العدد 1085 - الخميس 25 أغسطس 2005م الموافق 20 رجب 1426هـ

ليال مظلمة تبحث عن إشراقة أمل جديد

غروب شمس أم غروب حق؟

أقف عند شاطئ البحر أنظر إلى الشمس وقت الغروب لأرى ما فيها من جمال رائع وهبها إياه رب العالمين لتعطينا أجوبة للكثير من الأسئلة التي باتت متراكمة في أذهاننا ونحن في بلد يحترم القانون. .. فغروب الشمس يشير إلى أنها كانت مشرقة في وقت سابق تعطينا من نورها وتدفئنا بحرارتها ونعرف من خلالها الوقت والصبر والرونق والجمال وفي آخر اليوم تغادرنا بغروب ولا أروع منه تبهجنا وتبكينا، فالبهجة تأتي من جمالها والبكاء يأتي من حكمها على وقتنا وصبرنا، حياتنا وضياعنا، فالوقت يقلقنا لأنه من عمرنا والصبر معها من شروقها إلى غروبها يؤكد لنا أن الدنيا لن تبقى من أجل أحد... فالمظلوم له يوم ويرحل والظالم له يوم ويرحل ويجد بعد رحيله دارا لامتحانه يعرف فيها كل ما فعله من جور وظلم الذي لم يكن من أجل عمر لا ينتهي بل كان من أجل هذا اليوم العظيم الذي يشكو فيه الفقير الغني عند الرحمن ويشكو فيه المظلوم الظالم والضعيف القوي والمسكين القادر... وكلهم يحاسبون على ما فعلوه في الدنيا من عبادة وطيبة وأخلاق واحترام والوقوف مع الحق ضد الباطل والخوف من الله وليس من عباده.

يأتي هذا اليوم بعد الرحيل عن هذه الدنيا، فمن كان يسكن بيتا صغيرا وكان فقيرا لا يأكل كما يأكل الآخرون ولا يلبس ما يلبس الآخرون، لا يسكن كما يسكن الأغنياء وليس لديه ما لدى الآخرين وبالتالي يعبد الله ويشكره على نعمته ويتصبر من أجل هذا اليوم الذي يدخله عبر قبر صغير مقياسه متران في متر ويصل من خلاله إلى ما وعد به الرحمن الذي أنزل القرآن وبشر الصابرين بهذا اليوم العظيم. وأما من كان غنيا، عنيدا، ظالما، جبارا، حقيرا، خبيثا، لا يخاف الله ولا يعبده ويسير كما سار الشيطان، فهذا الإنسان له يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، يرقد في القبر ويتحسس الضيق ليرى أول شيء أين كان يسكن وإلى أين وصل الآن ومن ثم يحاسب على كل صغيرة وكبيرة فعلها في دنياه بغروره وظلمه ليجد النار الحمراء التي هو وقودها والحجارة.

في وطننا... ضاقت علينا الدنيا من كل جوانبها في حين وسعت شيئا فشيئا في الديار المجاورة وأصبحنا نتلذذ قهرا من ماء الملح وعرق الجبين ودموع الصبر ونار الحرمان من كل ما هو حقنا وهو ليس لنا... فالقيود باتت تهددنا والأمل أصبح مستحيلا والوعود صارت خيالية والناس أصبحوا ينامون جوعا وصبرا... من أمامنا القروض ومن خلفنا الديون، على يميننا الشوريون وعلى شمالنا البرلمانيون... فإن تقدمنا زادت قروضنا وإن تأخرنا طالبونا بالديون... وإن نظرنا يميننا وجدنا الشوريين الذين لا ينظرون إلينا بعين الرأفة أبدا فهم يسيرون وراء بعضهم بعضا كعقارب الساعة لا يهمهم أحد ولا يفكرون في أحد وكلهم معا يعملون فقط من أجل تضييع الوقت والحق... أما البرلمانيون فهم يعلمون ولا يعملون يكتبون ما لا يفهمون ويقرأون ما لم يكتبوه، يدافعون ولا هم بمدافعين، يتعاركون وكأنهم مراهقون... لم نحصل منهم على شيء ولا نتوقع منهم أي شيء، لا ندري ماذا يفعلون؟ وما عاد يهمنا ما يطرحون، لأن لكل بداية نهاية ودائما النهاية "لا" مهما كانت الاقتراحات ومهما كانت أهميتها بالنسبة إلينا.

