العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ

التنمية والأمن وحقوق الإنسان أسس مترابطة ومتداخلة

في ندوة عن مقترحات كوفي عنان لإصلاح الأمم المتحدة

أكد الوكيل المساعد للشئون الدولية والتعاون الدولي بوزارة الخارجية محمد الحداد "موقف البحرين الثابت والداعم لهيئة الأمم المتحدة كمنظمة دولية معنية بتوحيد الجهود على المستوى العالمي في مجال الأمن والتنمية الدولية، منوها بالتطلع الذي تطمح له شعوب العالم كافة في مجال تعزيز هذا الدور بما يخدم المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة".

جاء ذلك خلال اللقاء التشاوري الذي عقده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التابع لهيئة الأمم المتحدة بالتعاون مع وزارة الخارجية صباح أمس بفندق الدبلومات راديسون ساس ليتناول مقترح الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لتعزيز دور المنظمة الدولية في تحقيق التنمية والأمن وحقوق الإنسان للجمعية.

من جهته، أكد الممثل المقيم بالبرنامج الإنمائي خالد علوش "حرص المنظمة الدولية على دراسة السبل والآليات كافة التي من شأنها تفعيل الدور المناط بهيئة الأمم المتحدة كمنظمة معنية بدفع التنمية في أقطار العالم كافة وتعزيز الأمن الدولي ومراقبة حقوق الإنسان".

وأشار علوش خلال حديثه إلى "الوسط" إلى "أهمية وخطورة الدور الذي تقوم به هيئة الأمم المتحدة في مواجهة ظواهر إنسانية مازالت تتفاقم يوما بعد يوم مثل الجوع وتفشي الأمراض والنزاعات وغيرها من الظواهر التي تتطلب مواجهة دولية وتعاون الأطراف كافة داعيا إلى مناقشة هذا الدور ووضع تصورات تطويره في جميع المجالات التنموية في العالم".

وتطرق اللقاء إلى حوار ومناقشات من قبل الحضور تمحورت حول الدعوة التي أطلقها الأمين العام كوفي عنان وآليات تطوير الدور الدولي الذي تقوم به هيئة الأمم المتحدة، كما ورد في تقرير حمل عنوان "في جو أفسح من الحرية... نحو تحقيق التنمية والأمن وحقوق الإنسان للجميع".

وتداولت الندوة الآراء المطروحة حاليا بشأن توسيع مجلس الأمن، وأن هناك مقترح "أ" الذي تدعو إليه أربع دول، وهي: ألمانيا، اليابان، الهند والبرازيل بهدف حصول هذه الدول على مقاعد دائمة "من دون حق الفيتو"، كما أن هناك مقترح "ب" الذي تدعو إليه دول أخرى لا توافق على مجموعة الدول الأربع.

وهناك احتمال أن تطرح الولايات المتحدة مقترحا خاصا بها يدعو إلى إدخال اليابان ودولة إفريقية "ربما جنوب إفريقيا" إلى مجلس الأمن فقط، بينما لم تتقدم الدول الإسلامية أو العربية بمقترح محدد. وستجتمع الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في صنعاء في 28 إلى 30 من الشهر الجاري وسيناقشون الأفكار المطروحة بهذا الشأن.

وبين علوش إن قادة العالم سيجتمعون في سبتمبر/ أيلول المقبل في نيويورك لاستعراض التقدم الذي تحقق منذ صدور إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية، والذي اعتمدته جميع الدول الأعضاء في العام ،2000 وهو عبارة عن قرارات متعلقة بالسياسات العامة وإصلاحات يمكن اتخاذ إجراءات بشأنها مع حشد الإرادة السياسية اللازمة.

واضاف أن الحوادث التي طرأت منذ صدور إعلان الألفية تقتضي الوصول إلى إجماع بشأن التحديات والأولويات الرئيسية، وتحويله إلى عمل جماعي من أجل النهوض بقضايا الأمن والتنمية وحقوق الإنسان مجتمعة، وإلا فلن يتكلل تحقيق أي منها بالنجاح، إذ لا سبيل لأن تتمتع الإنسانية بالأمن من دون التنمية، ولا بالتنمية من دون الأمن، ولن تتمتع بأي منهما من دون احترام حقوق الإنسان.

