بحث كبار الخبراء من منطقة غرب آسيا صباح أمس (الاثنين) ضمن اجتماع تشاوري إقليمي بهدف المساهمة في إعداد تقرير توقعات البيئة العالمية الخامس (جيو - 5)، دمج وتأصيل القضايا البيئية ضمن سياسات ورؤى الحكومات التنموية والاقتصادية.
وأكد الخبراء ضرورة التركيز على مخاطبة قادة الدول ومتخذي القرار بالقضايا البيئية والحلول المتاخمة لها وكلفتها، إلى جانب الكلفة المترتبة على عدم معالجة هذه القضايا.
ويرى الخبراء أهمية الرقي بملف القضايا البيئية لمستويات الرؤى والسياسات الرئيسية للدول، على ألا تكون مهمشة ضمن بنود ثانوية قد لا تكون بالضرورة مفعلة في الكثير من الأحيان.
وتستضيف مملكة البحرين اجتماع المشاورات الإقليمية عن «جيو - 5» والذي ينظمه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، المكتب الإقليمي لغرب آسيا برعاية من رئيس الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية (PCPMREW) سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة.
ويعد اجتماع المشاورات الإقليمية الذي يستمر حتى اليوم (الثلثاء) فرصة لمناقشة أدوات السياسة الواعدة المتاحة في المنطقة والمناطق الأخرى، التي بإمكانها المساهمة في تسريع عملية تحقيق الأهداف البيئية المتفق عليها دوليا والمحددة من قبل فريق استشاري حكومي دولي رفيع المستوى في سويسرا، يونيو/ حزيران 2010.
ومن جهته، تحدث مع «الوسط» على هامش الاجتماع مدير حماية البيئة في الأمانة العامة بمجلس التعاون لدول الخليج العربي فهمي العلي، وقال: «التقرير يعد احدث تقرير في سلسلة التقارير الأكثر تأثيراً عن حالة البيئة العالمية التي يعدها برنامج الأمم المتحدة للبيئة».
وأضاف: «نحن نشارك كدول الخليج حالياً في التقرير الثاني، لأن دول مجلس التعاون ليست بمعزل عن بقية دول العالم، لأنها تعيش الهموم نفسها وقد تتأثر وتؤثر في مفهوم البيئة العالمية، ولذلك تسعى إلى الحفاظ على البيئية على المستوى المحلي والإقليمي», مشيراً إلى أن «مشاركة الأمانة العامة والدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي في الاجتماعات التشاورية الإقليمية لإعداد تقرير التوقعات البيئية الخامس، سيعكس ويتمخض عن التقرير البيئي الصحيح لدول المجلس الذي يشارك الهموم والمسئوليات مع دول العالم الأخرى».
وذكر العلي أن «الاجتماعات التي انعقدت أمس (الاثنين) والأخرى التي ستتواصل حتى اليوم (الثلثاء) تتمحور حول وضع أولويات تنفيذ الاتفاقيات الدولية والأنظمة والالتزامات من خلال الاتفاقيات الإقليمية والدولية، بحيث يكون مفهوم الحفاظ على البيئة مندمجاً ضمن رؤى وبرامج الحكومات بصورة علمية بحتة مدروسة».
وعن أهم المشكلات البيئية الموجودة على مستوى غرب آسيا والخليج تحديدا، قال مدير حماية البيئة: «المشاكل البيئية بحكم الجوار الجغرافي والتشابه المناخي والفعلي بين الدول، تتمثل في شح مصادر المياه وندرتها، وتكدس بعض النفايات الصلبة التي نعمل على تخفيضها، إلى جانب جودة الهواء التي نسعى فعلياً لإيجاد المقاييس المناسبة للتحكم في جودته».
وتطرق إلى أهم المشكلات البيئية على صعيد دول الخليج مبيناً أن «دول التعاون الخليجي كانت تعمل طوال الفترة الأخيرة على إقامة المشروعات التنموية والترفيهية على السواحل مستخدمة مشروعات الردم والدفان، وهو ما أثار بنسبة كبيرة وملحوظة على البيئة البحرية والبرية والتنوع البيولوجي نظراً إلى الارتباط فيما بينها»، منوهاً إلى أنه «يتم العمل حالياً على إيجاد اشتراطات وضوابط تنظم وتقنن عمليات الردم والدفان والتجريف الحاصل على السواحل والشواطئ، وأيضاً بالنسبة إلى التنوع البيولوجي، لأن دول الخليج وقعت الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات البيئية يجب عليها الالتزام بها وتطبيقها».
واختتم العلي حديثه قائلاً: «نأمل أن تصل نتائج التقرير الخامس لمتخذي القرار للعمل على المزيد من التعاون»، منوهاً إلى «وجود جائزة لأفضل الأعمال البيئية سواء على مستوى الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة، فدول المجلس لم تهمل جانب التوعية البيئية».
كما علق أستاذ الموارد المائية بجامعة الخليج العربي وليد زباري على الاجتماع التشاوري، وذكر أن «الاجتماع جاء لتحديد القضايا البيئية الرئيسية في منطقة دول غرب آسيا التي تشمل المشرق العربي والجزيرة العربية، فتحديد القضايا البيئية الرئيسية المتراوحة بين 3 و5 قضايا، يعطي البادرة للبدء في العمل على دراستها ومعرفة مسبباتها وطرق علاجها أو الخفض من نسبة الضرر الذي يزيد من حجمها».
وعن القضايا المرشحة إلى أن تتصدر قائمة القضايا البيئية الخمس، أفاد زباري بأن «تكون قضية المياه والطاقة والبيئة، إلى جانب تدهور البيئة البحرية، والتنوع الحيوي، إضافة إلى قضايا التحضر الذي بات يقضي البيئة من أهم الأولويات المطروحة للتصدر، فهناك توسع ناتج عن دفان السواحل والمناطق الرطبة».
وفي تعليقه على مدى تعامل الحكومات الخليجية والإقليمية مع التقارير البيئية السابقة، قال أستاذ الموارد البيئة: «التقرير الخامس الذي نعمل على وضع ملاحمه حالياً يناقش بدرجة أولى ومهمة كيفية الوصول لصاحب القرار وإقناعه بحجم الأهمية البيئية التي لابد أن تدمج ضمن البرامج الاقتصادية والتنموية للبلاد، إضافة إلى كيفية مخاطبة صاحب القرار، فمخاطبته ليس بوضع المشكلات أمامه، بل يجب أن يشمل وضع الحلول والكلفة التي تتطلبها، والكلفة النظيرة في حال لم توضع الحلول، فهذا هو الأسلوب الجديد الذي سينصب في جانب التخاطب مع صاحب القرار».
وبشأن مستوى تجاوب دول مجلس التعاون ومتخذي القرار نحو تفعيل مضامين التقارير السابقة، ذكر زباري: «المؤسسات البيئية في دول مجلس التعاون حديثة ووليدة الأعوام القليلة الماضية، فعند الرجوع إلى ما قبل 15 عاماً لن نجد سوى لجنة أو إدارة لحماية البيئة وليس وزارة أو هيئة مختصة، إنما هناك توجه حالياً نحو بناء مؤسسات رسمية وأهلية تهتم بالبيئة تكون ضخمة ولها مكانة في الدولة، وإمارة أبوظبي خير مثال على ذلك عقب مملكة البحرين التي شكلت هيئة مستقلة معنية بالحفاظ على البيئة وتنميتها، لكن مازالت الدول متفاوت في التعامل مع البيئة، فالبعض رفع مستوى التعامل مع البيئة لأعلى المستويات وأعطتها صلاحيات اتخاذه، في الوقت الذي بقيت فيه دول أخرى تضع البيئة جانباً».
وأشار أستاذ الموارد المائية إلى أن «التأثير على صاحب القرار باتخاذ قرارات مواتية للبيئة صعب جد على مستوى الخليج، وتعد عملية معقدة أحياناً، لأن نظام اتخاذ القرار ليس من السهولة تضمينه الجوانب البيئية، ولذلك نحن خلال التقرير الخامس نسعى لدمج السياسة البيئية ضمن السياسة الاقتصادية والتنمية، فعند الوصول لمرحلة التوازن بين البيئة والتنمية الاقتصادية يعني أن دول الخليج بلغت مرحلة متقدمة جداً على هذا الصعيد».