فواتيرنا الكهربائية حمراء والبعض انقطع عن بيته التيار وذهب ليبيع حله وحلاله من أجل أن يعيد الكهرباء... ليس لنا سكن... فينا من يبني بيت والديه وفينا من يعيش في شقق الإيجار... فالذي يسكن في بيت والديه ليس راضيا عن مسكنه ومعيشته، والذي يسكن في شقق إيجار لم يصبح يهمه التهديد ولا يخاف النوم في الشوارع والحدائق لو فكر صاحب الإيجار في طرده لعدم دفعه الإيجار!

اليوم "السيستم" تطور وأصبحنا نعي تماما أن القروض لن نتمكن من أخذها أو نجددها... فالذي ليست لديه مشكلة مع مصرفه لابد أن له مشكلة مع مصرف آخر أو فيزا كارد أو أي شيء آخر مرتبط بالكمبيوتر عبر شبكة تجمع عنا كل المعلومات... "صادوه"... يعني القروض يجب نسيانها وهذا شيء جيد، ولكن ليس في ظل الظروف التي نعيشها ونحن مدمنو قروض... والمصارف تطالبنا بتسديد مبالغ خيالية.

البيوت شيء مستحيل للأبد لأن الأرض صارت أغلى من تلك التي في الجنة "والعياذ بالله"! ومواد البناء صارت أغلى من الذهب والوحدات السكنية "مش بوزك"، الوظائف وللأسف نكذب على أنفسنا إن قلنا إنها غير متوافرة والدليل أننا لو قمنا بمتابعة الصحف الخارجية لوجدنا الأشغال في البحرين "على أفا من يشيل"، ولكن من هم المطلوبون لتلك الأعمال "الأجانب"!... يقولون إن البحريني لا يصلح للعمل... نقول علمه كما وصى زايد الخير "رحمه الله" شعبه واجعل راتبه متوازنا مع حجم المعيشة وانظر بعد ذلك من هو "الشاغول"؟ البحريني أم الأجنبي؟ "ماكو فايدة... محد يسمع"!

السلع أصبحت في ارتفاع لا يصدق... والعشرون دينارا أصبحت من السهل أن تصرفها في يوم واحد، وإذا أردت أن تشتري "الماتشلة" شيء عادي لو صرفت 08 دينارا في حال أنت مبتدئ و021 دينارا في حال كونك رب أسرة كبيرة... "شنو بقى في الراتب"؟!

المتقاعدون الله يرحمهم برحمته... يقول لي أحدهم: "آه لو كانت سن التقاعد ماكو... يعني تشتغل لي ما تموت... على الأقل كنا نحصل نفس الناس على بونس وزيادات"! وعندما قلت له "يبه... بس بتكون ما تقدر تشتغل"، قال: "لو بس أطق كارتي" وكل ذلك القول لأنهم محرومون من كل شيء بدلا من أن تكون هناك توصية خاصة بهم فهؤلاء قدموا إلى الوطن كل ما كانوا يملكون وأصبحوا الآن محرومين من كل شيء مهما كتبنا في الصحف ومهما قلنا عبر أية وسيلة إعلامية أخرى فلن يهتم أحد بقولنا بل على العكس أصبحوا يتابعون ما نكتب "من باب القراءة والتسلية". بالأمس عندما كان الصحافيون يكتبون عن أي شيء من المطالب كانت وراء ذلك كارثة تودي بحياة الكثيرين ممن شاركوا في المقال من صحافي إلى مدير التحرير... اليوم نحن ديمقراطيون "ولله الحمد"، ولكن بعد أن أصبح الشعب كله صحافيا والكل أصبح يكتب همه وهم غيره من أجل توصيل ذلك إلى كبار المسئولين وبالطريقة القانونية التي ممكن من خلالها حل تلك الموضوعات بكامل السلم وبعيدا عن السيف، إلا أن أكثرنا عرف بأن جزيرة الابتسامة المشرقة غابت عنها شمس الحق وأصبحنا ننتظر من يوقد لنا شمعة أمل إلى حين ولادة الفجر الجديد.

وطني... لا أملك قلبا آخر غيرك

ولا أقدر أن أبتعد عنك

حياتي بين يديك وروحي فداء لك

لبيك يا وطني لبيك

محروم من كل طيباتك

مهموم متضرر وسعادتي بيديك

مظلوم وأعيش بعيدا عن ظلك

أصرخ وأمنيتي لصرختي أن تصلك

أشتكي وأتساءل لمن أشتكي

أتجاهل وأعود لكي أشتكي

وطني... تلك كانت أمنيتي

وليتك تسمعني وتلبي لي غايتي

عارف حسن

العدد 1085 - الخميس 25 أغسطس 2005م الموافق 20 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً