ويواصل أهالي الجفير حديثهم المشوب بآلام عن ما تجري من ممارسات ضمن اروقة منطقتهم برغم تأكيدهم الدائم أنهم ليسوا ضد السياحة أو تفعيل الاستثمار السياحي ولكن انه لا يكون ذلك على حساب قرائهم. هل لا تتفق قيمنا الاجتماعية مع الحاجة لاستقطاب الاستثمار السياحي. قد تختلف وجهات النظر بشأن المنظور الشامل للسياحة والممارسات التي يمكن ان تصحب هذا النوع من الاستثمار ولكن الجميع يؤيد بالنهاية ان اقتصادات الدول على اختلافها وتعدد مصادرها دائما ترتقي بهذا الجانب. لكن أين وكيف. يتفق جاسم الشيراوي الذي يقطن الجفير منذ 12 عاما يتفق على ان الممارسات التي قد تصحب استقطاب الاستثمار السياحي قد لا تروق لاهالي أية دولة تتجه نحو السياحة لكن هذا لا يعني الاستغناء عن هذا المصدر الحيوي المهم شرط ان يكون ضمن مناطق يخطط لها مسبقا على انها مناطق سياحية وليس بين بيوت أهالي البلد. يقول الشيرواي: "قبل أن اقوم بشراء أرض في هذه المنطقة كنت قد أجريت مسحا شاملا على مناطق البحرين ووقع اختياري على الجفير بعدما حصلت على تأكيدات من المسئولين في وزارة الاسكان والتخطيط الطبيعي والبلديات بأن هذا الحي لن يسمح بالبناء فيه الا لطابقين. كان التخطيط واضحا وحدودها واضحة لكن مع منتصف التسعينات بدأت النشاطات المختلفة وغاب التخطيط المستقبلي واصبح الحصول على الكسب المادي بأية وسيلة وان كان من خلال ممارسة البغاء هو الذي يتحكم في تخطيط المنطقة". ويضيف: "غالبية الفنادق لا يوجد لها مواقف سيارات ومرتادوها يوقفون سياراتهم في الشوارع المؤدية الى بيوتنا... وخير مثال على هذا الوضع وجود فندق كبير قام صاحبه باستغلال المساحة المخصصة لمواقف السيارات لانشاء مرقص ووضع حواجز اسمنتية حول فندقه كما لو انه منشأة عسكرية ضاربا بعرض الحائط جميع القوانين والضوابط المعتادة". ويزيد: "في معظم دول العالم هناك مرافق سياحية ومراقص وبعض الممارسات التي ربما لا نتفق معها. ولكن هناك أماكن وأحياء تخصص لهذه الاغراض. ولها مرتادوها بعيدا عن الاحياء السكنية. الجميع يراعي حرمة البيوت بما فيها المجتمعات غير المسلمة كيف هذا يحدث في البحرين؟". صرخات استغاثة يؤكد لنا الاهالي واقعة تبدو غريبة بل مستهجنة على المجتمع البحريني المعروف عنه قيم التسامح ودماثة الأخلاق وذلك عندما استيقظ بعض الأهالي على صرخات فتاة عربية قام مجموعة من الشبان بإلقائها من سيارتهم بعدما اوسعوها ضربا وتركوها تنزف في الشارع قبل ان يتدخل الأهالي ويقوموا باسعافها والاتصال بالشرطة. وتتواصل القصص التي يرويها الاهالي... لسنا ضد الاستثمار ولكن...بهذه العبارة بدأ عبدالغفار الكوهجي حديثه معنا اكد ان البحرينين جميعهم وليس فقط من يسكنون الجفير متفقون على ضرورة جلب الاستثمار وتشجيع الاستثمار السياحي بما يخدم الاقتصاد الوطني.لكن أين مصلحة المواطن؟ يقول الكوهجي: "هناك دائما أمثلة كثيرا ما تتردد عن نجاح إمارة دبي في استقطاب الاستثمارات الأجنبية لاسيما السياحية منها. وأنا شخصيا أرى في دبي نموذجا خليجيا ناجحا في استقطاب الأموال الأجنبية والمحلية. لكن هل يؤثر هذا الاستثمار على راحة وتقاليد وأعراف سكان دبي من الإماراتيين؟ هذا السؤال الذي يجب أن يوجه للمسئولين". ويضيف: "لقد قمت بزيارة إمارة دبي مع عائلتي لعدة مرات بقصد السياحة والتسوق لكننا لم نر فندقا أو مرقصا داخل حي سكني يسكنه الإماراتيون كما يحدث في الجفير. لديهم تخطيط واضح ومفهوم للتوجه العمراني ولتقسيم الأراضي وتوزيعها. ولم يكن للمسئولين والمستثمرين والقطاع الخاص بكال مجالاته هناك ان يتقدم وينجح لو كان هذا النجاح سيتم على حساب كرامة المواطنين هناك وحرمة بيوتهم وعائلاتهم". الكوهجي وصف الزحف الفندقي والشقق المفروشة التي تخصص لاغراض مشبوهة بالسرطان الذي بدا في شارع المعارض ومن ثم انتشر ليصل الى منطقة الجفير حتى باتت الحياة معه شبه مستحيلة. يقول الكوهجي: "غالبيتنا أتينا من منطقة القضيبية والحورة بعدما انتشرت بها الفنادق والمراقص الليلية وأصبحنا نعيش حال حظر على عائلاتنا وخصوصا في عطلة نهاية الأسبوع. تركنا بيوتنا التي تربينا ونشأنا بها بعدما أصبحنا "دخلاء" في وطننا بين الآسيويين الذين أصبحوا هم أهالي المنطقة من جهة ومرتادي المراقص الليلية من الخليجيين من جهة أخرى. اخترنا الجفير على أساس انها منطقة سكنية ووضعنا مدخراتنا واقترضنا لبناء بيوتنا والآن جاء الزحف الفندقي والممارسات غير الأخلاقية لتهدم كل ما بنيناه لسنوات". النفوذ سيد الموقف في الجفير واقع الحال في هذه المنطقة التي أصبحت من أغلى مناطق البحرين من حيث أسعار الأراضي يشير الى سوء التخطيط وضعف البنى التحتية كما لو أن القرار فيها كان في غالبية الأحيان وليد اللحظة أو ربما الصفقة... يقول الكوهجي: "ليس من الصعب على أي من المتنفذين الحصول على ترخيص بناء فندق او بناية تحتوي على شقق من دون مراعاة أية اعتبارات. وعلى رغم جميع التأكيدات التي حصلنا عليها من أن المنطقة سكنية لكن ما حدث هو العكس وأصبحنا للمرة الثانية دخلاء". مرقص يجاور بيت الله في داخل احدى شوارع الجفير الفرعية يوجد فندق صغير مضى على انشائه عشرة أعوام ولا يبعد عن مسجد صغير سوى بضعة امتار. لم يكن الاهالي ليبدو اعتراضهم على اقامة هذا الفندق طيلة الفترة الماضية كون الفندق مؤلفا من طابقين ولا يوجد فيه مرقص ليلي. وغالبية رواده من العائلات الخليجية... لكن يبدو ان الحال على وشك التبدل بعدما قرر صاحب الفندق تحويل الصالة الرياضية داخل الفندق من دون مقدمات... يقول الكوهجي: "لم نعترض على هذا الفندق الصغير الذي كان غالبية رواده من اعضاء النادي الصحي وبعض العائلات الخليجية في عطلة نهاية الاسبوع... لكن قبل فترة وجيزة تم اخلاء الصالة الرياضية وقرر صاحب الفندق تحويلها إلى مرقص ليلي... هل يمكن السكوت على هذا الحال وهذا الفندق يتجاور مع بيوتنا والاهم بيت الله الذي لا يبعد عنه سوى أمتار معدودة". ويضيف: "لقد حاولنا الاتصال به لإبداء اعتراضنا وطلب منا صاحب الفندق عدم تصعيد الموقف. لكن هل يفترض ان ننتظر إلى ان يتحول إلى مرقص أمام بيوتنا؟ هذا الفندق لا يوجد لديه مواقف للسيارات ما يعني ان زبائن المرقص المزمع إنشاؤه سيستخدمون ابواب بيوتنا كمواقف لسياراتهم لكن من دون فائدة... كيف يمكن ان نسمح لهذا الانتهاك ان يحدث لنا ولعائلاتنا؟ناهيك عن الممارسات التي تصاحب وجود المراقص بالعادة". تحويل الأنشطة بدأ مجمعا سكنيا... وتحول الى فندق... وانتهى إلى دار للبغاء... هذا التدرج بتحويل الانشطة ما حدث للمجمع السكني المقابل لمنزل امتياز سرواني - بحسب تأكيداته - الذي كان قد انتقل قبل 10 اعوام من منطقة عوالي التي عاش بها لأكثر من 20 عاما ليسكن الجفير... يقول امتياز: "امام منزلي هنا مجمع سكني"كمباوند" مؤلف من ست فلل. في البداية كانت تؤجر لعائلات أجنبية. يبدو أن الامر لم يرق لاصحاب هذه الفلل فقاموا بتحويلها إلى فلل مفروشة تؤجر لفترات قصيرة وتوفير بائعات الهوى لزبائن الفلل". ويضيف: "تقدمنا بشكوى عن ما يحدث وتحدثنا الى صاحب المجمع الذي وعدنا بعدم السماح لهذه الممارسات لكن الامور مستمرة... كل ما يحدث هنا غير قانوني". النائب بوخماس... جهات عدة مسئولة عن مشكلة الجفير النائب حسن بوخماس أكد بدوره ما جاء به الاهالي من شكوى عن الممارسات غير المقبولة والتجاوزات على القانون التي تحدث في منطقة الجفير مشيرا إلى أن الجهات المختصة حتى الآن لم تقم بأية اجراءات لوقف هذه الممارسات... بوخماس كان قد لوح قبل بضعة اشهر برفع دعوى قضائية إلى النيابة العامة ضد ادارة السياحة التي لم تتخذ حتى الان أي اجراء لوقف الانشطة المشبوهة التي تمارس في بعض الفنادق والشقق المفروشة في منطقة الجفير يعاود التأكيد على أهمية تدخل الجهات المختصة سواء الجهات المانحة لتراخيص البناء وإدارة السياحة أو وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المخولة بالحفاظ على الأمن والآداب العامة وهي الجهة المعنية ايضا بإصدار التأشيرات لبعض رعايا الجنسيات الآسيوية والإفريقية التي تمارس البغاء في البحرين من دون رقابة. يقول بوخماس: "قبل ان اكون نائبا انا مواطن بحريني اسكن هذا الحي كغيري من الاهالي وبالتأكيد لدي حرص على عائلتي كبقية الناس هنا. إن ما يحدث داخل هذا الحي الذي كان يفترض ان يكون من ارقى الاحياء السكنية في البحرين لا ينسجم على الاطلاق مع ديننا وعاداتنا... لقد رفعنا أكثر من خطاب إلى إدارة السياحة للتحقيق في عدد من المخالفات التي نشتكي منها وقد اقر الوكيل المساعد للسياحة بهذه المخالفات الا ان الإدارة لم تتخذ أية اجراءات. هذا السكوت يثير أكثر من سؤال في أذهاننا. هل أصحاب هذه الابنية من المتنفذين وبالتالي لا تطبق عليهم القوانين؟ أم ماذا؟". النفوذ اللاعب الأساسي في الجفير يقول بوخماس: "الآن نواجه مشكلة اخرى ستزيد بدورها من معاناة الاهالي هنا اذ يعتزم احد اصحاب الفنادق هنا هو تحويل الصالة الرياضية في الفندق إلى مرقص ليلي. وكون هذا الاجراء سيلحق ضررا كبيرا بالاهالي الذي يقطنون المنطقة خصوصا ان الشارع الذي يقع به الفندق مليء بالفلل التي تقطنها عائلات بحرينية محافظة قمنا وبحسب الاجراءات القانونية المتبعة بمخاطبة إدارة السياحة وتوضيح الموقف من إقامة مرقص ليلي داخل حي سكني لا يحمل أية خصوصية سياحية". يشير بوخماس ان ما يحدث في الجفير لا يمكن تفسيره الا بحال الاستهتار بمشاعر وكرامة الناس وغيرتهم على عائلاتهم ودينهم... حتى اصبح الناس هنا يخشون على ابنائهم وبناتهم من المشاهدات اليومية لهذه الممارسات غير المقبولة على الاطلاق حتى في المجتمعات الغربية. من المسئول عن هذه التجاوزات؟ يؤكد النائب بوخماس ان التجاوزات التي تحدث لم تقتصر على فندق واحد بل عدة فنادق. فعلى مقربة من
العدد 1098 - الأربعاء 07 سبتمبر 2005م الموافق 03 شعبان 1426هـ