لاحظت الصحف العربية على خلفية قتل السفير المصري في العراق التناقض ما بين تصريحات الناطق باسم رئيس الوزراء العراقي ليث كبة التي ألمح فيها إلى اتصالات قام بها السفير المصري مع جماعات عراقية مسلحة معارضة، في وقت نفى رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري تلك الاتهامات المبطنة، معربا عن تقديره للسياسة المصرية. ورأت الصحف المصرية أن هذا التناقض يعكس الطبيعة الراهنة لمؤسسات الحكم في العراق. وفي حين واصلت الصحف العربية التنديد واستنكار سقوط الضحايا في لندن اعتبر أحد المعلقين العرب أن لا صحة إطلاقا لما يردده بوش وبلير بأن هناك من يحارب "الغرب" في داره لأنه يكره قيمه، فمن يحارب "هناك" يرى في ذلك ردا على التسلط الذي تتعرض إليه بلاده ودينه. وقال ببساطة إن من يرفض الغزوة الأصلية "غزو العراق" يحق له إدانة هذه الردود عليها ولكن يبقى عليه أن يقترح بديلا أكثر نجاعة.
"الأهرام": التناقض واختلاف أيديولوجيات العراق
ورأت "الأهرام" المصرية أن الخلاف بين أطراف الحكومة العراقية يعكس توجهات ايديولوجية مختلفة، كما يعكس أشكالا ودرجات مختلفة من الارتباطات الخارجية، فبعض أطراف الحكومة العراقية ينظر للأمور بمنظار طائفي، فلا يرى في العالم العربي سوى عمق سني للمعارضة العراقية المسلحة، وهي الأطراف نفسها التي ترى في الدور العربي في العراق منافسا لنفوذ دول أخرى في الجوار العراقي، أتاحت لها ظروف مختلفة تأسيس نفوذ قوي في هذا البلد.
"الوطن": التعاون الجماعي وكبح الإرهاب
وفي جانب آخر من الملف العراقي، رأت "الوطن" القطرية أن أهم ما يحتاجه العراق اليوم هو هدنة حقيقية تسمح بكتابة الدستور وانتخاب برلمان جديد ثم الدعوة بعد ذلك لجدولة الانسحاب وهذا لا يمكن أن يتم ما دامت الهجمات مستمرة والنبرة الطائفية التي تهدد بتقسيم هذا البلد العربي متصاعدة. ورأت "الوطن" السعودية ان من دروس جريمة لندن.. هو ان التصدي للإرهاب لا يمكن أن يحقق هدفه من دون التعاون الجماعي لا المبادرات الفردية التي ثبت أنها غير قادرة على وقف الأعمال الإرهابية.
"القدس العربي": "القاعدة" وشكوك هجمات لندن
وشككت "القدس العربي" الفلسطينية في أن يكون تنظيم "القاعدة" وراء التفجيرات التي شهدتها لندن ورجحت أن تكون الجهة التي نفذت هذا الهجوم، إذا كانت إسلامية فعلا، هي عبارة عن مجموعة محلية تضم شبانا من الجيل الجديد الذي أصيب بالإحباط وتأثر بإيديولوجية "القاعدة" وأدبياتها. وهذا ربما يعني أن هناك هجمات مماثلة في الطريق. ورأت أن المشروع الاحتلالي الأميركي البريطاني في العراق لم يجعل العالم أكثر أمانا بل جعله أكثر خطرا، بل انه أعطى تنظيم "القاعدة" فرصة تاريخية لإعادة تجميع قواه بعد الضربة الساحقة التي تعرض لها في أفغانستان. وذكرت أخيرا أن العرب والمسلمين تعاطفوا مع ضحايا تفجيرات لندن، مثلما تعاطفوا مع ضحايا مركز التجارة العالمي في نيويورك، وأصدروا البيانات التي تدين قتل الأبرياء، آملة أن نرى التعاطف نفسه تجاه ضحايا الإرهاب الأميركي البريطاني الذي يحصد أرواح الأبرياء في العراق أيضا.
"السفير": هجمات لندن و عمل حربي دفاعي
ورأى جوزيف سماحة في "السفير" أن لندن عاشت استثنائيا يوما بغداديا عاديا، متسائلا عما إذا كان هناك من يهتم بضحايا العراق؟ من احتسب القتلى المدنيين الأبرياء الذين سقطوا، قصدا أو عن غير قصد بنيران قوات الاحتلال؟ وسأل ساخرا لماذا يبدو، أحيانا، ان البريطاني المستقل للمترو أغلى وأعز من العراقي المحتفل بزواج؟ وإذ أكد أن هذه الأسئلة، وغيرها، لا تخطر في بال رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير والرئيس الأميركي جورج بوش، شدد سماحة، على أن الدول الغربية هي التي قدمت إلى الشرق الأوسط وسيطرت على شعوبه وثرواته. وإذ اعتبر انه لا بد من إدانة أسلوب "القاعدة" غير ان الإدانة لا يجوز لها أن تعمينا عن حقيقة المشهد العام من ان منطقتنا تتعرض لمحاولة إخضاع واستتباع، والواضح ان المنطقة تستنبط، في كل مرحلة، أسلوب مقاومة وممانعة. وبقدر ما تتراجع الحصانة الإجمالية لهذه المنطقة، تحت ضغط بعض الخارج المتحالف مع بعض الداخل، بقدر ما تنحو المقاومة إلى أن تعتمد هذا الأسلوب الاستعراضي والدموي. وختم مشددا على أن تفجيرات لندن، عمل حربي دفاعي إرهابي. وأضاف أن هذه الوحشية هي الضريبة المدفوعة لرد غائلة الغزوة الكولونيالية على المنطقة وأهلها. فمن يرفض الغزوة الأصلية يحق له إدانة هذه الردود عليها ولكن يبقى عليه أن يقترح بديلا أكثر نجاعة
العدد 1048 - الثلثاء 19 يوليو 2005م الموافق 12 جمادى الآخرة 1426هـ