرين.
وبسبب الزيادة الكبيرة في عدد الأنفاق لجأت حكومة حماس لفرض رسوم جمركية على كل البضائع التي تدخل عبرها، وأنشأت لذلك بوابات على مدخل كل نفق وبدأت في تشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في حفرها، إذ يكلف حفر وتشغيل الواحد منها مبلغاً يتراوح بين 250 إلى 500 ألف دولار، وتمر عبرها أيضاً الخراف والأغنام، خصوصاً عند قدوم عيد الأضحى، وعبر من قبل أيضاً اثنين من صغار الأسود استجلبتهما حديقة حيوان خاصة في غزة، كما قامت فتاتان شقيقتان مصريتان من سكان رفح بالعبور تحت الأرض للزواج من اثنين من أقاربهما في القطاع.
العدد 2897 - الأربعاء 11 أغسطس 2010م الموافق 01 رمضان 1431هـ
بحراني
كل من العرب ما منهم فايدة اسم عندكم جيش لماذا لا تتوحدوا وتحاربوا إسرائيل وتحرروا فلسطين او لان جيش اغلبهم مجنسين جبناء يريدون المال واللعبة
الله كريم
كل هذا بسبب تخاذل الاعراب وتفضيلهم لقبلتهم في تورا بورا على فلسطين وعمالة دول الطوق الله يطوق راسهم من عملاء
أجودي// نعم يا أبطال غزة
طوبى لكم يا أبطال...
عبد علي عباس ا لبصري
الا من اعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمه جاء مكتوب بين عينيه آيس من رحمه الله , والعاقل يفهم من اقصد