حذر خبراء في علوم المياه من مغبة استمرار الإسراف في استهلاك المياه وخصوصا "أن المملكة تعاني من محدودية مواردها المائية". ووجه اختصاصيون أمس نداء إلى المجتمع للحد من الاستهلاك واعتبار المياه "ثروة وطنية ثمينة تفرض الحاجة المحافظة عليها قدر الإمكان".
فمن ناحيته، اعتبر أستاذ الهيدروجيولوجيا وإدارة الموارد المائية في جامعة البحرين وليد زباري أن المملكة "ستواجه أزمة مائية في حال استمرار تصاعد الاستهلاك وعدم اشتراك المواطنين في المحافظة عليها وغياب سياسة ذات خطط واضحة للحفاظ على الثروة".
وكانت وزارة الكهرباء والماء قالت في مؤتمر صحافي أمس الأول إن معدلات استهلاك المياه في تصاعد، ذاكرة أن "البحريني يعد الأكثر استهلاكا للمياه في العالم إذ يستخدم يوميا 124 غالونا في حين أن معدل الاستهلاك العالمي للفرد يبلغ نحو 60 - 70 غالونا بشكل يومي".
ولفت زباري إلى ما تعانيه المملكة من محدودية الموارد المائية والمالية وزيادة الطلب على الماء "مقابل كثافة سكانية عالية ومعدل نمو سكاني مرتفع بما يجعلها لا تستطيع توفير موارد إضافية لسد النقص. داعيا إلى إيجاد إدارة مائية حديثة تكون من مهماتها وضع سياسات وخطط متكاملة لتطوير قطاع المياه".
ولفت إلى أن المواطنين يتحملون في الدرجة الأولى المحافظة على المياه باستخدامهم الكميات التي تكفي حاجتهم فقط من دون هدر الثروة في أمور تزيد عن الحاجة وذلك "للمساهمة في حل مشكلة المياه وهو ما يفرضه الواجب الوطني، واعتبر زباري المواطنين طرفا رئيسيا شريكا في حل المشكلة بشكل منظم".
وأضاف أن المشكلة ستتوسع مستقبلا "مالم يدرك المواطنون مدى ضرورة ترشيد الاستهلاك وخصوصا أن جهود الحكومة بإنشاء محطات تحلية لسد النقص لن تفيد قبل التوجه إلى الناس وتوعيتهم إذ ستبقى المشكلة قائمة ببقاء الإسراف والهدر للمياه. بالإضافة إلى عدم إمكان الاستمرار في إنشاء محطات لتحلية المياه إلى مالا نهاية". وأرجع زباري بروز مشكلة المياه في الصيف تحديدا إلى عدم وجود تكافؤ بين الطلب والعرض إذ يزيد الطلب على المياه في هذه الفترة مقابل محدودية طاقة محطات التحلية بينما تكون عملية تزويد المياه عموما خلال السنة جيدة نسبيا، ما يتطلب وضع خطط من قبل الحكومة والمواطنين لضمان ترشيد الاستهلاك أثناء فصل الصيف. إلى ذلك توقع المتحدث أن يتحسن الوضع المائي بعد توسعة محطات التحلية "إذ سينخفض العجز المائي الحالي المقدر بنحو 100 مليون متر مكعب إلى أدنى مستوياته، ولكن المشكلة ستعود إلى الظهور إذا لم يتم تقليل معدل زيادة الطلب على المياه بشكل جاد ووضع الضوابط المطلوبة للاستخدام في القطاعين الزراعي والبلدي". إلى ذلك ابدى الخبير المائي عبدالحميد عبد الغفار توجسه من واقع الوضع المائي في البحرين واتجاهه قائلا انه مقلق إلى حد بعيد، وأضاف في دراسة له أنه بسبب تغير الطلب على المياه الجوفية تدرج موضوع المياه خلال العقود القليلة الماضية من مشكلة إلى أزمة بعد أن كانت المملكة تزخر بعيونها الطبيعية، وواصل: "الحديث الآن يدور عن كارثة مائية محتملة في القريب مالم تتخذ حزمة من الاجراءات الصارمة وخصوصا مع استنزاف المياه الجوفية. وتطرق عبدالغفار إلى وجود خلل بين الطلب الاجمالي على المياه ونقص التعويض الطبيعي للمياه الجوفية الأمر الذي أدى إلى اتساع فجوة العجز المائي إذ يحمل في طياته تحديا اقتصاديا جديا ينبئ بظهور بوادر كارثة مائية حقيقية".
وتناول في حديثه تغير القدرة المالية للدولة على مجاراة احتياجات القطاعات المختلفة من المياه، شارحا أن محدودية القدرة المالية على مواكبة تغير حجم التغير في الطلب على المياه من خلال شبكة التوزيع في مطلع التسعينات أدى إلى ارتفاع الوزن النسبي للمياه الجوفية في اجمالي المياه الموزعة عبر شبكة التوزيع ورافق ذلك ارتفاع في الطلب الزراعي ما أدى إلى ارتفاع تركز الأملاح في المياه الجوفية من نحو 3000 ملليغرام للتر عام 1985 إلى 4800 ملليغرام للتر عام .199
العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