لا أنكر أن احتفاء كبيرا تلقاه الشاعرات في الأمسيات المفتوحة في بعض الدول، وتحديدا دولة الكويت ومملكة البحرين، ولكنه احتفاء شبه مؤقت يتلاشى وينحسر مع كثرة الاختلاط، ليتحول الاحتفاء إلى محاولة للاستدراج، أو هيمنة. وبصريح العبارة، شروع في "استملاك" للدخول في ذات المظلة وذات الوصاية.
قيام الرابطة سيرتب الكثير من الإمكانات لدى عشرات الأصوات النسائية المتميزة، والتي صبت جهودها وكرست حضورها من خلال عملية النشر وحدها على رغم أهميتها، إلا أنها لا تكفي.
المنطقة مقبلة على تحولات كبيرة سيمتد أثرها إلى ركن وزاوية في الأوطان العربية، وما دامت مجتمعاتنا لن تعدم الحيلة في بقاء صور من تلك الكانتونات، فعلى الأقل تسهم الرابطة وغيرها من الجمعيات في تفعيل الحراك الإبداعي لشريحة كبيرة من مجتمعاتنا باتت أو كتب عليها أن تظل رهينة الهامش.
الممثلة الفرنسية الكبيرة كاترين دونوف، مشروع شاعرة كبيرة، فتصريحاتها الصحافية، ولقاءاتها تكشف عن ذلك الجانب المغيب أو غير الملتفت إليه، إذ ثمة حرص كبير منها على أن تظهر في تلك التصريحات واللقاءات في صورة تمثل تاريخها الملئ بالإضاءات الجميلة، وهو حرص لا تتصنعه بقدرها ما هو وليد تأسيس عميق وصارم، إن على مستوى الأدوار التي أنجزتها، وحضورها الذي لا يتجاوز الفيلم، وتمر عليها سنوات من دون أن تكترث كثيرا لعدم العمل ما دامت غير مقتنعة بما يعرض عليها، أو عن طريق تراكم قراءات معمقة في الفكر والسياسة والأدب والفلسفة.
دونوف تتحدث عن المغزى من وراء محاولاتها المضيئة على الشاشة الفضية: "في كل أعمالي، حاولت أن أقنع العذاب بأن يكون جميلا... أعتقد أنني نجحت أحيانا".
"في صراح النار والماء تموت النار دوما". مثل إسباني يلخص كثيرا فلسفة الهشاشة التي تختبئ وراء القوة، إذ للقوة ضعفها في نهاية المطاف، خصوصا إذا ما تم تسخيرها من أجل الخراب بدل الإعمار، والانقسام بدل الاجتماع.
وبنظرة عابرة لصور ووجوه ضمن مجتمعاتنا، سواء العامة منها أو الخاصة: البيت، النادي، الجمعية، أو حتى العلاقات، تتكشف لنا تلك الحقيقة من دون أن نجهد أنفسنا للوقوف على استدلال يؤيد تلك الحقيقة. ذلك لا يعني إشاعة أو دعوة إلى حال من الضعف، بقدر ما هي دعوة إلى ترشيد القوة وعقلنتها وإضفاء مسحة إنسانية على حضورها وتحركها
العدد 1065 - الجمعة 05 أغسطس 2005م الموافق 29 جمادى الآخرة 1426هـ