العدد 2906 - الجمعة 20 أغسطس 2010م الموافق 10 رمضان 1431هـ

الفيضانات تجبر الباكستانيين على شرب المياه القذرة

أطفال باكستان يعيشون مأساة الفيضانات (رويترز)
أطفال باكستان يعيشون مأساة الفيضانات (رويترز)

أصبح لون الماء أخضر في قرية موزا هامروت، وهي قرية من الأكواخ المبنية من الطين تحيط بها أشجار المانجو بالقرب من مدينة مولتان الواقعة وسط باكستان. ولكن الأمر المهم هو أن يشرب انس، وهو صبي (4 أعوام) يناضل للنجاة منذ أن غمرت المياه قريته عندما فاضت مياه إحدى القنوات في الأسبوع الماضي خلال الفيضانات المدمرة التي تجتاح الدولة الآسيوية. وتساءل الصبي في الوقت الذي ارتشف فيه الماء القذر من زجاجة بلاستيكية اقتسم ما فيها من ماء مع والده وأشقائه وشقيقاته الخمس فيما كان يتناول وجبة من الأرز المغلي «ماهو الخطأ في هذه المياه». وقال الصبي، الذي كان يرتدي «شالوار» بني داكن وهو السروال الفضفاض الباكستاني التقليدي، «إن مذاقها ليس سيئاً».

وكان والده، محمد شريف، يذب عن طبق الأرز الذباب العنيد الذي كان يتوق إلى الطعام بالقدر نفسه الذي يتوق إليه ضحايا الفيضانات. وقال شريف، الذي يقيم في القرية مع نحو 125 أسرة أخرى تواجه المصير نفسه، «المياه قذرة. إننا نعرف ذلك ولكن ليس أمامنا أي خيار آخر ». وقال شريف «هذا الماء أنقذ حياتنا منذ أن لجأنا إلى هذا المكان وهو مرتفع قليلاً وآمن. ولكن الماء يصيب أطفالنا بالأمراض»، في إشارة إلى طفل (3 أعوام) بطنه منتفخة ويرقد على سرير خفيف من الخشب. وأضاف «إنه يعاني من التهاب في المعدة والأمعاء ولا يوجد هنا أي عقاقير». وعلى بعد مئات الكيلومترات صوب الجنوب في مدينة كراتشي، أودت الأمراض التي تنقلها المياه بحياة شخصين. وذكرت تقارير إعلامية أن صبياً (4 أعوام) توفي جراء الإصابة بنزلة معوية وتوفي مولود يبلغ من العمر ستة أيام جراء الإصابة بالتيتانوس في مخيم للاجئين أقيم لضحايا الفيضانات من المناطق الريفية في إقليم السند.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) يوم الثلثاء إن نساءً وأطفالاً «ليسوا بمئات الآلاف ولكن بالملايين» يواجهون مخاطر. وذكر المدير الاقليمي لليونيسيف في إسلام آباد، دانيال تول «تعاني البلاد من أمراض متوطنة مثل الإسهال والكوليرا وعدوى الجهاز التنفسي ولدينا ظروف تزيد من حجم المشكلات في تلك المناطق». وأودت الفيضانات الناجمة عن الأمطار الموسمية الغزيرة قبل أسبوعين بحياة 1400 شخص حتى الآن وأغرقت خمس الآراضي في البلاد ودمرت أكثر من 700 ألف منزل بالإضافة إلى مئات من الكيلومترات من الطرق والعديد من الجسور. وترددت تقارير عن أعمال شغب من أجل الحصول على الغذاء. وتشاجر المئات من الأشخاص، من بينهم نساء وأطفال، مع بعضهم ثم مع الشرطة بسبب إمدادات الإغاثة في مدينة سوكر . وعلى الرغم من المعاناة الضخمة، إلا أن وتيرة تدفق المساعدات من الحكومة الباكستانية والمجتمع الدولي بطيئة.

وعرقل عدم الكفاءة والإجراءات البيروقراطية جهود الحكومة. واشتكي منسق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة في باكستان، مارتن موجوانجا من بطء تجاوب المجتمع الدولي وقال إن الأمم المتحدة تلقت حتى الآن فقط 160 مليون دولار من أصل 460 مليون دولار طالبت بها. وقال: «هذا أقل ما نحتاج إليه في هذا الوقت الحالي لأنه مازال هناك عدة ملايين من الأشخاص في حاجة ملحة للمساعدات». مع الافتقار إلى المساعدات، فإن ملايين الأطفال سيعانون ليس على الفور ولكن على المدى الطويل إذا لم يضع العالم خطة أفضل. وأعرب ممثل اليونيسيف تول عن القلق إزاء تفشي ظاهرة الاتجار في الأطفال الأمر الذي أرغم عدة آلاف على دخول عالم الرق وحتى البغاء في داخل البلاد وخارجها. وقال إن «بعض الأشخاص عديمي الضمير ينتهزون الموقف» وإن الخطر الأكبر يتمثل في أن أولئك الذين فقدوا لقمة العيش ربما يدفعون أطفالهم إلى العمل.

العدد 2906 - الجمعة 20 أغسطس 2010م الموافق 10 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً