سجلت الصحف العربية وخصوصا اللبنانية منها جملة من التطورات المتسارعة التي شهدها لبنان والتي شكلت منعطفا جديدا ونوعيا في عمل لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، خصوصا بعد المؤتمر الصحافي لرئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس الذي أعلن فيه انه طلب توقيف رؤساء الأجهزة لاعتقاده أنهم شاركوا في التخطيط والاجتماعات والتنفيذ بشأن اغتيال الحريري. ولاحظت تأكيد الرئيس إميل لحود على بقائه حتى انتهاء ولايته. وأجمعت غالبية الصحف على ضرورة أن يبقى التحقيق قضائيا وحثت السعودية منها دمشق على التعاون مع لجنة التحقيق بما يمنع "تسييس" الملف وينعكس حتما على مصالح الأمة العربية وأمنها. في حين طالبت الصحف القطرية القضاء اللبناني الحذر من الاندفاع وراء أطراف غربية لتنفيذ مخططات لها في المنطقة. بينما واصلت الصحف الكويتية بث التقارير المستندة إلى معلومات استخباراتية والتي تفيد غالبيتها أن دمشق والرئيس لحود "في مأزق". ورأت الأخيرة في بيان الرئيس اللبناني محاولة لاستباق حراك سياسي مرتقب لعزله.
أما الصحف اللبنانية، فركزت على "الظهور العلني" للخلافات بين الرؤساء فالدعم المعلن لعمل لجنة التحقيق من جانب رئيسي الجمهورية والحكومة، لا يترجم موقفا موحدا لجهة الصلاحيات المعطاة لميليس والالتزام بتوجيهاته ونصائحه، وهذا ما تبدى في بياني لحود والسنيورة إذ لاحظ الجميع أن كلام السنيورة أوحى باعتراض على موقف لحود، وأظهر مؤشرات إلى معركة تدور بشأن مصير توقيف الجنرالات الأربعة، الذي أوحى ميليس باستمرار توقيفهم وطلب من القضاء اللبناني العودة للقانون اللبناني الأمر الذي اعتبر إيحاء من رئيس الجمهورية بإمكان إطلاقهم.
"السفير": لبنان والتطورات "غير محسوبة"
لكن البارز هو ما نقلته "السفير" عن مصدر قضائي رفيع إن ما ورد في الملف المحال من لجنة التحقيق الدولية إلى النيابة العامة التمييزية "كبير وخطير". فلوحظ أن الساحة اللبنانية مرشحة لتطورات غير محسوبة في ضوء ردود الفعل الأولى على هذا المؤتمر من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة إميل لحود وفؤاد السنيورة ورئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري.
ولاحظ جوزيف سماحة في "السفير" أن المؤتمر الصحافي لميليس الذي لم يأت بجديد لم يوفر أساسا لاستثمار سياسي مباشر فبعد التقرير والتوقيفات، كان الخط البياني المتصاعد، قد لامس العتبة التي يمكن معها إطلاق الحملة ضد الرئيس لحود وخوض المواجهة الأخيرة معه.
منصب لحود ورقة للمساومة الخارجية
وهكذا لاحظ ساطع نور الدين في "السفير" أن لحود لا يستبعد أن يتحول المنصب إلى ورقة للمساومة الخارجية بين مختلف العواصم المعنية بالحقيقة وبطرق استثمارها السياسي، وعليه فإنه مازال بإمكان الرئيس لحود أن يصمد. وفي معلومات إبراهيم الأمين في "السفير" أن النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري يقودان محاولة سياسية جادة هدفها التوصل إلى نتائج سريعة بما خص الوضع السياسي، وهما اطلعا من مصادر فرنسية ودولية وثيقة الصلة بالتحقيقات الجارية على معلومات تحسم الاتجاه بأن الجهاز الأمني اللبناني السوري المشترك هو المسئول مباشرة عن عملية الاغتيال وان سورية أمام مرحلة دقيقة للغاية والمعلومات الموجودة لدى المحقق الدولي تجعلها في وضع أصعب.
"المستقبل": معركة فريقي "14 آذار" و"لحود"
ومن جانبها، اعتبرت "المستقبل" أن لحود لم يترك الساحة لتتفاعل مع "حقائق" ميليس التي كانت موضع تشكيك و``نفي" جملة شائعات كانت محور استغلال سياسي، بفعل دخوله على الخط لإعطاء توجيهات غير دستورية وغير قانونية، لكن هذا الخلاف الذي كان متوقعا لم يمنع المراقبين من ترقب مصير الخريطة السياسية الداخلية فالخيارات السياسية المتعارضة مرشحة لمزيد من الشرخ في المرحلة المقبلة خصوصا ما يتعلق بمعركة "رئاسة الجمهورية" بين ما يسمى فريق "14 آذار" من دون "التيار الوطني الحر" وفريق رئيس الجمهورية وحلفائه من جهة ثانية مع سعي كلا الطرفين إلى اجتذاب الكتلة السياسية الشيعية نحوه.
"الشرق": على لبنان أن يحذر من "الأطراف"
ورحب غسان تويني في "النهار" بتحركات القضاء ورأى في الادعاء على المسئولين الأمنيين الأربعة عنوان حرية النيابة العامة التمييزية المستعادة في التحرك. وشدد تويني، على أن حرية القضاء، كانت مرهونة للرباعي الأمني الذي تأسره هي الآن! ورأت "الشرق" القطرية انه من السابق لأوانه الجزم بتورط هؤلاء لكن تداعيات الاتهام لها افرازاتها الخطيرة على لبنان وجيرانه، الأمر الذي يستدعى من القضاء اللبناني أخذ الحذر من الانجرار وراء أطراف غربية ربما تمارس دورها عبر ضغوط خفية على اللجنة الدولية لتنفيذ مخططات لها في المنطقة.
"الوطن": لقاء سورية وميليس "مشبوه"
ولفتت "الوطن" السعودية إلى أن المسألة تتمركز بشأن مدى التعاون السوري. وإذ ركزت على أن لدمشق مبرراتها فمجرد لقاء اللجنة مع أي مسئول سوري سيضعه ضمن دائرة الشبهة. واعتبرت انه من الأفضل أن تتوصل سورية إلى شكل مقبول وتسوية فالقيادة السورية أظهرت دائما حكمة وستتخذ القرار الصحيح بما يخدم مصلحتها، والذي ينعكس حتما على مصالح الأمة العربية وأمنها واستقرارها.
العدد 1095 - الأحد 04 سبتمبر 2005م الموافق 30 رجب 1426هـ