انقضى يوم أمس الأول دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب، وتميز هذا الدور بالكثير من الجلسات التي شهدت ثورات نيابية كانت من بينها تلك الجلسات التي نوقش فيها قانونا الجمعيات السياسية والتجمعات، إذ مرر الأول إلى الشورى فيما أجل الثاني إلى الدور المقبل.
ورفع النواب خلال الدور الثالث 196 اقتراحا برغبة و35 اقتراحا برغبة مستعجلة و97 اقتراحا بقانون، وبحث 83 مشروعا بقانون تم إحالتها من الحكومة، ووجه 82 سؤالا تتعلق بمختلف وزارات المملكة، وشكل 3 لجان، وعقد 36 جلسة عادية و17 جلسة استثنائية.
آراء النواب عن الدور الثالث تنوعت فمنهم من رأى بأن الموازنة من أبرز إنجازات المجلس وخصوصا لجنة الشئون المالية والاقتصادية التي يرأسها النائب جهاد بوكمال فيما انتقد بعض النواب أداء المجلس كونه لم يمارس دوره التشريعي المطلوب.
عبدالعال: بطء في التشريع
أكد النائب جاسم عبد العال "وجود تطور في أداء المجلس خلال دور الانعقاد الثالث خصوصا فيما يتعلق بالجانب الرقابي على نطاق دراسة مشروع قانون الموازنة وإقراراها وإدخال تعديلات عليها وإدراج إيرادات بابكو فيها وفتح ملف ألبا وتشكيل لجنة تحقيق في خليج توبلي للمحافظة عليه، وكذلك تحقيق أهم رغبات المجلس فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي وزيادة الرواتب وكادر الأطباء والمعلمين، الأمر الآخر ما يتعلق بالكثير من الرغبات التي رفعت إلى الحكومة ونتوقع أن يأتي الرد في الدور المقبل، وكذلك إثارة بعض القضايا الحساسة مثل القضايا الرقابية التي تهم المجلس". متمنيا أن "يتعزز الدور الرقابي للمجلس ويكون متماسكا وقويا في هذا الجانب".
وبخصوص الجانب التشريعي رأى عبدالعال أنه "لم يرق إلى مستوى تطلعات النواب لوجود بطء في الجانب التشريعي، فمقترحات النواب لا تمرر بسرعة وبعضها جمد في الحكومة، ولم يصدر حتى الآن أي تشريع بسبب التعقيد في الحكومة والشورى".
المعاودة: الإنجازات واضحة
ومن جانبه قال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب الشيخ عادل المعاودة: "ان تقييم أداء المجلس خلال دور الانعقاد الثالث يظهر من خلال النتائج، وجميع النتائج تثبت أن المجلس قدم جهودا جبارة للمملكة" مشيرا إلى أن "حدوث تأخير في ظهور الإنجازات يعود إلى بعض القيود التي فرضتها اللائحة الداخلية، وعلى رغم ذلك فقد بذل المجلس جهودا لتعديلها" مؤكدا "أن المجلس قدم جهودا كبيرة والنتائج واضحة على الجانب التشريعي والخدمي وتحسين مستوى المعيشة وهو ما يثبت ثمرة عمل المجلس".
وعن مقارنة الدور الثالث بالدورين السابقين رأى المعاودة "أن العمل هو نفسه، ولكن هذا الدور اتسم بظهور النتائج لأن المشروعات في الأدوار السابقة كانت تنتقل إلى الحكومة التي لا تسرع النظر في المشروعات" مشيرا إلى أنه "تم الضغط على الحكومة خلال الدور الثالث من خلال اللائحة الداخلية ما ساعد على تحقيق الإنجازات".
شريف: دور مختلف تماما
ورأى النائب عثمان شريف "أن دور الانعقاد الثالث كان مختلفا تماما عن الدورين اللذين سبقاه من ناحية عدد المشروعات بقوانين التي رفعت من الحكومة، وتميز كذلك بالإنجازات التي تحققت على الصعيد الرقابي كإقرار الموازنة العامة التي أدرجت فيها إيرادات شركتي ألبا وبابكو، بالإضافة إلى المشروعات بقوانين المتعلقة بهيئة تنظيم إصلاح سوق العمل واتفاق التجارة الحرة والكثير من الاقتراحات "برغبة وقوانين" التي تصب في نهاية الأمر في صالح المواطنين، إلى جانب الأسئلة التي وجهت للوزراء" متمنيا أن "تتجاوب الحكومة مع السلطة التشريعية والرقابية في إعادة الاقتراحات برغبة وبقوانين إلى المجلس في هيئة مشروعات لأنها تسهم في تحسين المستوى المعيشي وترفع مستوى الأجور".
وقال شريف: "أكدنا خلال الدور الثالث على ثلاثة أمور مهمة هي حل مسألة البطالة بإيجاد فرص عمل وتحسين المستوى المعيشي وتوفير سكن مناسب للمواطنين" وتمنى أن "تنفذ الحكومة في الدور الرابع توصيات النواب التي رفعت في الدور الثالث".
