رأى مسئولون ومحللون غربيون الجمعة أن إجراء محادثات مع حركة «طالبان» يلعب دوراً مهماً في إنهاء الحرب المستمرة في أفغانستان منذ 9 أعوام على رغم رفض حلف شمال الأطلسي (الناتو) الانصياع لأحد شروط المتمردين الرئيسية وهي سحب قواته من البلد المضطرب.
وافتتح الرئيس الأفغاني حامد قرضاي في وقت سابق من هذا الشهر المجلس الأعلى للسلام في أحدث الجهود في العملية المستمرة منذ زمن والهادفة إلى إقناع «طالبان» بالتفاوض لإنهاء النزاع. وبلغت الحرب الآن ذروتها من التصعيد والعنف حيث وصل عدد الجنود الأجانب القتلى إلى رقم قياسي فيما توسع تمرد «طالبان» منذ بدء الحرب قبل 9 أعوام.
وطبقاً لمسئولين يشرفون على مجلس السلام الجديد، فإن حركة «طالبان» أبدت «استعداداً» للتوصل إلى حل سياسي للتمرد الذي بدأوه بعد الإطاحة بهم من الحكم في نهاية العام 2001. وقال ممثل الاتحاد الأوروبي الخاص في أفغانستان، فيغوداس يوساكاس «نعتقد أن الحل للصراع المتواصل في أفغانستان يكمن في جهود السلام والتوصل إلى تسوية سلمية». وصرح لإذاعة محلية: «نحن جميعاً نعلم أن المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي يدعمون المصالحة بقوة... أعتقد أن أنباء إنشاء مجلس أعلى للسلام هو نبأ جيد للغاية».
وصرح رئيس المجلس الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني إن الحركة «لم ترفض تماماً» المفاوضات، إلا أنها وضعت «شروطاً قاسية» على إجراء أي حوار. وقال الخميس إن «هذا يشير إلى أنهم يرغبون في التفاوض... إلا أن تحول ذلك الاستعداد إلى أنباء سعيدة سيستغرق وقتاً».
ورفضت حركة «طالبان» باستمرار إجراء أية محادثات، وطالبت أولاً بانسحاب كافة القوات الأجنبية من البلاد. ومع انتشار أكثر من 150 ألف جندي أميركي ومن حلف الأطلسي في أفغانستان حالياً، صعد المسلحون هجماتهم بحيث أوقعت الهجمات الانتحارية وتفجيرات القنابل على جوانب الطرق أعداداً كبيرة من القتلى بين صفوف الحلف.
وقتل ما يقرب من 600 جندي أجنبي في أفغانستان حتى هذا الوقت من العام مقارنة مع 521 شخصاً في العام الماضي بأكمله، ما يرفع عددهم إلى 2160 قتيلاً منذ 2001، حسب إحصاءات وكالة «فرانس برس» المستندة إلى موقع «ايكاجوالتيز.اورغ» المستقل على الإنترنت.
وبحسب الأمم المتحدة قتل 1271 مدنياً في أعمال العنف في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى يونيو/ حزيران من هذا العام. ويحتمل مقاتلو «طالبان» مسئولية 76 في المئة من عدد القتلى.
وتسبب ارتفاع عدد القتلى من الجنود الأجانب في تدهور الدعم الشعبي في الدول الغربية للحرب في أفغانستان، حيث أظهر استطلاع أجرته شبكة «سي إن إن» إن 58 في المئة من الأميركيين يعارضون الحرب. وفي استطلاع نشره معهد «غالوب» في أغسطس/ آب الماضي قال 43 في المئة من الأميركيين أن الولايات المتحدة أخطأت بقرارها إرسال قوات إلى أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على نيويورك وواشنطن. وذكر العضو البارز في مجلس السلام الأفغاني، محسوم ستانيكزاي أن دعم حلف الأطلسي «ضروري».
وأكد أن وقف العمليات العسكرية في المناطق التي تجري فيها المحادثات وخفض عدد الضحايا من المدنيين في العمليات العسكرية وإقناع الأفغان بأن «الحلف ليس في أفغانستان لاحتلالها»، هي جميعاً عوامل مهمة في هذه العملية. وأكد أنه من المهم أن يبدأ العمل بالسرعة الممكنة على وضع خطة لنقل المسئوليات الأمنية إلى القوات الأفغانية بحلول 2014.
وأيد المجلس الدولي للأمن والتنمية الذي يقوم بدراسات بحثية واسعة في أفغانستان، فكرة إجراء المحادثات، إلا أنه قال إنه يجب تحديد حجم الحوار بشكل واضح.
وصرح رئيس المجلس، نورين ماكدونالد «من الأفضل بالطبع الحديث عن المحادثات، إلا أن على المجتمع الدولي معالجة قضايا معينة مثل حقوق المرأة» في إشارة إلى المخاوف الرئيسية بشأن التنازلات التي سيطالب بها مقاتلو «طالبان» مقابل السلام.
وأضاف «وإذا لم يحدث ذلك فهناك خطر من تقويض النجاحات التي تحققت في أفغانستان مثل الحقوق الدستورية للمرأة، ما يهدد بدوره بتقويض القدر الضئيل من الوحدة والاستقرار اللذين تحققا في أفغانستان». ويقر المسئولون بأن الأفغان الذين تعبوا من الحرب لايزال أمامهم طريق طويل قبل التوصل إلى اتفاق سلام، وأنه يجب إقناع ليس فقط «طالبان» بل كذلك مؤيدي القوات الغربية في أفغانستان بالسلام أيضاً.
والخميس صرح قائد حلف الأطلسي أندريه فوغ راسموسين أن الحلف مستعد لدعم أية محادثات سلام محتملة مع «طالبان» إلا أنه استبعد وقف العمليات العسكرية التي تستهدف المسلحين. وقال إنه على رغم أن القوات التي يقودها حلف الأطلسي مستعدة لتقديم «المساعدة العملية» لجهود المصالحة، «إلا أن علينا مواصلة عملياتنا العسكرية» ضد «طالبان»
العدد 2963 - السبت 16 أكتوبر 2010م الموافق 08 ذي القعدة 1431هـ