وبين علوش إن الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى "التحرر من الفاقة"، إذ شهدت السنوات الخمس والعشرون الماضية أشد انخفاض في معدلات الفقر المدقع، ولكن ومع ذلك أصبحت عشرات البلدان أكثر فقرا، ولايزال أكثر من مليار نسمة يعيشون على أقل من دولار واحد يوميا. وفي كل عام، يقضي الإيدز على حياة ثلاثة ملايين شخص، ويموت 11 مليون طفل قبل أن يبلغوا عامهم الخامس.

وقال إن "جيل اليوم هو أول جيل يتوافر له قدر من الموارد والتكنولوجيا يكفي لجعل الحق في التنمية حقيقة واقعة لكل إنسان، ولتخليص البشرية قاطبة من الفاقة".

الأهداف الإنمائية للألفية

وجاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة تفصيل للمقترحات بشأن الأهداف الإنمائية للألفية، التي تتراوح بين خفض معدلات الفقر المدقع إلى النصف وتعميم التعليم الابتدائي ووقف انتشار الأمراض المعدية من قبيل فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز، وكل ذلك بحلول العام ،2015 أصبحت معايير مقبولة عالميا للتقدم الأوسع نطاقا، إذ قبلها على السواء كل من الجهات المانحة، والبلدان النامية، والمجتمع المدني، والمؤسسات الإنمائية الرئيسية.

وقال التقرير: يمكن بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية بحلول العام ،2015 إلا أن ذلك لن يتحقق إلا إذا خرج الجميع عن الأساليب المعتادة للعمل وقاموا فورا بتعجيل العمل وتصعيده بشدة.

الشراكة العالمية للتنمية

وفي العام ،2005 يتعين إنجاز التحقيق الكامل "للشراكة العالمية من أجل التنمية"، وهي أحد الأهداف الإنمائية للألفية التي تم تأكيدها مجددا في العام 2002 في المؤتمر الدولي لتمويل التنمية في مونتيري بالمكسيك، وفي مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة الذي عقد في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا. وتقوم الشراكة على تبادل المسئولية والمساءلة، إذ على البلدان النامية تعزيز الحكم الرشيد ومحاربة الفساد والعمل على دفع عجلة النمو تحت قيادة القطاع الخاص وزيادة الموارد المحلية المتاحة لتمويل استراتيجيات التنمية الوطنية إلى أقصى حد. أما البلدان المتقدمة النمو فلابد لها من دعم هذه الجهود عن طريق زيادة المساعدة الإنمائية، وتنظيم جولة مفاوضات تجارية جديدة موجهة نحو خدمة التنمية، وتوسيع نطاق عمليات تخفيف عبء الديون وتعميق مستواها.

أولويات العام 2005

وأشار التقرير إلى مجالات العمل ذات الأولوية في العام 2005 فتتمثل فيما يأتي:

الاستراتيجيات الوطنية: ينبغي لكل بلد نام يعاني من الفقر المدقع أن يقوم بحلول العام 2006 باعتماد استراتيجية إنمائية وطنية تتسم بالجرأة الكافية للوفاء بالغايات المحددة في إطار الأهداف الإنمائية للألفية للعام .2015 ويلزم أن تراعي في كل استراتيجية وطنية سبع "مجموعات" عامة من الاستثمارات والسياسات العامة، وهي: المساواة بين الجنسين، والبيئة، والتنمية الريفية، والتنمية الحضرية، والنظم الصحية، والتعليم، والعلم والتكنولوجيا والابتكار.

تمويل التنمية: يجب زيادة المساعدة الإنمائية العالمية بما يزيد عن الضعف خلال السنوات القليلة المقبلة. ولا يتطلب ذلك تعهدات جديدة من البلدان المانحة، وإنما الوفاء بالتعهدات المعلنة فعلا. ويتعين على كل بلد متقدم النمو لم يضع بعد جدولا زمنيا لبلوغ الغاية المتمثلة في تخصيص نسبة 0,7 في المئة من الدخل القومي الإجمالي للمساعدة الإنمائية الرسمية أن يفعل ذلك في موعد أقصاه العام ،2015 على أن تبدأ تلك البلدان في إحداث زيادات كبيرة في موعد أقصاه العام ،2006 وأن تحقق نسبة 0,5 في المئة بحلول العام .2009 وينبغي دعم البدء الفوري في الزيادة بإنشاء مرفق تمويل دولي، وينبغي النظر على المدى الطويل في مصادر أخرى مبتكرة للتمويل. ويجب إتاحة التمويل الكامل للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا وتوفير الموارد لاستراتيجية شاملة موسعة للوقاية والعلاج لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز. وينبغي تكملة هذه الخطوات بإجراءات فورية لدعم مجموعة من "المكاسب السريعة" التي تمثل مبادرات قليلة الكلفة نسبيا وشديدة الأثر يمكنها أن تحقق مكاسب كبيرة على المدى القصير وأن تؤدي من ثم إلى إنقاذ حياة الملايين، مثل التوزيع المجاني للناموسيات الواقية من الملاريا.

التجارة: ينبغي أن تفي جولة المفاوضات التجارية في الدوحة بوعدها الإنمائي وأن تكتمل في موعد لا يتجاوز العام .2006 وكخطوة أولى في هذا الصدد، ينبغي أن تتيح الدول الأعضاء سبل الوصول إلى الأسواق من دون رسوم ومن دون حصص محددة أمام جميع الصادرات المقبلة من أقل البلدان نموا.

تخفيف عبء الديون: ينبغي لنا أن نعيد تعريف القدرة على تحمل الديون بحيث تعني أن يسمح مستوى الديون للبلد المعني بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية والوصول إلى العام 2015 من دون زيادة في نسب الديون.

ويتعين اتخاذ إجراءات جديدة أيضا لكفالة الاستدامة البيئية. ويجب حشد الإنجازات العلمية والابتكار التكنولوجي الآن لوضع أدوات جديدة للحد من تغير المناخ، ولابد من وضع إطار دولي أكثر شمولا لتثبيت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بعد انتهاء التزام بروتوكول كيوتو في العام ،2012 بمشاركة أوسع نطاقا من جميع الجهات الرئيسية المسببة للانبعاثات والبلدان المتقدمة النمو والنامية على السواء. ويتعين كذلك اتخاذ خطوات ملموسة بشأن التصحر والتنوع البيولوجي.

وتشمل الأولويات الأخرى للعمل العالمي إنشاء آليات أقوى لمراقبة الأمراض المعدية ورصدها، ونظام للإنذار المبكر بالكوارث الطبيعية على نطاق العالم، ودعم تسخير العلم والتكنولوجيا لأغراض التنمية، ودعم الهياكل الأساسية والمؤسسات الإقليمية، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية، وإقامة تعاون أكثر فعالية لتنظيم الهجرة يكون في مصلحة الجميع.

التحرر من الخوف

وأشار عنان إلى هدف آخر لإصلاح الأمم المتحدة يتعلق بـ "التحرر من الخوف". وجاء في التقرير:

إذا كنا نعاني من ضعف التنفيذ في الحقل الإنمائي، فإننا نفتقر حتى الآن إلى التوافق الأساسي في الآراء بشأن الجانب الأمني على رغم ازدياد الوعي بالتهديد لدى الكثيرين، وإذا تحقق أحيانا التنفيذ، فإنه غالبا ما يكون موضع تشكيك.

ويؤيد الأمين العام تماما إيجاد مفهوم أشمل للأمن الجماعي. فالتهديدات التي تواجه السلام والأمن في القرن الحادي والعشرين لا تشمل الحروب والصراعات على النطاق الدولي وحسب، وإنما تشمل أيضا الإرهاب، وأسلحة الدمار الشامل والجريمة المنظمة، والعنف المدني. وهي تشمل كذلك الفقر، والأمراض المعدية المهلكة، والتدهور البيئي، بالنظر إلى أن باستطاعة هذه الآفات أن تخلف آثارا بالمقدار نفسه من الدمار. إن كل هذه التهديدات قادرة على إيقاع الموت أو تقليص فرص الحياة على نطاق كبير. وكلها أيضا قادرة على تقويض الدول بوصفها الوحدة الأساسية في النظام الدولي.

والأمن الجماعي يتوقف حاليا على قبول الفكرة التي مؤداها أن التهديدات التي تعتبرها كل منطقة من مناطق العالم أدعى للاهتمام العاجل، لها في الواقع القدر نفسه من الاستعجال بالنسبة إلى الجميع. وهذه ليست مسائل نظرية، بل مسائل بالغة الإلحاح.