هذا، وسيقوم الخبراء خلال الاجتماع، بتقديم لمحة عامة عن عملية تحليل السياسات، والاتفاق على ثلاث أو خمس قضايا/ تحديات بيئية، ذات أولوية في منطقة غرب آسيا. كما سيتم اختيار هدف واحد من الأهداف المتفق عليها دوليا شرط أن يتعلق بأحد القضايا/ التحديات ذات الأولوية في المنطقة، والتي تم اختيارها سابقا.
وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أمس (الاثنين) إن الخبراء يلجأون لتحديد هذه الأهداف المتفق عليها دولياً إلى المرفق الرابع (وثيقة المعلومات الأساسية للاستشارات الإقليمية - تقرير التوقعات العالمية للبيئة الخامس). وستتركز جهود الخبراء أيضا على الخيارات الاستراتيجية المتعلقة بالتوعية، بهدف تفعيل أثر وفائدة التقييم الذي يتضمنه تقرير جيو - 5، بشكل كبير. وسيعمل الخبراء على تسمية وتحديد المنظمات والفئات الأخرى المستهدفة في ظل الأولويات الإقليمية والأهداف العالمية المتفق عليها. وستشارك تلك المجموعات بفضل برامج التوعية في عملية تطوير التقييم.
وأضاف البيان أن من الضروري ضمان تطبيق عملية التوعية الخاصة بتقرير التوقعات العالمية للبيئة الخامس والذي سيُعتمد كمحرك جماهيري سريع الاستجابة. والهدف من التوعية هو التأكيد على أن النتائج التي توصل إليها التقرير جيو - 5 هي في الواقع ذات أهمية عالية بالنسبة للفئات المستهدفة.
وسيعمل المشاركون في المشاورات الإقليمية - الجهات الحكومية وأصحاب المصلحة المتعددون - على ترشيح الخبراء الإقليميين الذين سيشاركون كمؤلفين رئيسيين أو مساهمين بإعداد الفصل الإقليمي المتعلق بحالة البيئة في غرب آسيا وهو أحد أجزاء التقرير.
وتعد المشاورات الإقليمية لغرب آسيا خطوة مهمة في عملية إعداد «جيو - 5»، إذ إن الرسميين وأصحاب المصلحة الآخرين سيناقشون وجها لوجه الثغرات السياسية التي من شأنها إعاقة تحقيق الأهداف البيئية التي اختارتها المناطق. ويعكس التقرير النهائي جيو - 5 نتائج المشاورات الإقليمية بما فيها الأولويات البيئية، التوصيات، الأهداف المتفق عليها وهوية الفئات المستهدفة.
ويشمل «جيو - 5» الذي من المتوقع إطلاقه في 2012 - السنة التي سيُعقد خلالها مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة - نظرة عالمية وإقليمية في حالة البيئة. وسيشكل دعما للبلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية بحيث يساهم ببناء قدراتها لكي تصبح مستعدة لتخطي الحواجز البيئية والمالية.
ويتميز «جيو - 5» عن غيره من سلسلة تقارير توقعات البيئة العالمية من ناحية تحوله عن تقييم المشاكل الأساسية نحو تقييم الحلول الأساسية، إضافة الى ذلك، يوفر «جيو - 5» التحليل العلمي بشأن التحديات البيئية التي تم اختيارها من قبل الخبراء ويستنبط الحلول لمعالجة منافعها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
ويسلط «جيو - 5» الضوء على مجموعة من الأهداف التي تم الاتفاق عليها دوليا، من بينها الأهداف الإنمائية للألفية وخصوصاً الهدف السابع (ضمان الاستدامة البيئية) والهدف الأول (القضاء على الفقر المدقع والجوع). أما الأهداف الأخرى المتفق عليها دوليا والتي ستجري خلال الاجتماع، فهي مناقشة ما يختص منها بالقضايا/ التحديات ذات الأولوية في المنطقة، وهي تلك المتعلقة بنوعية الهواء، التنوع البيولوجي، الطاقة، النفايات الكيميائية، تغير المناخ، الغابات، المياه العذبة، البحار والمحيطات، التصحر، التربة، استخدام الأراضي، والإدارة البيئية.
العدد 2951 - الإثنين 04 أكتوبر 2010م الموافق 25 شوال 1431هـ