وافق مجلس الوزراء على انضمام مملكة البحرين، للعهدين الدوليين "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية" في شهر مايو/ أيار الماضي، وقد رفع العهدان كمشروع بقانون إلى المجلس النيابي.
تحويل مجلس الوزراء العهدين الدوليين إلى مشروع بقانون وبعثهما إلى البرلمان يعد في حد ذاته خطوة ايجابية من قبل الحكومة. ولكن ما يدعو إلى الاستغراب ان الحكومة بعد إعلانها للانضمام منذ العام الماضي، أصدرت قانون التجمعات، وقانون مكافحة الارهاب، وحديثا أقر قانون الجمعيات السياسية. ثم ان تحول العهدين الدوليين إلى قانون، يتطلب مواءمة التشريعات الوطنية مع روح العهدين.
البرلمانيون من جانبهم قالو انهم لا يدركون المعنى الحقيقي "للعهدين الدوليين"، إذ طلبوا بأن تعقد لهم "مائدة مستديرة" لتعرفهم بالعهدين الدوليين. ويقول الحقوقيون انه كان على الحكومة ان تغير قوانينها وفق الاتفاقات الدولية التي انضمت اليها، إلا انها لم تغير أي قانون، فقد انضمت منذ العام 1990 إلى اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وانضمت إلى اتفاق مناهضة التعذيب منذ العام 1998 وإلى اتفاق حقوق الطفل منذ العام ،1992 كما انضمت إلى اتفاق القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام ،2002 ومع ذلك فالتشريعات الوطنية مازالت باقية ولم تغير بعد حتى مع مجيء البرلمان، الذي انشغل بمشروعات الحكومة، والمقترحات برغبة!
السؤال الذي يتوجس منه الحقوقيون الآن، هل ستغير الحكومة تشريعاتها الوطنية فيما لو أقر البرلمان هذين العهدين، وهل سيمرر البرلمان العهدين من دون تعديلات وتحفظات!
المراقبون للشأن البحريني يتحدثون عن الحوادث الأخيرة على الساحات الحقوقية وسلسلة القوانين الجديدة، لا تطمئن، وتجعل التوجس والإحباط من تنفيذ العهدين الدوليين على أرض الواقع، سيد الموقف!
ولكن على رغم ذلك الإحباط، فإن ثمة مطالبات خجولة بموافقة مجلس الوزراء على البروتوكولين الاختياريين، وإحالتهما إلى البرلمان كمشروع بقانون. فللعهد الدولي السياسي بروتوكولان ملحقان به. ودخل البروتوكول الاختياري الأول حيز التنفيذ في الوقت نفسه لسريان مفعول العهد الدولي وينص على إجراءات للتظلم الفردي. ودخل البروتوكول الاختياري الثاني، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، حيز التنفيذ العام .1991 يمكن بمقتضى البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لأي شخص انتهكت حقوقه التي يضمنها العهد الدولي في دولة سبق أن صدقت أو انضمت إلى البروتوكول الاختياري أن يتقدم بشكوى إلى لجنة حقوق الإنسان، شريطة أن يكون قد استنفد جميع الوسائل الفعالة للانتصاف على الصعيد الوطني. ويمكن الاطلاع على تفاصيل إجراءات النظر في التظلمات الفردية من القواعد الإجرائية للجنة حقوق الإنسان. لذلك فإن انضمام المملكة للبروتوكول الأول يعطيها زخما حقوقيا كبيرا أيضا.
يذكر أن العهد الدولي السياسي يكفل الكثير من الحقوق أهمها "عدم الخضوع للتعذيب، عدم خضوع الفرد من دون رضاه للتجارب الطبية أو العلمية، وعدم توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا"، ويكفل "حق المحرومين في المعاملة الإنسانية، وعدم جواز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي". ويضمن حرية التنقل والإقامة. والحق في عدم إبعاد الأجنبي بشكل تعسفي، الحق في المساواة أمام القضاء، حق كل إنسان في أن يعترف به أمام القانون، وحرية الفكر والضمير والدين وحرمة الحياة الخاصة، حرية التعبير، الحق في التجمع السلمي، الحق في تشكيل الجمعيات والنقابات، حق المواطن في المشاركة في إدارة الشئون العامة، وحق المساواة أمام القانون". والعهد الدولي الاقتصادي يكفل "حق العمل في المادة "6" منه، وحق تشكيل النقابات والاتحادات والحق في الاضرابات العمالية في المادة "8"، ويكفل حق الضمان الاجتماعي في المادة "9"، والحق في تأمين الكساء والمأوى والغذاء في المادة "11"، ويضمن الحق في الصحة في المادة، والحق في التعليم". وللعهدين لجنتان تعمل على مراقبة أداء الدول وعما إذا كانت تنفذ نصوص العهدين أم لا. يمتلك العهدان الدوليان من آليات المراقبة والتنفيذ الكثير، ولكن انضمام المملكة للكثير من الاتفاقات الدولية، وعدم تطبيقها لما جاء فيها، وإصدار قوانين جديدة لا تتعلق البتة بالعهدين وبروحهما اللتين تمثل الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، يخفف من حماس الحقوقيين وإلحاحهم تجاه الضغط على استكمال إجراءات الانضمام
العدد 1072 - الجمعة 12 أغسطس 2005م الموافق 07 رجب 1426هـ