وينبغي أن تحول الأمم المتحدة إلى أداة فعالة لمنع نشوب الصراعات كما كان القصد منها دائما وذلك باتخاذ إجراءات بشأن عدد من الأولويات الرئيسية المتعلقة بالسياسات وبالجوانب المؤسسية:

منع كوارث الإرهاب: ينبغي أن تلتزم الدول باتباع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب تقوم على خمسة أركان: ثني الأشخاص عن اللجوء إلى الإرهاب أو دعمه؛ منع الإرهابيين من الحصول على الأموال والمواد؛ ردع الدول عن رعاية الإرهاب، تطوير قدرة الدول على قهر الإرهاب؛ والدفاع عن حقوق الإنسان. كما ينبغي أن يبرم اتفاق شامل بشأن الإرهاب، يستند إلى تعريف واضح ومتفق عليه. وينبغي أيضا أن يكمل، من دون إبطاء، اتفاق قمع أعمال الإرهاب النووي.

الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية: إن إحراز تقدم في نزع السلاح وعدم الانتشار أمر أساسي. وفيما يتعلق بنزع السلاح ينبغي أن تواصل الدول الحائزة للأسلحة النووية خفض ترسانتها من الأسلحة النووية غير الاستراتيجية، وأن تسعى إلى إبرام اتفاقات لمراقبة الأسلحة تقتضي ليس التفكيك فحسب، وإنما عدم قابلية التراجع أيضا. وأن تعيد تأكيد التزامها بضمانات الأمن السلبية، وأن تدعم الوقف الاختياري للتفجيرات النووية التجريبية. أما فيما يتعلق بعدم الانتشار، فينبغي تعزيز سلطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجال التحقق عن طريق اعتماد البروتوكول الإضافي النموذجي على النطاق العالمي، وينبغي أن تلزم الدول نفسها بإكمال معاهدة وقف إنتاج المواد الانشطارية وتوقيعها وتنفيذها.

الحد من خطر نشوب الحروب وتفشيها: ينزلق حاليا النصف تقريبا من جميع البلدان الخارجة من صراعات عنيفة في وهدة الصراع مجددا في غضون خمس سنوات. وينبغي للدول الأعضاء إنشاء لجنة حكومية دولية لبناء السلام، فضلا عن مكتب لدعم بناء السلام في إطار الأمانة العامة للأمم المتحدة، حتى تستطيع منظومة الأمم المتحدة أن تواجه بشكل أفضل تحدي مساعدة البلدان على تخطي مرحلة الانتقال من الحرب إلى السلام بنجاح. كما ينبغي لها أن تتخذ خطوات لتعزيز القدرات الجماعية على استخدام أدوات الوساطة والجزاءات وحفظ السلام "بما في ذلك اتباع سياسة "عدم التسامح إطلاقا" فيما يتعلق بالاستغلال الجنسي للقصر وغيرهم من الأشخاص المستضعفين من قبل أفراد وحدات حفظ السلام، تماشيا مع السياسة التي سنها الأمين العام".

استعمال القوة: ينبغي أن يتخذ مجلس الأمن قرارا يورد فيه هذه المبادئ التي ينبغي أن تطبق في شكل قرارات تتعلق باستعمال القوة ويبدي فيه عزمه على الاسترشاد بها لدى البت في الإذن باستعمال القوة أو التفويض باستعمالها من عدمه.

وتشمل الأولويات الأخرى لاتخاذ إجراء عالمي زيادة فعالية التعاون لمكافحة الجريمة المنظمة، ومنع الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والتخلص من آفة الألغام الأرضية التي لاتزال تقتل وتشوه الأبرياء وتؤخر التنمية في نصف بلدان العالم تقريبا.

