عندما تتحرك في النفوس نزوة الشر واغتنام الفرص لتحقيق المصالح الخاصة تكون الأنانية والانحلال، وإذا جاءت النزوة الشريرة من صاحب علم ورأى تكون السفاهة وبلادة التفكير! في الأسابيع الماضية ثمة انحيازية واضحة، تفوح من بين ثنايا الكتابات والتصريحات بشأن مسألة التوظيف في وزارة التربية والتعليم، ورد أحد المسئولين في تلك الوزارة على عدد من الخريجات بأنه لا توظيف إلا بالواسطة هذه الانحيازية التي جاءت من قبل عدد من الخريجات وبعض النواب وبدخول طرف جديد حديثا كان من الأجدر به أن يكون ملتزما بالحيادية قدر الامكان وهو الطرف الاعلامي المتمثل بالكاتب الصحافي.
وقد دفعني لكتابة الموضوع أمران: الأول هذه الانحيازية الجلية ضد الوزارة والتي تثير الانقسام الطائفي أو تدعمه. ففي الوقت الذي يرحب قطاع كبير من المجتمع - إن لم يكن كامله - بتصريحات الزعيم اللبناني السيد حسن نصر الله بضرورة اليقظة والحذر من دعوات التفرقة، تجد همسات غير مباشرة داخل مجتمعنا المتماسك تدعو إلى التفرقة والشحناء، ومن تلك الأمور التدليس ومحاولة تحوير العبارات التي يصرح بها المسئولون في الوزارة. والأمر الثاني الموضوع الذي نشر في هذه الصحيفة الغراء تحت عنوان: "كشف الدرجات ممنوع... فأين الشفافية يا تربية؟!" إذ انتقدت كاتبة ذلك الموضوع معايير الوزارة في التوظيف وأن الوزارة تمنع الخريجات من معرفة درجاتهن... ولتسمح لي الأخت الكاتبه بالرد، في كل الحالات أقول:
هو تطور بلا شك، ما يحدث في وزارة التربية بشأن معايير التقييم الوظيفي وكيفية اختيار الكفاءات لشغل مختلف التخصصات سواء على المستوى التعليمي أو الاداري أو الفني. وإذا أخذنا بمفهوم المراجعة الموضوعية والرؤية الشاملة لعملية التوظيف من حيث المنهجية والأسس التي تسير عليها الوزارة فإننا نشهد بأن هناك تطورا كميا انعكس في تضاعف أعداد المعلمين والمعلمات في المدارس خلال السنوات الأخيرة، بل إن اختيار الكفاءات المناسبة ساهم بشكل مباشر في تحسين جودة التعليم ومخرجاته، وها هو مشروع جلالة الملك لمدارس المستقبل خير دليل على ذلك. ولتعلم الأخت الفاضلة بأن غالبية الدول المتقدمة تقوم على تلك المعايير في التوظيف من عقد امتحانات تحريرية وعملية إضافة إلى المقابلة الشخصية المكونة من لجنة مختلفة الأوزان كل بحسب تخصصة. ولا يخفى عليكم بأن بعض الدول العربية الآن تدرس منهجية التوظيف في الوزارة في محاولة لتطبيقها ما يدل على نجاح تلك المنهجية.
أما بشأن منع كشف الدرجات فهذا الأمر غير صحيح، إذ يحق للمتقدمة أن تطلب ورقة الامتحان وأن تعاين الدرجة بل تعاين اجاباتها أيضا وإذا أحست بعدم انصافها فلها أن تطلب اعادة التصحيح، إذ تعرض الورقة على عدد من الاختصاصيين في المجال نفسه فيقومون بالتصحيح والتدقيق مرة أخرى. ومن حقي الآن أن أتساءل أبعد هذا كله ولا توجد شفافية؟
أخيرا... هذه دعوة صادقة مني بأن تنظر إلى أية قضية بكل موضوعية حتى لو كنا طرفا فيها، وأن تبنى كتاباتنا على الحقائق بعيدا عن الافشاء والتضليل للمعلومات وذلك لتفادي الأخطار التي قد تهدد وحدة المجتمع وتماسكه.
حسين علي عبدالل
العدد 1094 - السبت 03 سبتمبر 2005م الموافق 29 رجب 1426هـ