العدد 2906 - الجمعة 20 أغسطس 2010م الموافق 10 رمضان 1431هـ

أهداف وكلفة حرب العراق مازالت تشكل موضع اختلاف في أميركا

مع مغادرة آخر فرقة قتالية

قوات أميركية تحزم أمتعتها استعداداً لمغادرة العراق (رويترز)
قوات أميركية تحزم أمتعتها استعداداً لمغادرة العراق (رويترز)

بدأت الولايات المتحدة في تقليص دورها العسكري في العراق، إلا أن قضية ما إذا كانت كلفة الحرب تفوق منافعها من القضايا التي تسبب انقساماً الآن بالقدر نفسه الذي كانت عليه قبل غزو البلاد قبل سبع سنوات.

وغادرت العراق الخميس آخر فرقة قتالية من القوات الأميركية ليتبقى من هذه القوات في البلاد 56 ألف جندي سيرحل منهم ستة آلاف آخرين بحلول نهاية أغسطس/ آب الجاري ما يقلص الوجود الأميركي إلى نحو 50 ألف فرد ستقتصر مهامهم على تدريب قوات الأمن العراقية والمساعدة في عمليات مكافحة الإرهاب كما حددها الرئيس، باراك أوباما. ومن المقرر أن تغادر القوة المتبقية بنهاية العام 2011. وكان قرار جورج بوش سلف أوباما باستخدام القوة العسكرية ضد نظام صدام حسين بدعوى حيازته أسلحة دمار شامل وهو ما اتضح أنه أسباب كاذبة لاستخدام تلك القوة قد قسم الشعب الأميركي بشأن معظم دول العالم ضد الولايات المتحدة. لكن مع خروج العراق ببطء من صراع طويل ودام وسط مؤشرات - وإن كانت مؤقتة - على أن الوضع الأمني مستقر وتتولى حكومة ديمقراطية هشة السلطة بدأ البعض يتساءل عما إذا كانت المهمة قد حققت نجاحاً أو فشلاً استراتيجياً أو مزيجاً من الاثنين معاً.

ويقول أنصار الحرب إن الإطاحة بصدام في العام 2003 أعادت تشكيل المنطقة وأن التخلص من مصدر سبب إزعاجاً لفترة طويلة كان قد أشعل حرباً مع إيران وغزا الكويت ويزعم أنه سعى للحصول على أسلحة نووية حقق العوائد المرجوة. يأتي هذا كله بالإضافة إلى إنهاء عقود من حكمه القمعي والدامي واستبداله بحكومة ديمقراطية صديقة لواشنطن. وأشار منتقدو الحرب إلى الخسائر في الأرواح والثروات. فقد لقي أكثر من 4400 جندي أميركي حتفهم وعلى الرغم من أنه ليس هناك أي أرقام رسمية إلا أن التقديرات تشير إلى أن أكثر من مئة ألف مدني عراقي فقدوا أيضاً أرواحهم. وكلفت الحرب دافعي الضرائب الأميركيين أكثر من تريليون دولار. كما أشار المنتقدون إلى الضرر الذي لحق بصدقية الولايات المتحدة في العالم وتصاعد نفوذ إيران في المنطقة وأستنزاف الحرب للموارد التي هناك حاجة شديدة إليها جراء القتال ضد «طالبان» و «القاعدة» في أفغانستان التي انطلقت منها هجمات 11 سبتمبر/ أيلول العام 2001 على الولايات المتحدة. وقال ويليام ناش، وهو جنرال عسكري أميركي متقاعد وعضو سابق بمجلس العلاقات الخارجية وهو مركز بحثي «يتعين أن تضعوا تقييماً للأهداف السياسية التي تحققت وما إذا كانت الولايات المتحدة في حالة أفضل اليوم مما كانت عليه قبل الحرب. تقييمي هو أن هناك جوانب سلبية أكثر من الإيجابية». وخلص ناش إلى أن الولايات المتحدة ضعفت على الصعيد الاستراتيجي في المنطقة بسبب الحرب. وأضاف «ما هو ثمن تخليص العالم من شخص سيء واحد؟» لكن يقول آخرون إن قيمة التخلص من صدام لا يتعين التهوين من شأنها. وفي هذا الصدد يقول توماس دونيلي من معهد «أميركان إنتربريس إنيستيتيوت» في واشنطن إن شرق أوسط من دون صدام «غير بشكل كامل البيئة الأمنية». وأضاف دونيلي «تختلف المنطقة اختلافاً شديداً عما كانت عليه. لم يعد هناك مثل هذا التهديد الذي كان مستمراً في المنطقة. والبلد الذي كان يمثل مشكلة كبيرة للولايات المتحدة وكثيراً ما كان عدواً لها هو الآن إلى حد ما حليف لها». وتابع دونيلي «الحرب كانت تستحق أن يتم شنها» بينما سلم بأن هذا «حكم تقديري». وأشار أيضاً إلى الأخطاء التي ارتكبت على طول الطريق ما أطال أمد المشاركة الأميركية لتتجاوز التصورات الأولية.

وأضاف «بالنسبة لتقييمي فإننا دفعنا ثمناً أكبر مما كان يجب علينا دفعه لكن المنافع الاستراتيجية هائلة». غير أن هناك إجماعاً على أن العراق مازال يواجه مستقبلاً صعباً. وعلى الرغم من تضاؤل مستويات العنف بشكل كبير عما كانت عليه في عامي 2006 و2007 فإن الهجمات الإرهابية مستمرة وأودت بحياة عشرات الأشخاص في الشهر الماضي وحده. ويتوقع ناش أن يشهد العراق «اضطرابات في مستقبله أكثر من استقرار». وحتى بالنسبة لأقل الأهداف التي حققتها الحرب أعرب بوش عن ثقته من أنه سيكون هناك عراقاً أفضل على الرغم من أن البلاد بدا أنها تتجه نحو حرب أهلية شاملة بين الشيعة والسنة.

وهناك مؤشرات محدودة يمكن أن تكون حقيقية لكن سيكون المؤرخون هم الذين سيردون في نهاية المطاف على السؤال: هل كانت تستحق الحرب لأن تشن؟» وكان هذا السؤال قد وجه في وقت سابق من العام لكوندوليزا رايس التي كانت مستشارة الأمن القومي لبوش ووزيرة الخارجية التي كانت محور قرار شن الحرب. وأضافت «من النادر أن تكون اليوم العناوين الرئيسية والتاريخ هي نفسها وإذا كنتم تركزون أيضاً على العناوين الرئيسية اليوم عندئذ لن تقوموا بشيء يقود إلى تقييم موات بالتاريخ».

العدد 2906 - الجمعة 20 أغسطس 2010م الموافق 10 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • أحمد المحرقاوي | 3:39 ص

      رمتني بدائها وانسلت !

      هي هي أمريكا دخلت العراق لتخلصه من جبروت الظلم وجاءت بنظام عميل لا يقل شأناً عن النظام السابق ولكن تركت العراق عظاماً وفتاتاً وآلاماً وفتناً وقتلاً وتفجيراً . . وكان الله في عونكم يا شعب العراق وأعانكم على إعادة بلدكم إلى الوجود مرة أخرى وأمدكم بعون منه لطرد الأغراب والأعاجم من بلادكم .

اقرأ ايضاً