العيش بكرامة

وتحدث تقرير عنان عن "حرية العيش بكرامة"، إذ قال إن الدول الأعضاء أكدت في إعلان الألفية أنها لن تدخر جهدا في سبيل تعزيز الديمقراطية وتدعيم سيادة القانون، فضلا عن احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دوليا. وعلى مدى العقود الستة الماضية، تم تطوير إطار معياري رائع يستند إلى المعاهدات، لكن من دون تنفيذ، تبدو هذه التصريحات جوفاء. ومن دون اتخاذ إجراءات، تبدو الوعود خالية من أي معنى. ولا يجد الذين يواجهون جرائم الحرب أية سلوى في كلمات اتفاقات جنيف غير المنفذة. ولا توفر المعاهدات التي تحظر التعذيب سوى سلوى واهنة للأسرى الذين تعرضوا للاعتداء على أيدي آسريهم، لاسيما إذا كانت الآلية الدولية لحقوق الإنسان تمكن المسئولين عن التعذيب من الاختباء وراء أصدقاء في المراكز العليا. ويشعر السكان الذين أضنتهم الحرب باليأس عندما يجدون - على رغم توقيع اتفاق سلام - أنه لم يحرز سوى القليل من التقدم نحو إقامة حكومة تخضع لسيادة القانون. وتظل الالتزامات الرسمية بتعزيز الديمقراطية كلمات جوفاء بالنسبة إلى أولئك الذين لم يصوتوا أبدا لحكامهم الذين لا يرون أية علامة تدل على أن الأمور تتغير.

ولذلك، لابد من تعزيز الإطار المعياري الذي تم تطويره بشكل رائع على مدى العقود الستة الماضية. والأهم من ذلك، هناك حاجة لاتخاذ خطوات ملموسة للحد من الانتقائية في التطبيق، والتعسف في الإنفاذ ومن حدوث انتهاكات من دون عقاب، وعلى العالم أن ينتقل من حقبة التشريع إلى التنفيذ.

وهناك دعوة إلى اتخاذ إجراءات في المجالات الآتية ذات الأولوية:

سيادة القانون: على المجتمع الدولي أن يعتنق مبدأ "المسئولية عن الحماية" كأساس للعمل الجماعي ضد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. ويجب أن يتم التصديق على كل الاتفاقات المتعلقة بحماية المدنيين وتنفيذها. وينبغي اتخاذ خطوات لتعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المحاكم الدولية أو المختلطة المعنية بجرائم الحرب، كما ينبغي تعزيز محكمة العدل الدولية. ويعتزم الأمين العام أيضا تعزيز قدرة الأمانة العامة على مساعدة الجهود الوطنية الرامية إلى إعادة بسط سيادة القانون في المجتمعات التي تعيش حال صراع أو ما بعد صراع.

حقوق الإنسان: يجب تعزيز مفوضية حقوق الإنسان بمزيد من الموارد والموظفين، ويجب أن تضطلع هذه الهيئة بدور أكثر نشاطا في مداولات مجلس الأمن ولجنة بناء السلام المقترحة. وينبغي كذلك العمل على جعل هيئات منظومة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان أكثر فعالية وتجاوبا.

الديمقراطية: يجب إنشاء صندوق للديمقراطية في الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى البلدان التي تسعى إلى إنشاء نظام ديمقراطي أو إلى تعزيزه.

تعزيز الأمم المتحدة

بينما يجب أن تكون الأغراض ثابتة ومستمرة، لابد للممارسة والتنظيم أن يواكبا العصر. وإذا أريد للأمم المتحدة أن تكون أداة مفيدة لدولها الأعضاء، ولشعوب العالم، في الاستجابة للتحديات التي سبق عرضها في الأجزاء الثلاثة السابقة، فلابد أن تكون متوائمة مع احتياجات القرن الحادي والعشرين وظروفه.

وقد أنجز الكثير منذ سنة 1997 في عملية إصلاح الهياكل والثقافة الداخلية للأمم المتحدة. غير أن الأمر مازال يتطلب المزيد من التغييرات الكثيرة، سواء في الفرع التنفيذي، أي الأمانة العامة ومنظومة الأمم المتحدة الأوسع، أو في الهيئات الحكومية الدولية للأمم المتحدة.

الجمعية العامة: على الجمعية العامة أن تتخذ تدابير جريئة لترشيد جدول أعمالها وتعجيل عملية التداول. وعليها أن تركز على موضوعات الساعة الجوهرية الرئيسية، وأن تنشئ آليات تمكنها من التعاون بصورة كاملة ومنتظمة مع المجتمع المدني.