آل الشيخ: سحب البساط من السلطة التشريعية
ومن جانبه قال النائب محمد آل الشيخ: "كنا ننتظر أن يشهد الدور الثالث إصدار بعض التشريعات التي قدمها النواب، إذ توجد مجموعة من التشريعات رفعها النواب على شكل اقتراح بقانون ثم حولت إلى مشروع بقانون بعضها ذهب إلى الشورى وبعضها بقي في النواب، وقد كنا نتأمل إصدار مجموعة من التشريعات منها مشروع قانون النقابات العمالية الذي يعطي الحق للعاملين في القطاع الحكومي لتأسيس نقابات عمالية التي يكون عملها مشابها لعمل البرلمان كونها تدافع عن حقوق العمال وتكون جهة رقابية على أعمال الوزارة، كما كنا نأمل إصدار قانون حماية السواحل والمنافذ البحرية وهو قانون مهم قضى فيه المجلس وقتا وجهدا وهو يحظى بتوافق نيابي شوري شعبي" متسائلا "لا نفهم الحكمة من عدم البت في هذا التشريع المهم وخصوصا أن البحرين جزيرة ولكن أكثر سواحلها مستملكة، والقانون يؤكد حق المواطنين بأن تكون هذه السواحل أملاكا عامة" مضيفا "كنا نتأمل دفع تفعيل بند التأمين ضد التعطل فقد قدمنا اقتراحا من الدور الأول والحكومة لم تستجب، وتقدمنا بمشروع قانون لاعتماد مبلغ 20 مليون دينار لتفعيل هذا البند غير أن الحكومة لم توافق، وأملنا خيرا في مشروع قانون هيئة إصلاح سوق العمل ومشروع قانون صندوق العمل خصوصا أنهما ضمن بادرة الإصلاح الاقتصادي في البلد وتم تقديمهما لمعالجة مشكلة البطالة، كنا نأمل أن يوجه جزء من عوائد صندوق العمل لتفعيل بند التأمين ضد التعطل وهو ما لم يحدث ونحن نضغط الآن لإدراج هذا الأمر".
وذكر آل الشيخ "كنا نسعى لتفعيل المادة "4" من قانون التأمين الاجتماعي الخاص بالتأمين ضد التعطل ولكن وزارة العمل تذرعت قبل عامين بأن ذلك بحاجة لمسوحات ولدراسة اكتوارية" مشيرا إلى "أن الدراسة الاكتوارية يمكن التسريع بها لأنه ليس من اللائق أن نضع العراقيل بسبب إجراء الدراسة" مردفا "كان من المهم أن نتفرغ لهذه القضية الجماهيرية الحاسمة وليس زج المجلس بمشروعات الحكومة بين فترة وأخرى، وعلى رغم أهمية بعضها فإن بعضها الآخر ليس ذا أولوية ولكنها تقيد الحريات مثل قوانين الجمعيات السياسية والتجمعات التي تحد من حرية الرأي وتنال بحق التجمهر المكفول في الدستور" ورأى أن "ذلك ينم عن هيمنة من السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وبالتالي تم سحب البساط من تحت يد السلطة التشريعية، فعدد القوانين التي سنتها السلطة التشريعية يساوي صفرا".
وقال: "الحكومة أغرقت المجلس بمئات الاتفاقات الدولية وبعضها خطير مثل توقيع الحكومة العهدين السياسيين، فالتوقيع على هذين العهدين فقط فيه ظلم لشعب البحرين لأن ليست العبرة في التوقيع عليهما فقط ولكن الفائدة في البروتوكولين المرفقين بهذين العهدين" مشيرا إلى أنه "في غمرة ذلك نرى أن هناك المزيد من الضغوط بسبب انتهاكات لحقوق الناس من قبل مجموعة من المتنفذين مثل ما حدث في جدار المالكية، بالإضافة إلى الانتهاكات التي تتم في السواحل في كل قرية تطل على منفذ بحري ما أدخلها في مواجهات صرفت أذهان الناس عن أعمال مهمة تقوم بها السلطة التشريعية، كما أن المجلس لم يشارك في رفع مستوى المعيشة بشكل حقيقي للمواطنين، فالبونس مشروع حكومي أقحم في المجلس من أجل الضغط عليه لتسريع التصديق على الموازنة فقد كنا نتأمل أن تكون هناك زيادات حقيقية في رواتب الموظفين في القطاعين".
وأكد "أن الحكومة من خلال توجيهاتها لبعض النواب الذين يمثلون الكتلة الحكومية في المجلس حولته من مؤسسة تشريعية إلى مؤسسة إنشائية تفرض على عمالها إنجاز مهمة إنشائية محددة في وقت محدد وهو ما نرفضه، ولم ينجح المجلس في تأجيل قانون الجمعيات ولكن نجح في تأجيل التجمعات" مشيرا إلى "أن الهرولة في التشريع فيه إساءة للسلطة التشريعية ولشعب البحرين".
وأوضح آل الشيخ "لاحظنا في الدور الثالث تزايد البيانات والاستنكارات التي لا هدف منها سوى انها موجهة فقط ضد المواطنين الضعفاء، وكان يفترض بالمجلس أن يمارس دورا حياديا وموضوعيا في بعض القضايا المحلية، وآخرها بيان ضد مسيرة العاطلين للعمل فكان الأجدى بالمجلس أن يصدر بيانا يندد بالتدخل الوحشي لقوات الأمن لمواجهة بعض المواطنين العزل الذين كانوا يمارسون حقهم في التجمع، وكان من المفترض أن يتحلى النواب بسعة الصدر وأن يتحملوا النقد ووجهات النظر المخالفة وفي حال تقصيرهم فلابد أن يستمعوا إلى رأي المواطنين الذين كانوا يطالبون بحق دستوري"
العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