مجلس الأمن: يجب أن يكون مجلس الأمن أكثر تمثيلا لواقع القوة في عالم اليوم. ويؤيد الأمين العام مبادئ الإصلاح الواردة في تقرير الفريق الرفيع المستوى، كما يحث الدول الأعضاء على النظر في الخيارين، أي النموذجين ألف وباء، المعروضين في التقرير المذكور، أو في أية اقتراحات أخرى صالحة من حيث الحجم والتوازن تكون قد تولدت عن أي من النموذجين. وينبغي أن توافق الدول الأعضاء على اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة المهمة قبل انعقاد مؤتمر القمة في سبتمبر .2005

المجلس الاقتصادي والاجتماعي: يجب إصلاح المجلس الاقتصادي والاجتماعي بحيث يكون باستطاعته أن يجري تقييما فعالا للتقدم المحرز في جدول أعمال الأمم المتحدة المتعلق بالتنمية، ويكون منتدى رفيع المستوى للتعاون على التنمية، ويوجه الجهود التي تبذلها مختلف الهيئات الحكومية الدولية في المجال الاقتصادي والاجتماعي في منظومة الأمم المتحدة بأكملها.

مجلس حقوق الإنسان المقترح: تعاني لجنة حقوق الإنسان من انخفاض في الصدقية والكفاءة المهنية، وهي بحاجة إلى عملية إصلاح كبرى. فينبغي أن يحل محلها مجلس دائم أصغر لحقوق الإنسان، إما كهيئة رئيسية من هيئات الأمم المتحدة وإما كهيئة فرعية تابعة للجمعية العامة، على أن تنتخب الجمعية العامة أعضاءه بشكل مباشر، وذلك بغالبية ثلثي الأعضاء الحاضرين والمشتركين في التصويت.

الأمانة العامة: سيتخذ الأمين العام خطوات لإعادة تنظيم هيكل الأمانة العامة لتتلاءم والأولويات الموجزة في التقرير، وسينشئ آلية لصنع القرار على غرار مجالس الوزراء. وهو يطلب إلى الدول الأعضاء أن تخوله السلطة والموارد اللازمة لاتباع سياسة ترك الموظفين للخدمة مقابل عوض لمرة واحدة لإنعاش الموظفين وإعادة تنظيمهم لتلبية الاحتياجات الراهنة، والتعاون في إجراء استعراض شامل للموازنة وقواعد الموارد البشرية، وإصدار تكليف بإجراء استعراض شامل لمكتب خدمات الرقابة الداخلية لتعزيز استقلاليته وسلطته.

ومن الأولويات الأخرى تحسين الاتساق عن طريق تعزيز دور المنسقين المقيمين وإعطاء نظام الاستجابة الإنسانية ترتيبات احتياطية أكثر فعالية، وضمان حماية أفضل للأشخاص المشردين داخليا. ويجب تقديم المزيد من الدعم إلى المنظمات الإقليمية، وخصوصا الاتحاد الإفريقي. وينبغي تحديث الميثاق نفسه أيضا لإلغاء فقرات "الدولة المعادية" و"مجلس الوصاية" و"لجنة أركان الحرب" التي ولى عهدها.

خاتمة: الفرص والتحديات

المجتمع العالمي هو الذي له أن يقرر ما إذا كانت لحظة الشك هذه تنذر باتساع الصراع وتجذر اللامساواة وتراجع سيادة القانون، أو تستعمل لتجديد المؤسسات التي تعمل من أجل السلام والازدهار وحقوق الإنسان. فقد حان وقت العمل.


ميثاق الأمم المتحدة

نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم وكبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، وأن نبين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي، وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدما، وأن نرفع مستوى الحياة في جو أفسح من الحرية نحو تحقيق التنمية، والأمن وحقوق الإنسان للجميع. وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي، وأن نكفل بقبولنا مبادئ معينة ورسم الخطط اللازمة لها ألا تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة، وأن نستخدم الأداة الدولية في ترقية الشئون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها، قد قررنا أن نوحد جهودنا لتحقيق هذه الأغراض ولهذا فإن حكوماتنا المختلفة على يد مندوبيها المجتمعين في مدينة سان فرانسيسكو الذين قدموا وثائق التفويض المستوفية للشرائط، ارتضت ميثاق الأمم المتحدة هذا، وأنشأت بمقتضاه هيئة دولية تسمى "الأمم المتحدة

العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً